د. جلال جراغي*
بعد قيام الكيان الصهيوني باغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الشهيد “إسماعيل هنية” بطهران في 31 تموز/يوليو الماضي وبعد ساعات من حفل تحليف وتنصيب الرئيس الإيراني تحت قبة البرلمان، وبحضور حاشد من كبار مسؤولين دوليين، أكدت إيران على مختلف المستويات العليا وعلى لسان أكثر من مسؤول على أنها سترد على هذا العمل الإسرائيلي الجبان، لأنه أولا یعتبر انتهاكا لسيادة وحرمتها ومسا بشرفها وهيبتها بغض النظر عن تفاصيل العملية سواء كانت عملية امنية واستخبارية أو عسكرية من خارج الحدود، ذلك أن العملية بحد ذاتها يتطلب ردا حاسما ورادعا من الجمهورية الإسلامية الإيرانية لتثبيت معادلة الردع لأنه إذا ما لم ترد إيران فإن الكيان الاسرائيلي على غرار الكلب المسعور سيكرر أعماله الإرهابية بحق الإيرانيين وسيقوم في المرة القادمة باغتيال احد قادة ومسؤولين بارزين داخل البلد. وعلى هذا يجب ردع الكيان ووضع حد لتوحشه مرة واحدة للأبد.
ثانيا، إن الشهيد إسماعيل هنية كان من أحد كبار قادة وأركان محور المقاومة فاغتياله في أي مكان كان، سواء كان بطهران أو قطر أو تركيا، كان يضع محور المقاومة بكافة أضلاعها في موضع الانتقام والرد، وعلى هذا فإن الانتقام له والثار لدمه أمر محسوم من قبل جميع أركان المقاومة فلسطينيا كانت أو لبنانيا أو عراقيا أو يمنيا أو إيرانيا.
السؤال الذي يطرح نفسه بقوّة هذه الأيام في وسائل الإعلام خاصة تلك التابعة للدول الغربية هو هل مفاوضات وقف إطلاق النار في الدوحة القطرية من شأنها أن تلقي بظلالها على الرد الإيراني على هذه الجريمة الموصوفة أم سيكون الرد بغض النظر عن المفاوضات وبمعزل عن نتائج تتمخض عنها؟
للإجابة عن هذا السؤال فإن هناك نقطة يجب أخذها بعين الاعتبار فهي أن مصالح الشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية تقع على سلم أولويات السياسة الخارجية الإيرانية وبل تعتبر الأولوية الأولى والقصوى لها، وانطلاقًا من هذه النقطة، فإنه إذا ما كانت مفاوضات الدوحة وصلت إلى نتيجة تفرض وقف إطلاق النار على الكيان الصهيوني وانسحاب قواته من عموم قطاع غزة، في هذه الحالة يمكن القول بأن مثل هذه النتيجة من شأنها أن تؤثر على الرد الإيراني وقد تخفف إيران من ردها على الكيان، لكن لن يطرأ تغيير على حق إيران في الرد على الكيان بسبب خرق سيادتها من قبل الكيان الصهيوني لأن هذه القضية كما تمت الإشارة اليها أولا قضية الشرف والهيبة والسيادة والأمن القومي الإيراني، فلا يمكن بأي حال من الأحال التنازل عنها.
خلال الأسبوعين الماضيين، إيران باستخدام سياسة الصبر الاستراتيجي أو بالأحرى “استراتيجية الصبر” تمكنت من الاستفادت من هذه الفرصة أي فرصة الرد على الكيان الغاصب، ذلك أنها قامت باستيراد مختلف منظومات الدفاع الجوي مثل اس 400 ومقاتلات سوخي 35 من روسيا كما أنها قامت بسد الثغرات الموجودة في منظوماتها الدفاعية وترتيب بيتها الداخلي، وأصبحت جاهزة لضرب أهداف محددة داخل الأراضي المحتلة على نحو غير مسبوق ومن المفترض أن تكون الضربة الإيرانية أكثر وأشد ألما ووجعا.
*كاتب وأكاديمي إيراني
شاهد أيضاً
كشف المستور في كتاب الحرب المنشور!
محمد عزت الشريف* لم يكن طوفان الأقصى محضَ صَولةٍ جهادية على طريق تحرير الأقصى وكامل …