د.محمد بكر*
أيامٌ قليلة وتدخل الإبادة الجماعية في غزة عامها الأول ، لا شيء يُوقف الإجرام الإسرائيلي ، لا منظماتٍ دولية ولا محاكم جنائية ولا مطالباتٍ أممية، لا شيء يمنع أو يضغط أو يؤثر على مايدور في عقل نتنياهو ، فهل اكتملت التوصيفات وباتت لا تحتمل التأويل أو الخطأ بأن الحرب التي لم تعد تقتصر على جبهة غزة هي حرب نتنياهو اوربما حرب” عناد ” نتنياهو ولماذا لم تأخذ التحذيرات الأمريكية والضغوطات طريقها نحو التأثير الفاعل لجهة وقف الحرب وكبح جماح رغبات نتنياهو ؟؟
ميل نتنياهو لتبني سياسة الهروب من غزة نحو الأمام اي لمزيد من التصعيد وعلى عدة جبهات، مرة في سورية وماقيل عن إنزال في منطقة مصياف واستهداف مواقع وشخصيات بعينها مروراً بالتصعيد الأخير في لبنان ، هو يؤكد خشية نتنياهو من مآلات أي اتفاق قد تقذف به سنوات خلف القضبان ، ليس ذلك فقط بل يعتقد نتنياهو أن تصعيد المواجهات في عدد من الجبهات يؤمن له من حيث المبدأ تشابكاً إيجابياً في الأحداث يشتت الأنظار عن إخفاق في جبهة معينة ، بينما يركزها في جبهات أخرى ، بالإضافة لمحاولات حثيثة من قبل نتنياهو لإشراك الحلفاء فيما لو اتسعت المواجهات وتالياً تحمل مسؤولية الفشل الأمني والعسكري بشكل جماعي.
هنا تقود الخشية الحاضرة والمتملكة لسلوك نتنياهو نحو مبدأ “مراكمة الإنجازات” التي لا تتوقف مطلقاً في أجندات عمل نتنياهو اعتقاداً بأنها الطريق الوحيدة للهروب من المساءلات القانونية، وبوصفها طريقاً جيدة لإيصال الرسائل للمجتمع الإسرائيلي، بمعنى وعلى سبيل المثال إن أشهر متواصلة من دخول حزب الله على خط الحرب على غزة، وماسماها الحزب جبهة الإسناد، ومع ذلك لم تصل شكل المواجهة بين الطرفين لعدوان واسع كما يحدث هذه الأيام، بينما جاء قرار توسيع العدوان بعد جملة من الأحداث التي شكّلت في عناوينها العريضة إنجازات ميدانية لنتنياهو مثل اغتيال فؤاد شكر وإسماعيل هنية.
ضالّةُ نتنياهو وإن وجدها في تعدد جبهات التصعيد وتوسيع رقعة الاشتباكات والقتل والتصفية والتدمير، ستصل في نهاية المطاف إلى باب مسدود أساسه أن المجتمع الإسرائيلي ربما بات اذكى بكثير من مناورات نتنياهو، وهذه الأخيرة “اي المناورات ” مهما امتدت وتشابكت وتداخلت لن تغطي على جزئية الرهائن الإسرائيلية ولن تحرف النظر عن مصيرهم الذي استخف به نتنياهو عن قصد، وكانوا بمثابة القشة التي هزت صورة ماكان يُعرف عن نتنياهو برجل الأمن.
ربما ينتظر الأمريكي إلى حين انتهاء الانتخابات الأميركية لكي يكون فرض وقف إطلاق النار في غزة ولبنان هو أول الحصاد الإيجابي للرئيس الجديد، وعاجلاً أم آجلاً ستتحوّل هواجس نتنياهو والخشية من المحاكمة إلى واقع معاش خلف القضبان.
الواقع في غزة وان امتلأ بصور الدمار والخراب والفقد وسيل الدماء لكنها ستكون الطريق الممهدة ليس فقط لزج نتنياهو في السجون وهي جزئية تبقى ذات دلالات معنوية لأن البديل لنتنياهو لن يكون أقل تطرفاً أو حقداً، بل لفرض وقائع جديدة ومعادلات جديدة سياسياً وميدانياً لجهة جولات الصراع القادمة ولجهة الاعتراف بدولة فلسطين.
* اعلامي فلسطيني
شاهد أيضاً
كشف المستور في كتاب الحرب المنشور!
محمد عزت الشريف* لم يكن طوفان الأقصى محضَ صَولةٍ جهادية على طريق تحرير الأقصى وكامل …