الأحد , سبتمبر 8 2024
الرئيسية / اراء / الحراك التركي – الخليجي الاسرائيلي

الحراك التركي – الخليجي الاسرائيلي

د/جواد الهنداوي*
هو تنافس على تَرِكة امريكا في المنطقة، هو تنافس على النفوذ في المنطقة وعلى مساحة الفراغ السياسي، الذي (واقصد الفراغ) حدثَ وسيتفاقم جرّاء خروج امريكا من المنطقة.
هذا التنافس هو الذي يفسّر التحّولات والتحرّكات السياسيّة التي تعيشها دول المنطقة ،ومنها التوجّه و الانفتاح التركي نحو المملكة العربية السعودية ونحو مصر وكذلك تجاه الامارات، وهو ايضاً يُفّسر اللقاءات والقمم العربية الاسرائيلية، والتي انعقدت في شرم الشيخ وفي النقب .
ادركّت الآن دول المنطقة، وخاصة تلك التي امنها جزءٌ من الامن القومي الامريكي، واقصد الدول الخليجية وكذلك الكيان الاسرائيلي، حقيقتّين؛ الاولى هو نفوذ ايران وقدراتها في المنطقة، والحقيقة الثانية هو انحسار الدور الامريكي من المنطقة، وتفرغها للشأن الروسي والصيني.
للقاءات التركية الخليجية الاسرائلية اهداف اقتصادية واخرى، ولكن صُلبها و جوهرها هو التجمّع، رغم بعض الخلافات، حول مشترك واحد وهو خلق توازن سياسي وعسكري مع قوّة ايران الاقليمية والدولية؛ قوّة تستمدُ معينها من مصدريّن: الاول هو قدرات ايران في جغرافيتها ومورادها الطبيعية والبشرية وما حققّته من تطورات واستقرار سياسي رغم العقوبات والتحديات الاقتصادية الكبيرة، والمصدر الثاني، والذي لا يقل اهمية من الاول هو علاقات ايران الاستراتيجية مع روسيا و مع الصين. وهي علاقات في درجة تحالف استراتيجي مع قوى صاعدة وفي طريقها نحو الهيمنة على العالم اقتصادياً وسياسياً، بخلاف امريكا، والتي تواجه تدهور ذاتي و تذمّر اصدقائها وحلفائها في المنطقة.
من الخطأ الظّن بأنَّ هدف الحراك التركي السعودي او الخليجي الاسرائيلي هو مواجهة ايران او مسعى لعدائها، الهدف هو، كما ذكرت اعلاه، هو خلق حالة من التوازن في المنطقة؛ والنوايا في المواجهة والعداء هي غير النوايا في ايجاد توازن في العلاقة لغرض العيش المشترك رغم الاختلاف والخلاف.
ليس لاطراف الحراك التركي و الخليجي، ولا لايران ايّة مصلحة في المواجه و الاستعداء، جميعهم يدركون هذه الحقيقة، بل ويعملون على ترسيخها، ولربما اطراف الحراك ( تركيا والامارات ) يكبحون عدوانية الكيان الاسرائيلي تجاه ايران ،حرصاً على امن و مصالح الامارات و الخليج بصورة عامة.
ما يهّمُ تركيا في الوقت الحاضر هو الحفاظ على نظامها السياسي و الاقتصادي و النقدي من التصدّع والانهيار، وحرص الرئيس اوردغان على الاستمرار في قيادة تركيا. لم يعُدْ نفوذ تركيا في المنطقة ، ولا الاخوان المسلمين، ولا حركة حماس وفلسطين من أولويات الرئيس اوردغان، وخاصة بعد فشل الرهان على مرحلة الربيع العربي وعلى الجماعات المسلحة و الارهابية وعلى نهج تغيير النظام في سوريا.
تحاول تركيا اليوم، من خلال سعيها لاعادة العلاقات مع الامارات ومع السعودية ومع مصر، وبشروط تلك الدول، وخاصة مصر، الى الخروج اقتصادياً وسياسياً من عنق الزجاجة. وتحاول ايضاً العودة الى تطبيق مبدأ “تصفير المشاكل”، والذي تبناه وزير خارجية تركيا الاسبق، قبل اكثر من عقد من الزمن، لكن دون تطبيقه.
ابتدأت تركيا في نهج تحسين علاقاتها مع الامارات والسعودية ومصر والكيان المحتل قبل سوريا لسببيّن؛ الاول هو حاجة تركيا لتلك الدول حاجة اقتصادية وسياسيّة، والسبب الثاني هو حجم وتشّعب الاشتباك التركي السوري ،مما يتطلب امر حلّ عقدهِ وقتاً وجهداً.
ولا نعلم فيما اذا دولة الامارات العربية المتحدة او جمهورية مصر العربية قد طلبت من تركيا انسحابها من الاراضي السورية او احترام سيادة الدولة السوريّة، او على الاقل، بدء تركيا بعض الاجراءات الدالّة على توجّه حقيقي للانسحاب من سوريا و احترام السيادة السوريّة.
تشعرُ دول الحراك التركي الخليجي الاسرائيلي وخاصة اسرائيل، انها “أُخذتْ على حين غرّة”، وخسرت وقتاً طويلاً في الرهان على السُّلمْ الامريكي من اجل تحجيم دور ونفوذ وقدرة ايران، و اذا بهذه الدول تجدُ ايران تحافظ ( ان لم نقلْ تضاعف ) على قدراتها و على تطوير علاقاتها مع الامارات ومع تركيا وتشرعُ في علاقاتها مع المملكة العربية السعودية، وحتى مع امريكا .
أنسحاب امريكا سياسياً من المنطقة وتدوير بوصلة اهتماماتها نحو الصين واسيا وروسيا، وعوامل اخرى، جميعها ستساهم في استتاب امن و استقرار المنطقة وسيُحدُ من غطرسة وعنجهيّة اسرائيل وتهديداتها بالهجوم على ايران او على لبنان.
والعلاقات الاسرائيلية التركية والخليجية والعربية (مصر، الاردن، المغرب) ستكون بمثابة غطاء سياسي و معنوي لاسرائيل بعد تعّريها عن غطائها الامريكي.
الحراك التركي الخليجي الاسرائيلي ليس لخلق ناتو شرق اوسطي او عربي ضّدَ ايران او لشّن حرب على ايران، وانما لخلق توازن نفوذ مع ايران.
*كاتب ودبلوماسي عراقي

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

نتنياهو كذّاب وفاشي بامتياز!

د. جاسم يونس الحريري* في28 نوفمبر2011 وبسبب خطأ فني في تقنية الاتصالات كشف عن فحوى …