الجمعة , مارس 29 2024
الرئيسية / اراء / معايير العالم الأعوج!

معايير العالم الأعوج!

بسام أبو شريف*
لا شك ان زيارة الأخ أبو مازن لألمانيا اثارت ضجة كبرى لم تكن متوقعة .
والسبب ليس الزيارة بحد ذاتها ولا مطالبة أبو مازن المانيا بالاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة ولا بقول الرأي حول ماذا يعني حل الدولتين ان لم ينفذ ، الضجة الكبرى التي اثارتها زيارة أبو مازن هو ما تجرأ أبو مازن على قوله اثناء المؤتمر الصحفي الذي عقده مع المستشار شولتز مستشار المانيا الغربية .
اذ ان أبو مازن ذكر وبشكل متحمس اثناء المؤتمر الصحفي ان ما ارتكبته إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني يمكن ان يلخص بخمسين مجزرة قتل فيها أطفال ونساء وقتل فيها شعب اعزل من السلاح وما زال هذا الشعب يقع في دائرة اطلاق النار والحصار والتجويع والاذلال وانه آن الأوان لهذا العالم بان يعترف بحقوق الشعب الفلسطيني والمساومة التاريخية التي بادر بها الشعب الفلسطيني ومجلسه الوطني وهو الاعتراف بدولة فلسطينية ضمن حل الدولتين لقد ذكر الرئيس أبو مازن في هذه المناسبة القليل القليل مما ارتكبته الصهيونية والكيان الصهيوني والعنصريين الدمويين من جرائم ضد الشعب الفلسطيني اذ انه وحتى اثناء ذلك المؤتمر الصحفي صدر بيان رسمي عن الجيش الإسرائيلي يعترف به بانه قتل الأطفال الخمسة في غزة ولم يقتلهم صاروخ الجهاد الإسلامي كما ادعت إسرائيل قبل ذلك أي انها ارتكبت الجريمة وبكل وقاحة تعترف بها ومطمئنة بان أحدا لن ينتقدها لانها ترفع سيف الابتزاز لان كل من ينتقد إسرائيل هو مجرم باللاسامية من هنا …
من هنا شعر شولتز بالخوف وارتعد من كلام أبو مازن ليس لانه يذكر الحقيقة فقط بل لانه قيل امامه وعلى مرأى من العالم عبر اجعزة الاعلام والتلفزيون واهم شيء انه قيل امام الشعب الألماني الذي كان يراقب مجريات ذلك المؤتمر الصحفي .
الشعب الألماني يعلم تمام العلم انه كان موضع ابتزاز وتهديد من الصهاينة منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية حتى هذه اللحظة وان الصهاينة ابتزوا الالمان دافعي الضرائب طوال هذه الفترة وما زالوا يبتزونها باخذ الغواصات النووية دون ان يدفعوا ثمنها واستمرار دفع التعويضات لمن تحالف مع الصهاينة مع هتلر النازي ليهجر ويسمح بهجرة اليهود الالمان الى فلسطين ليغتصبوا ارضها ويرتكبوا الجرائم بحق شعبها ،
كانت أجواء المباحثات سلبية فقد لمس أبو مازن ان الالمان لن يوافقوا على ما طرحه من ان هنالك نية لاعادة طرح الاعتراف بفلسطين كدولة مستقلة وعضو كامل في الأمم المتحدة وان أبو مازن طلب من الالمان تأييد ذلك وانهم رفضوا تحت شعار وتحت علم ان الوقت غير مناسب لمثل هذه المحاولة بطبيعة الحال لن يكون ابدا الوقت مناسبا لا الآن ولا في المستقبل لاي مستشار الماني يخضع لابتزاز الصهاينة من اجل ان يقف الى جانب الحل المساوم حل الدولتين ، ما قاله أبو مازن هو شكوى الضحية من السياف الذي ما زال ينزل على رقاب الأطفال بسيفه فيقطعها ويهاجم الحوامل ليقتل الاجنة في بطون الأمهات الفلسطينيات فلذلك أبو مازن ضمن المعادلة الصهيونية طالما انه اشتكى من الظلم والاجرام الصهيونيين فهو مدان ومتهم بانه معاد للسامية واذا صمت شولتز على تلك الملاحظات فهذا يعني انه يؤيد من يهاجم الساميين وهو لا سامي مناهض للصهيونية ، يظن لابيد وهو تلميذ غبي منذ ان دخل جامعة تل ابيب