د.سفيان التل*
ماذا وراء الهجوم الاسرائيلي على القنصلية الأيرانية ؟
و ماذا وراء الرد الإيراني المفاجئ؟
و هل هناك قنبلة نووية إيرانية؟
بتاريخ 2019 نشرت في رأي اليوم مقالاً بعنوان ” استراتيجية الحرب بين أمريكا و إيران ( 1 ) ” تحدثت فيه بأن الإستراتيجية الأمريكية الصهيونية تقوم على عدة أسس منها نزع سلاح الخصم بالوسائل السلمية ثم الحروب الخاطفة المدمرة المحدودة في الزمان و المكان و تجنب الحروب المفتوحة و المواجهه . و بعد ساعات من نشر المقال قامت إيران بترجمته الى الفارسية و زودوني بالنص الفارسي .
ملخص المقال الإستشرافي أن إيران استوعبت الإستراتيجية الأمريكية الصهيونية في تحديد مكان و زمان الحرب الخاطفة و قررت تشتيت ميدان الحرب إلى عدة ميادين و عملت على إعداد كل من لبنان و غزة و اليمن و العراق لتكون ميدان حرب يضاف إلى ذلك استوعبت نظرية ( تحويل المشكلات إلى فرص) فلجأت الى تطوير الصواريخ و الطائرات المسيرات لتحويل أكثر من مائة قاعدة أمريكية حول إيران الى أهداف للصواريخ و المسيرات الإيرانية بدلاً من أن تكون قواعد لتهديد إيران و الهجوم عليها .
الإستراتيجية الأخرى التي أبدعت إيران في تثبيتها و هي المفاوضات حول اتفاقية منع انتشار الأسلحة النووية و التي وقعت زمن شاه إيران و لم يكن من السهل على الثورة الإيرانية الإنسحاب منها فأدارت هذه المفاوضات بذكاء على أقل من مهلها بالتوازي مع إستمرار تخصيب اليورانيوم اللازم للقنبلة النووية .
بعد 7 أكتوبر 2024 تكشفت الإستراتيجية الإيرانية كما استشرفتها في مقالي المشار إليه فأخذت الرسائل العسكرية تصدر من المياديين المتعددة من غزة و لبنان و اليمن و العراق و لا شك أن مثل هذه الميادين المتعددة تعطل فاعلية السلاح النووي الإسرائيلي لإنه حتى لو استعملته إسرائيل فلن يؤثر على انتشار و توسع مراكز إطلاق الصواريخ و الطائرات المسيرة التي أبدعت في حرب حديثة و قفزت عن الحروب الكلاسيكية و أصبحت مجالاً للدراسات في المعاهد العسكرية في جميع انحاء العالم .
نأتي الأن إلى خوف ” إسرائيل ” و معها أمريكا من وصول إيران إلى إمتلاك القنبلة النووية بالرغم من الإعلانات و الفتاوى المتكررة من جهة إيران بأنها لا تخطط و لا تفكر بإمتلاك القنبلة النووية , و لذلك كانت إستفزازات ” إسرائيل ” المتكررة لإيران بتدمير مفاعلتها النووية و كان آخر هذه الإستفزازات قصف القنصلية الإيرانية في سوريا .
و في رأيي المتواضع أن الهدف من هذه الإستفزازات كان لمعرفة حجم الرد الإيراني و هل يخفي الرد خلفه قنبلة نووية جاهزة للإعلان عنها أو تفجيرها على الطريقة التي تعاملت بها باكستان مع الهند عندما بدأت الهند و هي دولة نووية بتحريك جيوشها لإجتياح باكستان ففاجئتها باكستان بتفجير قنبلتها النووية فأحدثت توازن الرعب النووي و توقفت الهند عن الحرب فوراً .
لقد استعملت إيران ما سماه المحللون السياسيون و العسكريون بالصبر الإستراتيجي , و مثل هذا الصبر كان ينم عن ذكاء و بعد نظر و تجنب المواجهة قبل إتمام الإستعداد العسكري بأبعاده البشرية و اللوجستية و النووية .
و ما تكشف بعد 7 أكتوبر في كل من غزة و اليمن و لبنان و العراق كان جواباً واضحاً و قاطعاً على أن فترة الإستعدادات قد تمت.
و جاء الرد الإيراني الأخير واضحاً وصريحاً و عملياً ، صواريخنا البالستية غطت تل أبيب و مبنى الكنيست و القواعد العسكرية الإسرائيلية و هي ليست إلا نموذجاً مصغراً لما يمكن أن يحدث بشكل موسع .
كما أن هذا الرد كان أيضاً استفزازاً للقواعد الأمريكية المنتشرة بين إيران و إسرائيل و معها أنظمة حكم الأعراب المتصهينة ” وغير العاربة وغير المستعربة ” لمعرفة حجم ردود فعلها إلى جانب الكيان الصهيوني .
إيران إستطاعت و منذ قيام ثورتها بملئ الفراغ السياسي و العسكري في الإقليم و الذي عجزت جميع الأنظمة العربية منفردة او مجتمعة عن سده .
–استمري يا إيران فقد حققتي توازن الرعب
*كاتب أردني
شاهد أيضاً
الأتباع و”مزاج” واشنطن!
وديع العبسي* أن يدعي الشخص، الموضوعية والواقعية فإنه يفترض به أن يسمي الأمور بمسمياتها، فالأبيض …