د.محسن القزويني
مرّ الخامس من حزيران وكأن شيئا لم يحدث في هذا اليوم الاسود من تاريخ الامة الاسلامية التي احتلت فيه اسرائيل خلال ستة ايام الضفة الغربية وشبه جزيرة سيناء والجولان ، وقتلت اكثر من 25,000 من العرب جنودا ومدنيين، وهجرت الملايين من الفلسطينيين.
وبقت النكسة العلامة البارزة في تاريخنا المعاصر حتى السابع من اكتوبر من عام 2023 حيث استطاعت المقاومة ان تفعل ما لم تستطيع الجيوش العربية ان تفعله خلال 75 عاما، فقد تمكنت ان تغيّر الكثير من قواعد الحرب والصراع مع العدو الصهيوني ، واول ما قامت به المقاومة الاعتماد على النفس دون اللجوء الى التحالفات والمساعدات الدولية التي خدّرت الدول العربية في حزيران 67 ظنا منها إنّ هذه الدول ستقف الى جانبها وتمدها بالسلاح والعتاد وتفرض وجودها على اسرائيل.
لكن الذي وقع خلاف ذلك فقد خابت ظنون العرب بالدول الحليفة التي لم تقف الى جانبها ولم تساندها ضد الجيش الاسرائيلي الذي كان يعبر حدود 48 امام مرأى ومسمع تلك الدول دون ان تبدي اي موقف ايجابي لصالح العرب. والدرس الثاني الذي استفادت منه المقاومة بعد الاعتماد على النفس هو ان المفاوضات لا تُجدي نفعا مع اسرائيل فالى اين انتهت المفاوضات والاتفاقيات؟ ابتداءً من كامب ديفيد الى اسلو هل استطاع الفلسطينيون ان يكّونوا دولتهم ويستردوا القدس ويمنعوا الاستيطان الذي اخذ يبلع الاراضي الفلسطينية بالجملة دون مانع او حسيب؟ فاسرائيل لا تفهم الا لغة الحرب وما يـُؤخذ بالقوة لا يستردُّ الا بالقوة.
فمن اجواء اليأس والاحباط جاء السابع من اكتوبر ليزلزل الجيش الاسرائيلي الذي لا يُقهر، فقد برهنت المقاومة الباسلة؛ إنّ الجيش الاسرائيلي ممكن أن يُقهر واسرائيل يمكن ان تتراجع لكن ليس بالمفاوضات بل بقوة السلاح والعزيمة، وهذا ما تم في السابع من اكتوبر لقد انهزمت اسرائيل شر هزيمة في هذا اليوم التاريخي من حياة الامة الذي حولته المقاومة الباسلة من نقطه سوداء في تاريخها الى نقطة بيضاء مشعة لكل الاجيال و لكافة الشعوب الواقعة تحت الاحتلال لتؤكد لهم ؛ بانّ لا طريق للنصر الا باستخدام القوة.
ويحاول العدو ان يخدع العالم باحتلاله لغزة وتدميره لهذه المدينة الباسلة معتبرا ذلك نصرا للجيش الاسرائيلي، فايُ نصرٍ هذا يُتوج بقتل الاطفال والنساء وتدمير البيوت والمدارس والمستشفيات؟ فاسرائيل وبعد تسعة اشهر من حربها في غزة لم تستطع ان تحقق هدفا واحدا من اهدافها التي اعلن عنها نتنياهو وهي ؛ تدمير حماس واسترداد الرهائن فلا زالت حماس تقاوم وتكبد العدو الخسائر تلو الخسائر في آلياته وجنوده ولا زالت هي التي تفرض الشروط على المفاوضات الجارية في القاهرة والدوحة، واستطاعت ان تغيّر الكثير من معادلة الصراع مع العدو الصهيوني.
وقد انتفض العالم باسره واستيقظ على حقيقة اسرائيل العدوانية التي التصق اسمها بقتل الاطفال والنساء، وانقلبت الموازين السياسية وحتى الدول التي كانت تساعد اسرائيل باتت في موقف حرج امام ضغط شعوبها التي تطالبها بوقف هذه المساعدات.
اما في الداخل الاسرائيلي فقد احدثت المقاومة شرخا عميقا في داخل اسرائيل حتى اصبح المطلب الاول للاسرائيليين؛ هو التفاوض مع حماس لاستعادة الرهائن وايقاف الحرب.
اما نتنياهو بطل هزيمة اكتوبر فقد اصبح يواجه مصيرا اسودا ففي داخل اسرائيل لا زالت المحاكم تطارده على جرائمه المتلاحقة وتنتظر انتهاء الحرب لترمي به خلف القضبان، اما خارج اسرائيل فتلاحقه المحاكم الدولية وتطالب بمحاكمته كمجرم حرب.
شاهد أيضاً
كشف المستور في كتاب الحرب المنشور!
محمد عزت الشريف* لم يكن طوفان الأقصى محضَ صَولةٍ جهادية على طريق تحرير الأقصى وكامل …