حمدي دوبلة
بعد غياب دام لسنوات طويلة عن اجواء العيد في القرية وقضاء اوقاته السعيدة بين الاهل والاقارب وفي ربوعها الجميلة حيث ذكريات الطفولة ومواطن الصبا والتصابي وروائع الايام الخوالي شاءت لي الاقدار ان اقضي ايام عيد الاضحى المبارك الفائت هناك في القرى الجميلة المتناثرة على طول وادي ظمي مابين مديريتي حيس والخوخة وهما المدينتان الواقعتان تحت سيطرة العدوان ومرتزقته متعددي الانتماءات والتوجهات والاجندة
-بعد سفر مضن وطويل استمر على مدى يومين وصلنا الى قريتي الصغيرة وكانت المسافة فيما مضى مابين العاصمة صنعاء وبينها وقبل ان تطأ اقدام قوى العدوان مدينتي حيس والخوخة لاتزيد عن 7ساعات سفرا بالسيارة كحد اعلى اما الان فمن الصعب ان لم يكن مستحيلا ان تصل في يوم واحد بسبب اغلاق الطرقات وحظر التجوال المفروض من قبيل المغرب في مناطقنا المسالمة تلك و التي صارت منطقة تماس مابين قوى العدوان ومجاهدي الجيش الذين لايزالون يسيطرون على ارياف المديريتين .
-لاادري لما ذا كلما حلت قوى العدوان منطقة او مدينة الا عملت وبكل ماتستطيع من قوة على سد الطرق منها و اليها وماهي الحكمة في مضاعفة معاناة الناس وماهي الجدوى او المكاسب العسكرية التي يجنونها من وراء اغلاق الطرق ودفع الابرياء الى طرقات بديلة غير معبدة وملتوية ومتشعبة تجعل من المسافر فيها وكانه يخوض معركة حياة او موت ..فالطريق الاسفلتي مابين مديريتي الجراحي وحيس مثلا يمتد على مسافة 18كيلومتر تقريبا على الخط الرئيسي الحديدة- تعز وكانت تقطعه السيارة في مدة لاتزيد عن نصف ساعة لكنه صار الان مغلقا امام المارة وعلى من يريد السفر بين المديريتين ان يسلك طريقا شرقيا تمر على مناطق في العدين بمحافظة اب وشمير في محافظة تعز قبل ان يعود ادراجه غربا وفي شعاب وادوية وتضاريس جغرافية شديدة الوعورة لتستغرق هذه الرحلة التي كانت تتطلب دقائق حوالي خمس ساعات على اقل تقديربالنسبة للسيارات ووسائل النقل الصغيرة اما شاحنات النقل التجاري والمركبات الكبيرة فانها تحتاج ليالي واياما.
-في هذه الطريق التي اُجبرت على خوضها لاول مرة في حياتي خلال رحلتي الاخيرة الى القرية وعلى الرغم من الاستمتاع بمناظر الطبيعة الخلابة وخاصة على جانبي وادي عنة التابع لمحافظة اب والذي يفيض بالسيل معظم ايام السنة ويزداد تدفقا خلال موسم الامطار والانبهاربسحر وجاذبية المروج الخضراء التي تمتد على طول الوادي بالرغم من كل ذلك الجمال الذي ينسيك بعضا من عناء ووعثاء هذا السفر الاجباري الا انك ترى ايضا مشاهد انسانية ينفطر القلب شفقة وتعاطفا مع اصحابها واتحدث هنا عن سائقي الشاحنات التجارية الكبيرة العالقة في رمال واوحال تلك الاودية والشعاب والتي ازدادت صعوبة بفعل الامطار والسيول واذا بـ”الحراثات والشيولات ” تناضل لسحب هذه الشاحنة اوتلك ليتكرر هذا المنظر الاليم كثيرا خلال هذه الرحلة المتطاولة الابعاد
-لااريد ان اسهب اكثر في سرد مثالب هذه الطريق ومايعانيه الناس في دروبها فما تلك الا نسخة ربما تكون مصغرة من معاناة باتت مفروضة على اليمنيين في تعز والحديدة ومناطق ومحافظات اخرى صارت مغلقة ومقطعة الاوصال بسبب العدوان وممارساته لكن الرجاء والامل من كل من بقي في قلبه ذرة من حياء او ايمان من المختصين والمعنيين بهذا الامر كائنا من كان ان يتقي الله في عباده وان يسارع الى فتح هذه الطرقات والممرات الهامة التي تعتبر شرايين حياة للملايين من الابرياء وان كان لابد من اغلاق هذه المنافذ فليكن من وقت المغرب الى الفجر مثلا وعلى ذلك هذا الاساس سيعمل الناس على ترتيب امورهم بما يجنبهم خوض معاناة وجحيم هذه الدروب العسيرة..والله المستعان على مايصفون .
” نقلا عن صحيفة الثورة الاثنين 24/8/2020″