الجمعة , أكتوبر 18 2024
الرئيسية / اراء / هل ضحك علينا بايدن؟

هل ضحك علينا بايدن؟

خالد شحام*
بعد ألف ليلة وليلة غربية وعربية تضرب يد الهمجية والوحشية الانحطاطية الاسرائيلية من جديد في مخيم النصيرات ، تضرب بيد جبانة حاقدة منفلتة من كل قيد أو حرج من أحد أو من شيء ، لِم لا وهذا العالم يتسلى بمكسرات الموت الإسرائيلي في غزة في مباراة ” اقتلهم جميعا ” ؟
تتضافر هذه المرة اليد الأمريكية على المكشوف لتعلن لنا جميعا بأننا كنا نضحك عليكم أيها الأغبياء ، وما إعلان الهدنة التي فاجأنا بها الرئيس المهرج الذي يضحك حتى الهذيان على شعوب العرب وبمعية جنرالات العرب إلا جزء من لعبة الاستغماية التي يلعبها الرئيس ، مائتان وعشرة من أرواح الطهر غدرت بها الوحشية الاسرائيلية ، سفلة القرن الحادي والعشرين بالتضافر والشراكة الكاملة مع أراذلة القرن الحادي والعشرين ، مائتان وعشرة روح تم إزهاقها في أقل من دقائق في حملة مجنونة من القصف الإجرامي على الأبرياء العزل المكومين في بيوت وخيام مثل السردين ، تم حشرهم عامدا متعمدا في كل زاوية ومكان من غزة ليكونوا أهدافا مباحة للذكاء الصناعي الأمريكي وقرابين لجهود بايدن وبيبي ومقترحاتهما حول الهدنة والسلام وحماية المدنيين ، هنيئا لكم جميعا يا حكام الردة ويا حكام العالم باللحم المفروم الفلسطيني ، هنيئا مريئا لكم بلحم الأطفال ودماء النساء والعجائز والشباب المعذب ، هنيئا لكم الهاوية وإقامة طيبة في جناح سقر في دار الحطمة وما أدراك ما الحطمة !
مع ساعات المساء بدأت الأخبار المتضاربة تتسلل حول تحرير بعض الأسرى الصهاينة ولم نفهم بالضبط ما يجري ، ساعات قليلة ثم بدأت سحب الضباب تنجلي والأخبار العاجلة تضع أسطرها في الشريط الإخباري ، كانت هذه الأنباء أكثر من كافية لشعوري بغصة مطلقة وتسمم ذهني شامل لولا أن الله يطيب خواطرنا ويمسك على صدورنا ببعض رحماته ، عقب ذلك بلحظات بدأت قناة (العربية ) في سبق اخباري وفي سعيها لإسعاد العبريين بنقل صورة الأسيرة المحررة ثم لقطات لشعب الله المختار وهو يرقص في الشوارع ابتهاجا بهدر الدم الفلسطيني وهذه الضربة الموجعة لأطفال ونساء غزة ، هذا هو الشعب الراقي المتحضر الذي يرقص لخلاص أربعة من الأسرى بحالة صحية عالية لم يمسسهم أي سوء مقابل قتل وذبح عشرات الالاف من الفلسطينين دون ذنب أو جرم وتدمير كامل قطاع غزة ، هذه هي العدالة التلمودية الإسرائيلية ، وهذه هي الديموقراطية الأمريكية بحلتها الجديدة في ذبح الهندي الأحمر الجديد في غزة ، هذه هي القنوات العربية التي تتسابق لإسعاد الشعب المختار بأخبار عاجلة باللون الأحمر المسحوب من حمرة الدم الفلسطيني ، ومرة أخرى امتازوا أيها المجرمون .
خلال دقائق يقفز المجرم الأشد نازية من هتلر المدعى عليه ليعلن لشعب اسرائيل العظيم بأنه جاء بالأكسجين لشعبه وبأنه سوف يستمر في نهجه لتحقيق المزيد من عمليات (التحرير ) وهو يقصد هنا المزيد من ذبح وابادة الفلسطينين طالما أن شهرزاد الأسيرة لا تزال تروي الحكايا للرئيس الذي يرفض النوم ويرفض الصحو حتى تنتهي حكاية السندباد الاسرائيلي من ابادة غزة.
كان يلزمني بضع ساعات كي أتمالك وعي وأعيد ربطه في مكانه قبل أن يتفشى فيروس السُّم في كامل جسدي ، ما الذي حدث هنا وهل ظفر المجرمان بايدن وبيبي من التمكن منا ونالوا أخيرا من ثبات المقاومة ونجحوا في ضرب وتيرة ادائها الفــذة طيلة شهور العدوان ؟
