بقلم/ احمد الشاوس
خلق الله الانسان في أجمل صورة .. ومر الانسان بمراحل متدرجة في الخلق والتكوين بدءاً من سلالة من طين ثم نطفة وعلقة ومضغة وعظاماً ولحماً ثم انشأه خلقاً آخر فسبحان الصانع والخالق والمبدع الذي اذا اراد شيئاً ان يقول له كن فيكون .
واذا تفكرنا في عظمة الخلق ودقة الابداع والاعجاز الرباني في كل جزء من اجزاء جسم الانسان ووظائفه وخصائصة سنكتشف أسراراً عجيبة وسمات مذهله بينها العلم بحقائق دامغة وادلة قاطعة ، بينما الخالق عز وجل يدعونا الى التفكر وتحكيم العقل بقوله .. افلا تعقلون ..افلا تتفكرون ..أفلا تنظرون .. أفلا تتقون ..أفلا تبصرون .
والعالم والطبيب والباحث والمتخصص والمتابع والقارئ الحصيف يعلم ان كل كلية عند الانسان الطبيعي تحتوي على 800,000 و 1.5 مليون من الكليونات ، وأن الكلى تنقي الدم على مدار الـ 24 ساعة.
ومايلفت النظر ويخطف الابصار والالباب ان الكليتين تقوم بتنقية كميات كبيرة من الماء الموجود في الدم بنحو 200 لتر في اليوم ، ويمر في الكليتين جميع الدم الموجود في الجسم 300 مرة في خلال 24 ساعة ، ويتوزع الدم على ملايين الاوعية الدموية الشعرية التي تقوم بترشيحة..
واذا نظرنا في جسم الانسان أو الهيكل العظمي والافلام والفيديوهات الموثقة لتلك الاكتشافات التي تكشف وظيفة كل جزء سنقف مذهولين وأكثر استغراباً من عظمة الصانع .. فـ ” كبد ” الانسان يزن حوالي 1.44 – 1.66 كيلوغرام ، وهو أكبر عضو في جسم الإنسان بعد الجلد له القدرة على إعادة النمو والتجديد وإنتاج العديد من المواد الهامة كاالعصارة الصفراء التي تساعد الامعاء القيقة في عملية الهضم ، والعمل على تخثر الدم وتخزين المعادن والفيتامينات ، وتنقية الدم ، وتقوية المناعة .
كما ان نعمة “العين ” لاتساويها كنوز الارض ، بأوعيتها الدموية والقرنية وماتحتاجه من غذاء واكسجين وتوصيل الدم المحمل بالاكسجين ووضوح الرؤية والعدسة والاوردة والشرايين وما يعين الانسان على القراءة والتمييز والملاحظة ، وكيفية الابصار ونقل الصورة عبر الاعصاب ومحاكاة الدماغ..
المخ .. وما أن يتأمل الانسان في معجزة خلق وتكوين المخ حتى يسبح الرحمن في دقة واسرار وأنتظام وظائف المخ التي تشهد على عظمة الخالق وعبقرية المبدع ، حيث ثبت علمياً ان معدل وزن “الدماغ” لدى الإنسان البالغ هو 1.3 إلى 1.4 كيلوغرامات ، وان وزن دماغ الانسان 1700 جرام ومع ذلك لايشعر الانسان بثقله لأنه يطفو في سائل النخاع الشوكي ، والقاعدة الفيزيائية تقول كل جسم يغمر في سائل يفقد من وزنه بقدر وزن السائل المُزاح ، لذلك لا نشعر بوزنه وثقله رحمة من الله تعالى بالناس.
والدماغ يحاط بثلاثة اغشية منها سائل النخاع الشوكي للحماية والتغذية ، كما ان وظيفة المخ تكون في التفكير والتذكر وحل المشاكل والشعور والسيطرة على الحركة..
واذا كان الدماغ يتكون من المخ والمخيخ و النخاع المستطيل يتحكم في الجهاز العصبي المركزي فأن المخ يمثل الجزء الاكبر من دماغ الانسان ، والدماغ يتكون من نحو 100 مليار خلية عصبية تتشابك تلك الخلايا ببعضها البعض مكونة نحو 100 مليون عصبون وتتجدد الخلايا العصبية بمعدل 300 مليون في الدقيقة الواحدة تستبدل كل منها خلية عصبية أخرى مستهلكة ، في آية من آيات الاعجاز المذهل.
والحقيقة العلمية تقول ان المخ يقوم خلال اليوم بانتاج طاقة كهربائية حوالي 12-25 وات ، و هي كافية لانارة مصباح صغير ، ويحدث حوالي 100,000 تفاعل كميائي داخل المخ البشري في الثانية الواحدة ، كما تعتبر مساحة التخزين الخاصة بالمخ البشري لا نهائية وأن “النسيان” ، مفيد للمخ البشري ، فالتخلص من المعلومات الغير مفيدة او ضرورية يساعد الجهاز العصبي على الحفاظ على لدونته و كفاءته..
والمخ البشري يزن في المتوسط 350-400 جرام عند الولادة و 1300-1400 جرام للشخص البالغ و تبلغ نسبة المخ الى اجمالي وزن الانسان حوالي 2% ويتكون المخ من 73% مياه و 60% من الكتلة الصلبة والمخ البشري عبارة عن دهون ، ورغم بساطة التكوين الا انه معجزة.
والكارثة انه في حالة انقطاع الاوكسجين عن المخ لمدة تتراوح من 5 الى 10 دقائق يدمر دائم المخ بالكامل او أجزاء كبيرة منه.
كما ان نعمت “الانف ” التي نتنفس بها من خلال دخول الهواء الى الرئتين تعمل على تنقية الهواء من الغبار ولفيروسات والجراثيم ومن خلالها نستنشق الروائح والاطعمة وغيرها ما يدل على عظمة القدير.
واذا وقفنا برهة على كمال الخلق سنجد ان “الاذن ” ،الحساسة تعمل على نقل الاصوات الى الدماغ على شكل نبضات كهربائية عصبية يفسرها الدماغ مباشرة على انها ذلك الصوت المعين والمقصود ، كما اننا نسمع ونميز الاصوات بها بالاضافة الى انها تحافظ على التوازن لدى الانسان.
كما ان الاعجاز يجعلنا نقف مبهورين أمام وظائف ” قلب ” الانسان وكيفية ضخ الدم الى كل خلية في الجسم ومايصاحبه من دقات قلب منتظمة ، بينما بعض الناس لايزال بعيد عن الايمان بالله ومعرفة قدرته ، لقوله تعالى :
” لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا”.. الاعراف.
أخيراً .. خلق الانسان يُمثل قمة الجمال والابداع والاعجاز والكمال الرباني ، ورغم ذلك الاتقان والنعم وتلك الوظائف والاجهزة العظيمة التي اودعها الله في جسم الانسان لايزال بعض الناس أكثر بعداً عن الايمان بالله وأقل شكراً للصانع وأكثر جحوداً رغم عظمة الله في خلق الكون ، فهل من رجل رشيد؟.