اسيا العتروس*
لسنا واهمين و لا نحن منفصلين عن الواقع العربي المشين و هو واقع ممزق غارق في التفكك و الانحطاط و البذاءة و كل المصطلحات السوداوية القاتمة تليق به و يبقى في نهاية المطاف نتاج الحكومات و الانظمة العربية المتعاقبة التي اشتركت في صنع و رسم هذا الواقع بكل ما فيه من ماسي و هي كثيرة و متعددة و لكن ايضا من افاق اوامال و هي ضئيلة و ربما جاز القول ان الحديث في خضم هذا المشهد الذي طالت ازماته عن شسء اسمه خط الغاز العربي بدا و كانه شيء غريب و متناقض مع مشهد بات معاديا و متنصلا من مفهوم العروبة شعار الراحل كلوفيس مقصود المفكرو الكاتب و الاعلامي و الديبلوماسي اللبناني الذي خسره لبنان و لم يكسبه العرب طوال فترة تواجده في واشنطن او نيويورك ممثلا لجامعة الدول العربية في امريكا …رحل شيخ العروبة كلوفيس مقصود و بقي الشعارالذي يبدواليوم انه يتجدد ويبحث له عن موقع في مشهد بلا بوصلة او توجه في الخارطة العربية المخترقة و قد اصابها الانهاك و التقسيم و التفكك ..
الحديث عن شيء اسمه عروبة فرضته الاخبار القادمة من العاصمة الاردنية عمان التي الاجتماع الوزاري لدول خط «الغاز العربي» و هي مصر والأردن وسوريا ولبنان و قد اتفقت بعد لقاء الامس على إيصال الغاز الطبيعي الذي جاء تحت عنوان اقتصادي بحت و يهدف بشكل أساسي للتعاون في مجال إعادة تصدير الغاز الطبيعي المصري للجمهورية اللبنانية عبر الأراضي الأردنية والسورية من خلال ما يوصف بخط الغاز العربي كبادرة على ان التعاون بين دول خط الغاز العربي سيكون خطوة فعالة ومؤثرة في دعم المشاريع الاستراتيجية وتعزيز المصالح المشتركة والتي من شأنها أن تنعكس إيجاباً على التنمية الاقتصادية والاجتماعية في هذه الدول الاربعة ، الاجتماع فرضته الازمة الخطيرة التي يعيش على وقعها لبنان منذ فترة و حاجته الملحة للطاقة تجنبا للانهيار الداهم ..
المهم في اجتماع الحال ان سوريا التي اعادت اصلاح خط انبوب الغاز الذي يمر عبر اراضيها جراء االحرب المدمرة في سوريا و الاهم ان التنسيق بين العواصم الاربعة القاهرة و عمان و بيروت و دمشق تجاوز حالة الجمود و يتجه الى تاكيد اهمية هذا المشروع الذي وصفه
وزير النفط والثروة المعدنية السوري بسام طعمة، بأنه يعد من أهم مشاريع التعاون العربي المشترك والذي تجسّد بشكل واضح على الأرض منذ عام 2003. ..ليس مهما ان كان هذا التحرك جاء لتطويق الدور الايراني و ازالة كل الاسباب التي دفعت بيروت الى التعويل على السفن الايرانية لضمان تزويدها بالمحروقات و ليس مهما ان يكون هذا اللقاء الرباعي جاء لسحب البساط امام أي طرف من الاطراق الاقليمية و الدولية المتدخلة في المنطقة فالاكيد ان في تفعيل ما يسمى بخط الغاز العربي على ارض الواقع ما يمكن ان يكون خطوة اولى نحو مزيد الخطوات المصيرية و ما حوجنا اليها …
