نزار حسين راشد
الهزّات الإرتدادية، والشرخ الذي أحدثته العمليات الفدائية في بناء الدولة الإسرائيلية وبنيتها الإجتماعية والسياسية، هو الأثر الأبلغ والأبعد مدى، وليس ما يحاول الإعلام الإسرائيلي نقل التركيز إليه أي سقوط حكومة بينيت، فهذه مجرد محاولة فاشلة لتخفيف الصدمة وستر عمق الصدوع التي أحدثتها العمليات في جدران البناء الأمني والسياسي والاحتماعي.
التتابع والتعاقب القريب والوتيرة المتسارعة التي حدثت بها العمليات يعني فشلاً ذريعاً وفاضحاً للمؤسسة الأمنية الإسرائيلية بكل أجهزتها وتقنياتها التي هي حجر الزاوية و الأساس في هيكل الدولة الإسرائيلية والتي طالما طاش رأسها تيهاً بمدى كفاءتها ومتانتها.
ولا يوجد مؤشر أبلغ على هذا الفشل والإفلاس من محاولة إعادة نتتياهو إلى المشهد وإسناد دور المنقذ إليه من خلال الترويج الإعلامي.
باختصار فكل ما في إسرائيل يتخبط وتصطك أسنانه ذعراً ورعباً.
والسؤال الجدير بالطرح على هذا السطح الساخن، هو هل ستترك فصائل المقاومة الفلسطينية الحصان وحيداً وتدع هؤلاء الفدائيين ليخوضوا معركتهم بلا سند ولتصفي إسرائيل حساباتها معهم بينما هم يتفرجون ويبثون الأغاني الحماسية؟
ولندع جانباً المقاومة غير الفلسطينية خارج الحدود فهي غارقة إلى الأذنين في جُبّ أوضاعها الداخلية، وتخوض معركة سياسية قد لا تربحها في ظل التوجه الإيراني لتبديل سياساتها الخارجية وبالذات دعم الفصائل المسلحة كالحوثيين وحزب الله كثمن تدفعه مقابل القبول الأمريكي بالعودة للاتفاق النووي وهو أولى الأولويات بالنسبة لإيران التي قد تضحي على مذبحه بالتنظيمات التابعة لها خارج حدودها الوطنية، فيما يبدو أنه مطلب أمريكي في مقابل الاتفاق النووي، وربما هذا ما حدا بالحوثيين لقبول المبادرة السعودية بعد طول صلف وعناد مدفوعين بالدعم الإيراني.
عودة نتنياهو إلى المشهد السياسي الإسرائيلي كبطل منقذ ستدفعه في أحد أتجاهين ليلعب دور البطل المسند إليه، وهما إما الاصطدام بالسلطة الفلسطينية لأنه حتماً سيلقي عليها بعبء الفشل الإسرائيلي بذريعة أن العمليات قادمة من تحت خيمتها ومن مجال سيطرتها، وفي هذه الحالة سيكرس مرة أخرى فشله وفشل هذه السلطة التي لا تستطيع أن تقدم أكثر مما قدمته عبر التنسيق الأمني، إلا أن تصطدم بشعب الضفة الغربية وسيكون هذا خياراً انتحارياً بامتياز في ظل الضيق الذي يعيشه الشعب بفعل سياساتها المتوازية تماماً مع سياسات إسرائيل.
أو أن يلجأ إلى شن حرب جدبدة على غزة في إطار ما سبقه بينيت إلى تسميته بكاسر الامواج، وهي تسمية سخيفة ستستدعي نتائج ليس فقط أكثر سخفاً بل أكثر وبالاً وأشد وقعاً على إسرائيل بما يهدد وجودها ذاته.
فهل هذه إرهاصات بتحقق النبوءة بزوال إسرائيل في عامنا الحالي 2022؟
ربما لا نتعجل بنعم ولكنها حتماً بداية السقوط.
*كاتب اردني