يظن ان العالم جاهل ولا يدري ان الأطفال الآن يتعاملون مع جوجل ومنصات الحقائق والمعلومات اكثر مما يتعامل هو وانهم يعلمون تمام العلم بان إسرائيل حكم عنصري دموي يرتكب الجرائم جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية ويرتكبون المجازر كل يوم ضد الأطفال والنساء والمدنيين وانهم يقصفون البيوت لتهدم على اسرة ينام فيها أطفال أبرياء كما جرى في غزة وكما يجري في الضفة الغربية يرى كل طفل انهم يهاجمون مؤسسات حقوقية مؤسسات دعم حقوق الانسان مؤسسات الحق والعدل ويغلقونها لانهم ضد الحق ضد العدل ضد الإنسانية ويرتكبون كل يوم جريمة لابيد الجاهل لا يعلم ان العالم اجمع سواء تجرأ على قول الرأي ام لم يتجرأ يعلم انهم يرتكبون الجرائم كل يوم يعلم انهم يغتصبون وينهبون الأرض الفلسطينية كل يوم يعلم انهم يتوسعون في استيطانهم الاستعماري كل يوم انهم يهدمون البيوت الفلسطينية ويهجروا العائلات خاصة من القدس كل يوم العالم يعلم وان تغافل لابيد الغبي عن ذلك معتقدا ومقنعا نفسه بان العالم لا يكترث لما تفعل إسرائيل ولا يكترث لقتل الأطفال الفلسطينيين ولا يكترث لهدم بيوتهم ولا يكترث لتهجيرهم لذلك نضيف لابيد للائحة الذين سيدفنهم التاريخ سريعا وسيضطرون للاستقالة سريعا وسيخسرون أي انتخابات قادمة سريعا رغم انه عنصري دموي يأمر بقتل الأطفال الفلسطينيين فالصراع في إسرائيل مختلف من حيث الطعم والرائحة واللون فهو منافسة فيمن يكون اكثر دموية ومن يقتل اكثر من أطفال الفلسطينيين ومن يسرق اكثر من ارضهم ومن يدمر بيوتهم ويهجرهم لينشىء يهودا والسامرة في الضفة الغربية .
الرأي العام العالمي يعلم انهم يحاولون تزوير التاريخ في القدس ويحاولون تدمير المسجد الأقصى رغم ان كل الخزعبلات التي يتحدثون حولها لا دليل واحد عليها رغم كل الحفريات رغم كل الاعمال التي تكاد تهدم المسجد الأقصى فقد حفر في اسفله مكان واسع يكفي لدفنه ان حصلت هزة أرضية خفيفة .
ونفاجأ ان الخارجية الألمانية رفعت دعوى ضد أبو مازن وان تحقيقا يجري حول تصريح أبو مازن الذي يعتبر حسب القانون الألماني اتهاما وتجريحا بإسرائيل وهذا امر معاد للسامية ، أبو مازن هو السامي وليس لابيد لابيد مثله مثل كل الاشكيناز اصله اما الماني او اكراني او بولندي او روسي او لاتفي وليس ساميا ابدا واذا علمنا ان 96 بالمئة من المهاجرين الذين سلحوا لقتل الفلسطينيين وارتكاب المجازر ضدهم لانشاء دولة إسرائيل هم من اصل الماني او بولندي او اكراني او لاتفي او روسي نعرف ان الأغلبية العظمى لا علاقة لها بالسامية ان معاداة السامية هي ما تفعله إسرائيل وترتكبه من مجازر ضد الساميين الذين هم الفلسطينيون .
رفعت الدعوى ويجري التحقيق في تصريح أبو مازن كلام مضحك تماما كما علقت صحفية المانية على كلام أبو مازن على انه مضحك ، المضحك هم الذين يرفضون ان يروا الشمس وهي ساطعة ويحاولون اخفائها بابهامهم الصغير ولا يمكن لابهام ان يخفي الشمس ابدا .
ما يهمنا قوله هنا ان رفعهم دعوى والشروع في التحقيق بتصريح أبو مازن يعطي الفلسطينيين فرصة التحقيق اهلا وسهلا بالتحقيق .
مرة أخرى اهلا وسهلا بالتحقيق .
ربما أتاح تصريح أبو مازن امام اعلى سلطة في المانيا وهي مستشار المانيا الغربية أتاح فرصة للفلسطينيين بان يجبروا محكمة المانية ان تحقق حول المجازر التي ارتكبتها إسرائيل وهذه فرصة ذهبية سترون ان إسرائيل سوف تسعى لالغائها واسقاط تلك الدعوى وعدم فتح التحقيق لان فتح التحقيق من قبل محكمة المانية في قول أبو مازن خمسين مجزرة سوف يفتح الملفات لكشف الحقائق التي تدين الصهيونية وتسجل وتثبت قانونيا وبحثيا من قبل محكمة المانية ان إسرائيل ارتكبت فعلا خمسين مجزرة ضد الشعب الفلسطيني .
