د. محمد أبو بكر*
هذا هو فخر العرب الحقيقي، هذا هو الفدائي محمد صلاح، الذي اقتحم أرض فلسطين، فدخلها وحيدا، تاركا الجيوش العربية منشغلة بالإستعراضات على جانبي السجّاد الأحمر، بعد أن باتت غير معنيّة بما يجري في فلسطين، غير أنّ الجندي العربي المصري كان له رأي آخر .
لأننا فقدنا كل شيء، لم نعرف طعما للإنتصار على مدى عقود، كم كنّا سعداء بلاعب كرة القدم العالمي محمد صلاح، واعتبره البعض فخرا للعرب، فجاء محمد صلاح الآخر، وسحب البساط من تحت قدمي الأوّل، حيث صوّب سلاحه تجاه قطعان من الصهاينة، إلى أن سقط شهيدا على أرض فلسطين نفسها .
جندي بسيط من شعب مصر، الذي رفض وما زال ذلك التطبيع المخزي، ورغم كل محاولات الحكومات المتعاقبة في كيان الإحتلال لإشاعة أجواء من التطبيع مع أبناء مصر الطيبين، غير أن هذا الشعب العربي عبّر عن ذلك من خلال محمد صلاح الجندي الشاب الذي يشتعل نخوة وشهامة ولا يتجاوز عمره 22 عاما .
وفي المعلومات، وإزاء الضغط على حكومة مصر، قامت قوات الأمن المصرية باعتقال عدد من أفراد عائلة الشهيد للتحقيق معهم، واعتبار محمد صلاح مخرّبا مخالفا للقوانين، وستقوم مصر بتعويض عائلات القتلى الصهاينة بحوالي خمسين مليون دولار، وأثناء كتابة هذا المقال ؛ علمت بأنّ عددا محدودا جدا من أفراد عائلته شارك بدفنه، حيث جرى ذلك بتكتّم شديد حتى لا يحظى الشهيد بوداع شعبي مهيب قد يحرج النظام.
هذه البطولة الفذّة تذكّرنا بعملية فدائية من طراز فريد قبل أكثر من ثلاثة عقود، حين قام الجندي المصري أيمن حسن باقتحام الحدود المصرية مع فلسطين المحتلة وإطلاق النار على حافلتين لجنود الإحتلال، فقتل أكثر من عشرين جنديا وجرح ما يقارب الثلاثين منهم، حيث شعر أيمن بغيرة شديد وغضب كالنار، حين شاهد جنديا صهيونيا يدوس علم مصر، ثمّ يلقيه على الأرض ممارسا فوقه الرذيلة مع مجنّدة .
جرى تقديمه للمحاكمة في مصر، وحكم عليه القاضي بالسجن 12 عاما، وبعد أن نطق القاضي بالحكم، قام بتقبيل رأس الجندي البطل، وكأنّه يعتذر منه، فهو يطبّق القانون فقط، وهاهو جندي آخر، ولكنه اليوم يرتقي شهيدا .
وفي المقابل ؛ يوجّه رئيس الموساد التحية والتقدير لثلاثة من الحكّام العرب، يالها من مهزلة نعيشها اليوم في ظلّ حكّام باعوا ما تبقى من شرف وضمير، يالها من وصمة عار ستبقى ملتصقة بهم، وهم يتلقون شكرا من قائد الموساد ومن قادة الإحتلال على تعاونهم الكبير وتفانيهم ورغبتهم الحقيقية في سلام مزعوم .
التاريخ لن يرحم كل متخاذل ومتآمر، والتاريخ نفسه سينصف الكثيرين ممن تعرّضوا للظلم والغبن من حكام طواغيت، وأنظمة انغمست حتى أذنيها في العمالة للصهاينة والغرب الأمريكي المجرم .
إنّ غدا لناظره قريب، وشعب عربي فيه أمثال محمد صلاح الفدائي الشهيد، وأيمن حسن من مصر العروبة، وعرين الأسود وأبطال نابلس وجنين، شعب سيبقى يرنو للحياة والحريّة والخلاص من الخونة والعملاء والإحتلال، وكل من وضع يوما يده في تلك الأيادي الملطّخة بدمائنا .
ملاحظة .. رئيس الكنيست الصهيوني أمير أوحانا يزور المغرب غدا الأربعاء في زيارة وصفت بالتاريخية، حيث سيلقي كلمة في البرلمان المغربي، ويلتقي بجمعية الصداقة المغربية الصهيونية .. صحتين وعافية، وسجّل ياتاريخ، ولا تتوقف عن التسجيل !
*كاتب فلسطيني
شاهد أيضاً
ترمب ومعضلات الشرق الأوسط!
د. سنية الحسيني* من الواضح أن الشرق الأوسط الذي خرج منه دونالد ترامب في مطلع …