الجمعة , مارس 29 2024
الرئيسية / اراء / علاقات دمشق وانقرة وتطبيع العرب!

علاقات دمشق وانقرة وتطبيع العرب!

اسيا العتروس*
الاكيد ان كل تقارب بين سوريا و تركيا و بين سوريا و الدول العربية أمر مطلوب و يجب ان يحظى بكل التشجيع حتى يتحق على ارض الواقع و يضع حدا لكل الازمات و الصراعات المدمرة حتى الان…اردوغان ليس من السياسيين السذج وهو من نوع السياسيي البراغماتيين ويحسب خطواته و يعرف كيف و متى يحافظ على شعرة معاوية لحماية مصالحه و مصالح بلاده في الداخل الخارج ..بل ربما هو اكثر من فهم عبارة معاوية التي تحولت الى درس في الديبلوماسية والتي يقول فيها “لو ان بيني و بين الناس شعرة ما انقطعت ..ان مدوها خليتها و ن خلوها مددتها “و في ذلك ما يختزل الكثير عندما يتلق الامر بديبلوماسية العصر ..
ولان الدبلوماسية مسار متحرك رافض للجمود, و لان الديبلوماسية علم و فن و حنكة و قدرة على المناورة و المراجعة بما يجعل المستحيل أمرا ممكن وانتصارا للعبة المصالح الكبرى للامم والشعوب التي لا يمكن لكل الاختلافات والصراعات و حتى الحروب أن توقفها فان كل المؤشرات تكاد تؤكد ان التطبيع بين انقرة ودمشق قادم و أن لقاء قد يجمع الرئيس السوري بشارالاسد ونظيره التركي رجب طيب اردوغان أمر وارد و ربما قابل للتحقيق في قادم الايام بما يعني أن مسارالتطبيع السوري التركي سيكون سابقا لمسرالتطبيع السوري العربي ولعودة سوريا للجامعة العربية وهي العضو المؤسس لها …
طبعا لسنا في اطار القفز على مسار الاحداث الدموية التي مرت بها سوريا و كل المنطقة طوال العقد الماضي على وقع حرب الاستنزاف التي انهكت السوريين و باتت تهدد وحدة سوريا و هوية شعبها أمام تصاعد الخطر الارهابي و هيمنة الدواعش على المنطقة , و لكن الامر يتعلق في هذه المرحلة بخيارات مصيرية واقعية لعودة سوريا الى موقعها الطبيعي بعد اكثر من عقد من القطيعة التي دمرت المنطقة باكملها ..
لسنا نريد استباق الاحداث و لكن يبدو و ان تصريحات الرئيس التركي تؤكد أن المنطقة قد تشهد تحولات مهمة في قادم الايام , و ذلك بعد عشر سنوات من القطيعة والعداء مع النظام السوري و بعد سنوات من الخطابات التحريضية والاتهامات للاسد بارتكاب اشنع وابشع الجرائم الارهابية ..
والارجح أن البوصلة التركية تتجه الى تعديل مسار العلاقات مع سوريا بعد ان عدل الرئيس التركي اردوغان في الاسابيع القليلة الماضية بوصلة العلاقات مع مصر و مع المملكة السعودية بعد طول جفاء و عداء على خلفية ملف اغتال الصحفي خاشقجي , وقد جاءت تصريحات اردوغان قبل ايام بضرورة اتخاذ خطوات متقدمة مع سوريا لإفساد المخططات في المنطقة لتؤكد وجود تطور مهم في التعاطي مع الجار السوري في مرحلة لا تخلو من التحولات المتسارعة في خضم الحرب الروسية في اوكرانيا و الصراع المستعر بين موسكو وواشنطن و ازمة الحبوب و معها ازمة الوقود في العالم فضلا عما يمكن ان تؤول اليه المفاوضات النووية مع ايران ، أردوغان كشف للصحافيين على متن الطائرة التي عاد فيها من زيارته إلى أوكرانيا أنه يتوجب الإقدام على خطوات متقدمة مع سوريا يمكننا من خلالها إفساد العديد من المخططات في هذه المنطقة من العالم الإسلامي” كما اعتبر و ان تركيا كانت دائما جزءا من الحل، وتحملت المسؤولية حيال سوريا وهدفها كان الحفاظ على السلام الإقليمي وحماية تركيا من التهديدات الخطيرة الناجمة عن الأزمة” كما اتهم اردوغان واشنطن وقوات التحالف بأنهم “هم المغذّون للإرهاب في سوريا في المقام الأول… لقد قاموا بذلك دون هوادة ويواصلون ذلك”.