إن تباهي المجرم وسائر أفراد عصابته بعملية التحرير لا يختلف اطلاقا عن مقاطع الفيديو تلك التي تجدونها بكثرة في اليوتيوب تحت عنوان : ( بكأس واحد في الصباح من هذا العصير نظف شرايينك إلى الأبد في أسبوع واحد ) ! إن المجرم يسوق نفس الخدعة على شعبه ويوهمه بأنه حقق المعجزة المستحيلة ، لكن رد أبي عبيدة كان هو الشفاء والدواء عندما ذكره بان أكبر علامات الفشل هو أن تحرر 4 من الأسرى خلال تسعة شهور .
إن الرد الحقيقي على تصريحات ونشوة عصابة الكابينت جاء فورا على لسان لجان الأسرى والمتحدثين بالنيابة عن عائلاتهم والذين طالبوا على الفور بالمضي فورا في ايقاف الحرب وعقد الهدنة وصفقة التبادل ، إن جرعة التخدير التي قدمها المجرم بيبي لشعبه ويحاول من خلالها اعادة لملمة الفوضى الداخلية التي خلقها ليست سوى كبسولة خداع لا يمكن لمفعولها أن يدوم بأكثر من بضعة أيام وستكون العواقب التالية عليه أشد وبالا، شعبيا وحكوميا مع باقي المجرمين من عصابته.
لقد أكدت لنا الادارة الأمريكية بكل صفاقة وبكل وقاحة بأن أفلام الهدن والتهدأة هي أفلام هندية ومجرد تهليس وضحك على الذقون ، ولكنه نسي بأن ذقن القيادة الفلسطينية ليست ذقن اوسلو ولا ذقن القيادات العربية وبأن هذا الدرس سوف تتعلمه جيدا وينعكس على أدائها الأكثر حدة من كل ذكائكم الصناعي والطبيعي .
إن كان هنالك من ملامح للبطولة والأداء العبقري فهو يسجل للمقاومة الفلسطينية التي تمكنت من الحفاظ على هؤلاء الأسرى في الخفاء والأمان طيلة هذه المدة التي لم يسلم منها شيء أو حي او مسكن داخل قطاع غزة ، إنها معجزة بحد ذاتها تسجل لأداء وإدارة الحرب من المقاومة ، إن الترجيح الأكبر لحدوث هذه الضربة الخاطفة التي خطط لها منذ اسابيع لم يتم لولا التجسس الأمريكي وجواسيس السلطة الذين تم دسهم كما ذكرت بعض التحليلات .
لقد تبين على الفور الدور الفني والحقيقي لأكذوبة الميناء العائم ودور التهليس والتدليس الذي قدمه بايدن حول نواياه في دعم ومساعدة شعب فلسطين من خلال هذا الميناء .
إن نشوة القيادة الصهيونية والأمريكية بهذا (التحرير) وتجاهل عدد الضحايا والشهداء من النساء والأطفال يؤكد مرة أخرى حقيقة النظرة والنوايا التي يضمرها الكيان الأمريكي والصهيوني حول الإنسان العربي وعنصرية مبادئهم وانحطاط انسانيتهم المشوهة ، ويؤكد للمرة المليون بأنه لن ينجو من براثن هؤلاء لا العملاء ولا الأصدقاء ولا الأعداء ، إنهم شر مطلق أينما وجدوا ولا سبيل لسلام او أمان معهم .
عملية كهذه داخل الميزان العسكري من حيث عدد أفرادها والقوى والمعدات المستخدمة فيها وعلى مدى أسابيع من التحضير والتعقب والرصد إنما لا تتعدى إدانة ووصمة عار على وجه الاستعلاء الصهيوني -الأمريكي ودليلا دامغا على ضعفهم وقلة حيلتهم حيال مقاومة سددت لهم ضربات موجعة في كل موقعة وكل حي ومدينة من غزة وبأبسط وأسرع التجهيزات ونجحت طيلة شهور عصيبة في إخفاء الأسرى وتأمين حياتهم وسط قصف شامل.
انتظروا في القريب العاجل رد المقاومة وكيف أنها سوف تأسر عددا من فئرانهم لتؤكد لهم وللعالم بأنها قادرة في أية لحظة على مضاعفة ما لديها من أسرى بكل سهولة .
سوف تكتشفون سريعا بأن عملية (تحرير ) الأسرى التي يتباهى بها المجرم النازي بيبي ستنقلب على رأسه وستقود إلى مزيد من الإضطراب والفوضى في مسيرته وفي مسيرة هذا المجتمع المجرم الذي تجاوز بذنوبه ما يحتمله الكون
﴿ وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ ۙ أُولَٰئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ﴾
*كاتب فلسطيني

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

المقاومة..السبيل الوحيد لكسر سياسات الجدار الحديدي!

د. طارق ليساوي* أشرت في مقال “الأهداف الخفية لإسرائيل بقيادة بنيامين بن صهيون نتنياهو..” إلى …