د. محمد المعموري*
لا شك ان حكم الملكة إليزابيث الذي استمر سبعة عقود وبضعة شهور وعدد من الايام، اتسم بالعدل والشفافية والسعي الحثيث من اجل تقدم بريطانيا حتي انها اصبحت في العقود الاولي من القرن المنصرم الإمبراطورية التي لا تغيب عن حكمها الشمس واعتقد ان السياسة البريطانية لازالت تستطيع ان تحرك السياسات في العالم خاصة في القارة الاوربية والشرق الاوسط… لا غبار انها كانت عادلة، فانا لمست عدل الملكة في ادارتها لملف المتميزة للتعليم في كل ارجاء المملكة وكذلك في النظام الطبي والعدل تجلى بدور الرعاية للمسنين والعدل اتسع ليشمل كل ما يمس المواطن في حياته فكل مواطن له حق العيش بكرامته في بلده او حتي خارجها ، لأنها اعطت لكل ابناء شعبها هيبة وعزه في كل بقاع الارض وكان لمواطنها لا يُتعدى عليه في اي محفل لأنه شمل بعدل ملكته وهذه حقيقة انا لمستها شخصيا من خلال تواجدي في بريطانيا وقد قضيت هناك من اجل الدراسة خمسا من السنين لازلت امسك اطراف الحديث لأتحدث فيه عن ما حققته الملكة من عدل في بلادها.
(ولكنها عادلة فقط لشعبها وقد حققت العدالة التي تستطيع ان تجعل من الشعب الانكليزي ينعم بها.)
وعند مقارنتي بين عدل الملكة وشعوب كانت المملكة البريطانية تسيطر على مقدرتها او تدير دفة السياسة فيها او حتى لنقول استعمرتها هل كانت الملكة توصي ببسط العدل بين ابناء تلك الدول؟ …، ويمكننا ان ننظر للسؤال من جهة اخرى فنسال عدل الملكة لماذا لا ينتفض فيكسر القيود عن شعوب فرض الحصار عليها وانتهك امنها واستباحت مقدساتها، الم تكن قادرة على ذلك، نعم ولكن…!!!.
ولا اريد ان اضرب مثلا بعيدا عني فانا عايشت “عدل” الملكة في بلادي لأنني عشت مأساة حصار قاتل مميت سبب الاذى لشعبي وكانت الملكة من خلال عرشها سبب في استمراره، ٩حصار لا ذنب للشعب فيه، وهي تعلم ان شعب العراق مغلوب علي امره فليس الشعب من اصدر قرار غزو الكويت ولم يكن قادرا على تغيير هذا القرار “المهلك للعراق” وكانت اسواط الحصار يُجلد بها الشعب لا الحكام والجوع اهلك الانفس والظلم ملأ الدنيا والصراخ لم تكن ملكتنا تسمعه فهي لا تسمع “ثكلى” الامهات لأبنائها ولا صراخ الاطفال وهم يتضرعون جوعا والما ولم تلاحظ عدد الوفيات بسبب قلة الدواء وانهيار الجانب الصحي ولم تسجل عندها مليون بطاقة سوداء لمليون طفل قتل في الحصار، كان عدل الملكة نائم وكانت ضمائر الدنيا تختبي لتقتل شعب احب الحياة شعب ليس له ذنب سوى انه خلق تحت ظلم مستباح .
تحصرت الشفاه الصغيرة علي الحليب فجفت تلك العروق ونامت الى الابد بلا وداع وتقلبت السياسات وبقى شعبنا يتحمل وزر لم يكن له يد فيه وعدل ملكة وزعت عدلها على شعبها فتوقف عند حدودها ونسيت انها كان بإمكانها انقاذ الاطفال على اقل حال.
الم تكن الملكة عادلة مع شعب العراق وهي تقتل فيه الامل وتحرق من جذوره عروقا توصله الى الحياة، ” شعب ليس له ذنب” فقتل كما يقتل الجراد بحصار احمق شديد المراس، وحقيقة علينا ان نسأل من ابكتهم انباء وفاة الملكة العادلة من العرب وممن اطلق عصفورة لتغرد بكل اسى او من اصدر بيانا ينعي فيه ملكة العدل او من نكس علي الملكة الاعلام، انا لا اسأل الا ممن هم من جلدتي أسال العرب هل تحسسوا بكل المعاني التي ذكرتها والجور الذي لحق بأبناء العراق من جراء عدل ملكتهم في سنين عجاف.
ومن حقي ان اسأل لماذا تلك الدول التي تسمي نفسها دول عظمى تحقق العدل في بلدانها ودون ذلك تنشر الظلم والامية والاضطهاد، اليس من العدل ان تنشر تلك الدول العظمى العدل بين شعوب العالم وخاصة تلك الدول التي ابتلاها الله باحتلال ظالم فأصبحت تحت جورها وظلمها لتكون دول عظيمة “بالظلم” عادلة بين شعوبها… فاي نوع من العدل الذي نبكي عليه يا أمة تأخذها الرياح بين موافق ومعترض ولا احد يعلم لما وافق او على من اعترض …..؟!!.
ولا شماته ولكنني اقول الله هو من يحكم بين عباده ولا نقول الاكما يجب ان نقول : “حسبنا الله ونعم الوكيل”
الله المستعان.
*كاتب وباحث عراقي
شاهد أيضاً
بساطة.. مجتمع مريض بحاجة الى منقذ!!
احمد الشاوش* على بلاطة.. نحن مجتمع مريض يعاني من ضيق في النفس وشلل في الامانة …