انها فرصة ولو كنت مكان أبو مازن لشكلت فورا لجنة عليا يوضع تحت تصرفها كل الأرشيف وكل المعلومات وكل الحقائق المدونة والمصورة لجمع ملف كامل حول تلك المجازر الاعداد والمضمون والتصرفات والأسلحة التي استخدمت وأسماء الذين قتلوا خاصة ان كثيرا من تلك المجازر بما مضى عليها من زمن قام مرتكبوها بالاعتراف للصحف الإسرائيلية بانهم ارتكبوها لو كنت مكان أبو مازن لشكلت مثل هذه اللجنة واعطيتها الجهد والوقت بدلا من إعطاء الجهد والوقت لامور أخرى لان هذه فرصة ذهبية ان تحكم محكمة غربية في المانيا حكما عادلا تقر فيه ان إسرائيل نتيجة التحقيق ثبت انها ارتكبت تلك المجازر ومنها ما ارتكبه شارون ومنها من ارتكبه بيغن ومنها من ارتكبه رؤساء وزراء أمثال شامير ، من هنا نبدي النصيحة للرئيس أبو مازن الذي فجر هذا الموضوع بكل شجاعة امام المجتمع الغربي باسره لان المانيا تقود المجتمع الأوروبي الذي يكاد يتفجر في ظل تلك النكسة والكارثة الاقتصادية التي سببها خضوع أوروبا لاملاءات الولايات المتحدة فالرأي العام الأوروبي معبأ ومتفجر والراي العام الأوروبي يشعرتدريجيا ان مواقف حكامه هي التي تجلب الكوارث للمجتمع الأوروبي .
ها هي الفرصة ولا بد للرئيس أبو مازن بان يتحرك بنفس الحماس ونفس الهمة التي خاض فيها ذلك المؤتمر الصحفي من اجل تشكيل لجنة تتعاطى مع المحكمة الألمانية وتبادر هي بمد تلك المحكمة ولجنة التحقيق بكافة المعلومات اللازمة .
نقول هذا لان الإسرائيليين سيحاولون تضليل لجنة التحقيق واغلاق ملفاتها بأسرع وقت ممكن لان التمادي في ذلك والسير فيه سوف يدين إسرائيل دون شك يريدون ان يطمسوا الحقائق فلنكشفها نحن يريدون ان يلغوا التحقيق فلنؤيده نحن ونمدده ونزوده بالمعلومات ،
ثانيا انصح الرئيس أبو مازن بان يأمر كل أجهزة الاعلام التابعة للسلطة سواء المعلنة وغير المعلنة والصحف بان تبدأ هي تحقيقا من طرفها يترجم للالمانية ويزود للمحكمة حول كل مجزرة من المجازر بدقة ودون مبالغة واستنادا لمعلومات مؤكدة هكذا يفتح أبو مازن المعركة على أوسع أبوابها معركة الحقيقة يجب ان تسود الحقيقة .
لقد اخترق أبو مازن ذلك السد المنيع الذي وضعته الصهيونية امام الاعلام وامام الحقيقة كي لا تصل للرأي العام الغربي لكن هذا الاختراق سرعان ما تسده إسرائيل ان لم نوسعه نحن ونغذيه بحيث يصبح من المستحيل اغلاقه لا بل يصبح بوابة لكشف الحقائق كل الحقائق وقد تجر الأمور الى كشف الحقائق حول تدمير ليبرتي وحول مقتل كيندي وحول مقتل الكونت برنادوت وحول كل الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل ،
نقول هذا وإسرائيل على أبواب القيام بمغامرة عسكرية تستهدف ايران سوف تؤزم المنطقة تازيما كبيرا ولا شك ان باستطاعة أبو مازن ان يحول ذلك الدلو الذي ادلى به في بئر المعلومات وبئر الرأي العام ان يحوله الى برميل كبير يصعب على إسرائيل انتشاله والله معنا والنصر لنا .
*كاتب وسياسي فلسطيني

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

ماذا جنينا من السلام مع إسرائيل؟!

المهندس. سليم البطاينة! ذات يوم سُئل الشاعر الفلسطيني (محمود درويش) عن اتفاقيات السلام العربية الاسرائيلية …