الخميس , سبتمبر 19 2024
الرئيسية / اراء / حزب الله والكيان!

حزب الله والكيان!

د. ميساء المصري*
يقال في علم السياسة أن الأحداث تغير مجرى التأريخ .ومن الصعب التيقن بخطوات اللاعبين الكبار خاصة ,أصحاب التأريخ المر, والذي يكتب في صفحاتهم تأريخ الذاكرة دون الحديث عن الوقائع الحقيقية , وبعيدا عن ذاكرة الشر نأتي للذاكرة المثقوبة للعرب , حيث نتذكر خطابا متلفزا إنتظره الكثيرون ، حذر فيه حسن نصر الله أنصاره من أن هواتفهم أكثرخطورة من الجواسيس الإسرائيليين، قائلاً إنهم يجب أن يكسروها أو يدفنوها أو يحبسوها في صندوق حديدي . وتم استخدام أجهزة النداء . تحسبا لخرق مشتبه به من قبل الكيان الصهيوني .
وقبل تفجير الأجهزة , وفي خضم المطبخ السياسي الصهيوني المزدحم بالخلافات نذكرأحداثا مهمة في الأيام الأخيرة، وأعتقد أنها جديرة بالملاحظة إذا أخذناها في مجموعها:
كإعلان هزيمة لواء رفح التابع لحماس في جنوب غزة. و إن هذا الإنجازالعسكري الكبيريسمح بتحويل الجهود ضد حزب الله. ثم قرار نتنياهو رسميا بجعل عودة المهجرين من الشمال أحد أهداف الحرب , ثم نشر شائعة حول إقالة وزيرالدفاع غالانت واستبداله بجدعون ساعر، حليف نتنياهو الأكثر تشددا اتجاه حزب الله.ثم كشف الشاباك مؤامرة لحزب الله لإغتيال ضابط كبيرسابق في الجيش الإسرائيلي بجهاز تفجيرعن بعدعلى شكل لغم مضاد للأفراد.ثم التحذير الأمريكي من التصعيد مع لبنان.
ليعطى الموساد الضوء الأخضر بتفجيرالآلآف من أجهزة النداء اللاسلكية في مختلف أنحاء لبنان وحتى في دمشق في جيوب وحقائب أعضاء حزب الله، وتوجيه ضربة بدنية ومعنوية في أكبرعملية إختراق أمني للحزب .
ad
وفي ضوء ما حدث, تصبح الأهداف مستباحة تماما , فما هي الأخلاقيات التي تحكم هذه العملية؟ فما حصل غير أخلاقي وعدوان إرهابي لا شرعي , إنه إرهاب مستهدف، وتصعيد غير متوقع من شأنه أن يزيد من سخونة الصراع في الشرق الأوسط. فقد إستخدم نتنياهو تكتيكات متطورة دون استراتيجية واضحة طويلة الأجل، مقابل جرالجميع إلى الحرب الشاملة، ومن هنا نتحدث عن استراتيجيتين , الأولى خاصة بحزب الله, والثانية بالكيان الصهيوني:
فمن وجهة نظرالكيان , إخترق بروتوكولات الأمن الخاصة بالحزب ,حيث وصل إلى سلسلة توريد هذه الأجهزة,وعملية الإنتاج، و تورط وسيط مخترق سهل توزيع هذه الأجهزة التي تم التلاعب بها إلى حزب الله..وبالتالي سلط الضوء على نقطة مهمة: أن حزب الله مكشوف بالكامل أمام القدرات الإستخباراتية والعسكرية الصهيونية.وبالتالي سيفعل الكثيراتجاه الضغط على الحزب.
ولا نغفل هنا أن نتنياهو يهدد بعملية أوسع نطاقا ,وأن لديهم قدرات لم تكشف بعد رغم فشلهم في غزة , لآن غزة مختلفة تماما عن الجنوب اللبناني , ويظهر أن كلام نتنياهوعن المفاجآت لم يكن فارغا. فالتصريحات السياسية تمحورت حول “تغيير قواعد اللعبة”. وما بين الوعيد والتهديد,ظهرت طرق أخرى غير تقليدية للعدو بميزة تكتيكية. وهذا يقودنا إلى درس مهم : إن الحرب التالية لن تُخاض أبداً مثل الحرب السابقة.