هناك شيء ما يحدث في المنطقة بعد قمة بغداد و منها قمة الاردن الثلاثية و اجتماعات وزراء الخارجية العرب امس بالقاهرة ..صحيح انه سيكون من السذاجة الى درجة البلاهة التعويل على تحولات جذرية في المواقف ازاء الازمات الحارقة في المنطقة العربية او ما يوصف بالشرق الاوسط الكبير …و هناك محادثات و عمليات جس نبض بين دول الخليج بعد ذوبان الجليد في قمة العلا و هناك محادثات بين القاهرة و انقرة و بين القاهرة و الدوحة و كلها تحتمل اكثر من قراءة و اكثر من تاويل و هي بالتاكيد تحتاج الى الارادة الصادقة حتى لا يصح في وصفها شعار الحمل الكاذب الذي يمكن ان يوهمنا بوجود مؤشرات ايجابية في اعادة رسم المشهد و تجاوز حالة الانهيار الحاصل منذ عقود من الصراعات و الازمات و الحروب المعلنة و الخفية و الحروب بالوكالة التي خلفت ملايين المشردين و المهجرين و حرمت اجيالا من الحرية و الكرامة و الحق في التعليم و الرقي من العراق الي اليمن و سوريا و لبنان و فلسطين و ليبيا و السودان لتاتي ازمة كورونا و تضاعف محنة الجميع دون استثناء … و ربما وجبت الاشارة ايضا الى حدث مر دون ان يثير ادنى اهتمام في مختلف الاوساط السياسية و الاعلامية و هو خبر زيارة وفد لبناني رسمي الى العاصمة السورية دمشق لاول مرة منذ عشر سنوات أي منذ الانفجار الذي حصل بين سوريا و لبنان و دفع الى القطيعة بين البلدين …
ليس سرا ان الزيارة كانت بدعم امريكي و تهدف لفتح الطريق أمام خط الغاز العربي لتخفيف أزمة الكهرباء في لبنان و جلب لطاقة الكهربائية من الأردن عبر سوريا..قد يكون من السابق لاوانه الجزم بان المنطقة تتجه الى حقبة جديدة بعد التطورات الحاصلة في افغانستان و بعد عشرين عاما على التدخل الامريكي في هذا البلد و منه الى العراق ..كما انه من السابق لاوانه اعتبار ان في ذلك مؤشر على ان دعوة الجزائر لعقد قمة عربية لترتيب البيت المهدد الذي اضعفته الازمات و الفيروسات السياسية و الصحية ..و لكن يمكن القول ان هناك شيء اسمه الخط العربي للغاز على ارض الواقع و هو خط يمكن أن يثمر بما يعيد سوريا الى حيث يجب ان تكون في مجمع الدول العربية ا وان تتحول بدلا من ذلك لا قدر الله الى انفجار جديد ياتي عل الاخضر و اليابس ..حتى الان لا يزال التدارك ممكن و لايزال النهوض من الدمار محتمل …بعد مصر وتونس و السودان .. اخيرا و ليس اخرا بالامس وصل رئيس الحكومة الليبية الى تونس عبد الحميد الدبيبة ليلتقي الرئيس قيس سعيد بما يرجح ان هناك محاولات لتهدئة النفوس و تجاوز ازمة الفترة المنقضية بين البلدين و التي وجدت لها في المواقع الاجتماعية ما يؤججها و يجهلها اقرب الى الفتنة , و سيكون للزيارة دورها في اعادة فتح الحدود بين البلدين و الانصراف الى ما يفترض ان يعزز مصالح الليبيين و التونسيين , بالامس ايضا جاءت نتائج الانتخابات المغربية لتعكس توجه الناخبين المغربيين الى طي صفحة العدالة و التنمية و معها طي ورقة الاسلام السياسي بعد تجربة استمرت عقدا في السلطة ..كثيرة هي الاشارات و العناوين التي تدعو الى ضرورة اقتناص اللحظة و التوقف عن اهدار الفرص و اضاعة الوقت فهل ينتبه اصحاب السلطة الى ذلك ؟
*كاتبة تونسية