خلاصة القول فقد ادرك اردوغان ان استقرار تركيا من استقرار سوريا و العكس صحيح ايضا و لهذا فقد اعتبر أنه لا يجب قطع الحوار السياسي والدبلوماسية بين الدول، و أنه من المهم الحفاظ و لو على خيط رفيع يحفظ العلاقات …
تصريحات الرئيس التركي سبقتها دعوة وزير الخارجية التركي اوغلو الى ضرورة المصالحة بين النظام السوري و بين المعارضة السورية و كشف لاول مرة عن لقاءات سبق و جمعته بوزير الخارجية السوري مقداد …
لاول مرة منذ احد عشر عاما يتم خطاب الرئيس التركي اردوغان بنبرة اقرب للتصالح مع النظام السوري و لاول مرة يتخلى اردوغان عن اتهاماته العلنية لنظام السوري بالارهاب و لا يستبعد الدخول في حوار ديبلوماسي مع دمشق..بعض الملاحظين يعتبرون أن تصريحات اردوغان تكشف عن وجود جسور تواصل و سار مفاوضات سرية بين انقرة و دمشق قد تعلن نتائجها لاحقا ..و البعض يتحدث عن دور روسي دفع الى تغيير الرئيس التركي موقفه من الاسد الذي استفاد من الدعم الروسي و الايراني و تمكن من البقاءفي السلطة مكذبا كل التقعات و التكهنات باسقاطه او نفيه بعد اندلاع موسم الربيع العربي تماما كما حدث في تونس و مصر و ليبيا و اليمن ولاحقا السودان …
ما يؤشر الى أن جسور التواصل قائمة بين انقرة و دمشق الحديث عن شروط للطرفين يجري التفاوض بشأنها لاعلان التطبيع بين البلدين…
-شروط اللعبة
وبحسب ما تم تسريبه فان الحكومة السورية طرحت خمس مطالب يتعين على أنقرة تحقيقها من أجل إعادة فتح قنوات الاتصال بين الجانبين، تتلخص فيما يلي :
– إعادة محافظة إدلب إلى إدارة دمشق.
– نقل جمارك معبر كسب الحدودي، مع معبر جيلفي غوزو “باب الهوى” إلى سيطرة الجيش السوري والحكومة السورية، إضافة إلى السيطرة الكاملة للحكومة السورية على الطريق التجاري الرابط بين شرق سوريا، دير الزور – الحسكة، وحلب – اللاذقية.
– عدم دعم تركيا العقوبات الأوروبية والأمريكية ضد رجال الأعمال الموالين والشركات الداعمة لعائلة الأسد والحكومة السورية.
– مناقشة الدعم المطلوب من تركيا لإعادة قبول سوريا في جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والمؤسسات والمنظمات الدولية المماثلة والذي تم تعليقه.
– تنفيذ تركيا عرضها في التعاون والقضاء على الإرهاب وإعادة النفط السوري للحكومة السورية، وأن تواصل تركيا دعمها لسوريا في مجالات السدود والطرق السريعة والكهرباء والمؤسسات التعليمية والمياه والزراعة.
في المقابل فان شروط تركيا تتلخص فيما يلي
– تطهير الحكومة لمناطق من عناصر حزب العمال الكردستاني / وحدات حماية الشعب بالكامل.
– القضاء التام على التهديد الإرهابي على الحدود التركية السورية.
– الاستكمال التام لعمليات التكامل السياسي والعسكري بين المعارضة ودمشق، والعودة الآمنة للاجئين.
– أنقرة تطالب بأن تكون حمص ودمشق وحلب مناطق تجريبية لعودة آمنة وكريمة في المرحلة الأولى، ومن ثم توسيع هذا الإطار، ومراقبة تركيا لعملية عودة السوريين بشكل آمن والممارسات المطبقة مع السوريين حتى بعد عودتهم وإسكانهم.
– تطبيق مسار جنيف، وكتابة دستور ديمقراطي، وإجراء انتخابات حرة، والإفراج الفوري عن السجناء السياسيين، وخاصة النساء والأطفال وكبار السن وذوي الظروف الصحية السيئة.
وهي شروط معقولة ويمكن التوصل الى اتفاقات مشتركة حولها بما يمكن أن يمهد الى المفاوضات المباشرة قبل اعلان التطبيع بين البلدين …
*كاتبة تونسية

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

ماذا جنينا من السلام مع إسرائيل؟!

المهندس. سليم البطاينة! ذات يوم سُئل الشاعر الفلسطيني (محمود درويش) عن اتفاقيات السلام العربية الاسرائيلية …