بقلم/ احمد الشاوش –
لسان حال اليمنيين اليوم يقول أربعة شلوا جمل والجمل ماشلهم ، أربعة شلوا وطن والوطن ماشلهم،
كلما حاول اليمنيون يلتقطون انفاسهم أوالخروج من الازمات الطاحنة والحروب المستعرة والقمقم الاقليمي والدولي ، تأتي الرياح بمالا تشتهي السفن.
لذلك تحولت اليمن اليوم بفعل الصراع على السلطة والحرب بالوكالة والسيناريوهات المشبوهة تحت يافطة الشعارات الثورية والوطنية والقومية والمذهبية والمدنية والسيادة والعدوان الى يمنات وكانتونات وامارات وسلطنات واحياء وشوارع وحواري وأزقه وجغرافيا مبعثرة تحكمها احجار على رقعة الشطرنج.
والمشهد اليوم في اليمن يؤكد ان اليمن السعيد أصبح أكثر تعاسة وحزناً ، وكمداً ورعباً، وتفككاً وتآمراً وخيانة وارتزاقاً وجوعاً ومرضاً بدليل ان مارب تحولت الى ” مافيا” بيد حزب الاصلاح وفي رواية جماعة الاخوان المسلمين ومركز تجاري لتدوير أموال الجماعة واستغلال النفط والغاز والدعم العسكري والمساعدات وان تركيبتها السكانية قد تغيرت بفعل الظروف الاستثنائية ومع ذلك فصيل تديره قطر ، وآخر شاقي مع السعودية وثالث حارس مع الامارات والكل يُدار عن بُعد كـ لعب الاطفال في ميزان حسنات واشنطن..
والمشاهد يلحظ ان الاناشيد الوطنية لايوب طارش وعلي الانسي واحمد السنيدار والخطابات الرنانة والفتاوى الطنانة مجرد اكليشة عند تجار الحروب ، والدولة اليمنية أصبحت مجرد وهم ، والعلم الوطني الذي يرفرف هنا وهناك في مهب الريح طالما استمر الفوضويون في نصب نقاط الغرض منها تقطيع أوصال اليمن وانتهاك حرية وكرامة المواطن وتواصل خفافيش الليل والنهار وانتشار محاكم التفتيش في كل مكان ، ورغم تلك التبعية يتحدثون عن الدولة والجمهورية وثورة 26 سبتمبر ، مع احترامنا للقليل من الصادقين!!؟.
والصورة الثانية تكشف لناان عدن أصبحت بيد الانتقالي الذي تسعى مليشياته المدعومة من الامارات وبريطانيا بالتمرد على الوحدة اليمنية عبر مدفع فك الارتباط وقطع صلةالرحم والاخوة وتهديد الهوية اليمنية وعودة ” البراميل” وطرد وملاحقة وترحيل وابتزاز كل شمالي نازح وباحث عن الرزق والمعيشة في البيت اليمني الجنوبي ، وهرولة المليشيات بقوة السلاح والمال للسيطرة على ميناء عدن وجزيرة سُقطرى وغيرها من الجُزر اليمنية وابار النفط والمؤسسات الرسمية خدمة لعجوز بريطانيا عن طريق المقاومة والمقاولة تحت اسم الاحلام الوردية لدولة الجنوب .
والمشهد الثالث يوضح لنا سيطرة ” الحوثيين” وفي رواية انصار الله على العاصمة صنعاء وعدد من المدن اليمنية تحت يافطة المجلس السياسي الاعلى وحكومة الانقاذ الوطني التي تخوض حرباً ضد القوى السياسية الاخرى وتحالف العدوان السعودي الاماراتي مهما كانت التكلفة حتى لوبقي الوضع على ماهو عليه عشرات السنين ولو انشطرت اليمن الى كانتونات ، بينما المواطن قاب قوسين او أدنى من الموت في غياب الراتب والبطالة وارتفاع الاسعار.
والصورة الرابعة تتجلى في محافظة الحديدة التي أصبح الكثير منها بيد ألوية طارق عفاش وفي رواية حراس الجمهوريةالمدعومة من الامارات والسعودية ولم تستطع ألويتها الضاربة حتى اللحظة ان تتقدم كيلو متر واحد إلا بموافقة غرفة العمليات المشتركة للامريكان وبريطانيا أو بموافقة خدام خدام الجرافي المتمثل في “ابوظبي والرياض ” بعد اخذ فرمان رسمي ، رغم ان البعض يرى ان تلك الالوية بارقة “امل ” في استعادة الدولة والجمهورية .
والمشهد الخامس يتمثل في ” خلطة” تعز السحرية التي لم يتم حتى الان معرفة طلاسمها وفك رموزها بعد ان حملت الكثير من المتناقضات الثقافية والسياسية والاجتماعية والحزبية والمذهبية والعسكرية .. واغرب مافي تلك الخلطة انك ترى الجمهوري حتى النخاع والسبتمبري حتى أخمص القدمين ، والاصلاحي المكور والاخواني المفحط، والحوثي مغلق الطبلون والناصري بيقرع قريع والمؤتمري المهادن والاشتراكي تائه في مدينة الجن والملائكة.
والعجيب في الامر هو عملية التحول الغريبة لمدينة تعز التي أصبحت أكثر رعباً وفقراً ونزيفاً للدماء والنسيج الاجتماعي والتفكك الاسري والجغرافيا بسبب الاموال المتدفقة والولاءات القاتلة والانتماءات والمصالح المتصادمة ، فلاهي التي اصبحت جمهورية ولاملكية ولامدنية ولاجيش ، بل غلب عليها طابع الفوضى والمليشيات التي تضم كل التناقضات.
واما الشرعية فقد أنتهى مفعولها وغابت عن المشهد السياسي والعسكري والوطني بعد ان تفرقت دمائها ومؤسساتها واراضيها واموالها وثرواتها في عدن ومأرب والحديدة وصنعاء ،،، وأصبحت ورئيسها المسطول مجرد ديكور لغرفة في الرياض.
أخيراً .. بالامس كان لنا دولة ونظام جمهوري وسلطات قضائية وتنفيذية وتشريعية وجيش وأمن ومؤسسات وتعليم وصحة وجامعات ومدارس ومرتبات وحقوق وواجبات وحرية وديمقراطية واستقرار ، وكان المواطن مجرد مايفكر بالسفر الى الحديدة وعدن وحضرموت وتعز يشغل السيارة ويحن مخترقاً الطريق والنقاط النظامية دون أي خوف او اهدار للوقت بينما اليوم يؤكد ان كل ذلك صار ضرباً من الخيال بعد ان تجزأة الشوارع والقرى والمدن والاسر والنسيج الاجتماعي بسبب خطاب الكراهية والتعبئة السياسية الخاطئة والولاءات الضيقة والعمالة وجرع الاسلام السياسي ومغذيات الاحزاب التقدمية المسمومة ورصاص الوكلاء وصواريخ الاعداء ..
فهل نتقي الله في الشعب والوطن بوقف الحرب والجلوس على طاولة المفاوضات للتوصل الى سلام دائم ، مالم فجميع القوى منتهية لان الحرب التي تُدار اليوم حرب استنزاف للقوة البشرية في اليمن دون استثناء وصناعة عملاء جدد بعد ان دمروا الجيش والدولة والمؤسسات وتخلصوا من الوطنيين والشرفاء وحتى قداما العملاء.. أملنا كبير
“نقلا عن سام برس”