والأخطر ظهور قدرات قد يتم رؤيتها في جميع أنحاء إقليم الشرق الأوسط ,فلا نتحدث عن بيغاسوس مثلا بل ما هو أخطر ,عن قنابل قد تكون موجودة في أي مكان محتمل ؟؟؟. وبهجوم مرعب من نواح كثيرة، فمن قال إن الكيان يمكنه تفجير أجهزة النداء فقط؟ ماذا لو توفرت التكنولوجيا لسحب هذه الأنواع من الإنفجارات على أجهزة أخرى ؟ و من قال مثلا أنهم لا يستطيعون فعل الشيء نفسه في إيران لـ 8 ملايين جهازهناك ؟
أما رد حزب الله , فالأمر الأكثر وضوحاً هو أن الهجوم كان على النطاق العريض للحزب.وهو من شأنه أن يشكل انتكاسة كبيرة لقد رأينا منظمة إيتا في إسبانيا، و الجماعات الكولومبية، والجيش الجمهوري الإيرلندي المؤقت يستخدم أجهزة النداء كأجهزة متفجرة .فكيف غفل الحزب أمنيا عن هكذا منحى .
لقد تم اختراق شبكات القيادة والإتصالات و تدميرها إلى حد كبير, وحددت الهويات ، وحللت تحركاتهم، سواء من عناصر فرع الأمن أوالإستخبارات المضادة أو الميدانيين أومستويات القيادة العليا. بل البنية بأكملها باتت معرضة للخطر.لا يمكنك استبدال وحدات أمنية بأكملها بين عشية وضحاها خاصة من النخبة قوة الرضوان، ولا يمكنك العثورعلى بدلاء بهذه السهولة وتدريبهم أثناء حرب دائرة.
وهنا نلاحظ استراتيجية هامة ذات شقين ,أولاً، التأثير الحركي المباشر للحزب فقد حيّد مئات من مقاتليه لعدة أيام على الأقل أو لفترة أطول، وخلق حالة من الفوضى بقدرة الحزب على التواصل. وثانياً:هل يتجه حزب الله إلى الهواتف الذكية، مما يجعله أكثرعرضة للتتبع والتجسس. وهذا يثبت عدة عوامل:
هل يخفي الكيان عسكريا ماهو أكبر بكثير بطريقة مختلفة ومبتكرة ,وإن عنصرالمفاجأة بات حاضرا بقوة من خلال تعريض شيء عزيز على حزب الله للخطر، مثل حياة قادته وقوته في لبنان. فشحنة متفجرة صغيرة بحجم ممحاة قلم رصاص صنعت الكثير من الخسائر المدنية والعسكرية فما بالكم بما هو مخفي ؟؟
فهل ستدخل الدبابات إلى لبنان كما حرب لبنان الأولى عام 1982، أو كما حرب لبنان الثانية عام 2006. وهل تحدث الآن حرب لبنان الثالثة2024. وكيف هي حرب اليوم عن حرب الأمس.؟ أم انها لن تغير الوضع على الأرض، وتبقى حربا محدودة .؟
ففي ضوء المشهد الإستراتيجي المتغير ، هناك ثلاثة سيناريوهات على الأقل:
(1) إعتماد الحرب المحدودة والتي تخدم عدة أغراض لكلا الطرفين. فبالنسبة لإسرائيل، تعمل على إبقاء حزب الله خارج التوازن، ويضع قادته في مخاطرة الإغتيال وتعريض مخازن الأسلحة للخطر. فضلا عن الإستنزاف للطرفين، لكن هذا الصراع يساعد على تجنب تكاليف الحرب الشاملة.
لكنه يفرض مشاكل وخسائر منتظمة. و يهدد المدنيين على طول الحدود. و يفاقم حالة عدم الإستقرار والمشاكل الإقتصادية المتصاعدة، ويخاطر حزب الله بتحمل اللوم.
(2) بدء حرب شاملة ,قد لا يحمد عقباها ,وتجر الإقليم الى صراع أقوى .قد لا تتحملة الأطراف كلها .
(3) إستخدام الديبولوماسية القسرية بشكل أفضل. و قد يستخدم الجميع نفوذه لضمان أن يكون أي وقف لإطلاق النار وفقاً لشروطه الخاصة.
وأخيراً، وفقا للرد اللبناني وعنجهية نتنياهو, ليس من الواضح ما إذا كانت الحرب المحدودة ستظل محدودة بالفعل…
*كاتبة اردنية

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

ابعاد الهجوم السيبراني!

  د. أماني ياسين* ما حصل البارحة في لبنان من هجوم إسرائيلي واسع نتيجة انفجارات …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *