د. بسام روبين*
لا شك أن الصواريخ الإيرانية الفرط صوتية قد زلزلت إسرائيل أمس وأوقفت نشوة الانتصار الوهمي والغرور الذي أصاب نتنياهو ومنحه هامش التبجح ببناء شرق أوسط جديد وفقا لقواعد إسرائيلية متطرفة، وقد نجحت إيران بلجمه وعزز من ذلك تهديدها لأمريكا بأن قواتها في المنطقة ستكون هدفا مشروعا إذا شاركت في أي هجوم ضدها.
وما أوصلنا إلى هذه المرحلة من الذل والهوان والصمت أمام الإجرام والإبادة الإسرائيلية التي إستهدفت الفلسطينيين واللبنانيين تمهيدا للإنتقال إلى جغرافيا جديده لإستكمال مخطط المتطرفين الصهاينة هي تلك السياسة الغير أخلاقية والمخالفة للقانون الدولي والقيم الإنسانية التي إعتمدتها الدول الداعمة لقتل الأطفال وإنتهاك حقوق الإنسان ممثلة بأمريكا وفرنسا وبريطانيا فقد دعمت بالمطلق كل جرائم الإبادة التي يقوم بها نتنياهو ضد الشعوب العربية التي لم تجد من يحميها ويدافع عنها كما وجد الشعب الأوكراني عندما هب الغرب مجتمعا لحمايته والدفاع عنه والوقوف في وجه روسيا بالتهديد والعقوبات بينما لم توجه أي عقوبة او تهديد من هذه الكتلة الغير إنسانية لإسرائيل مما دفع نتنياهو للإستفراد بالفلسطينيين واللبنانيين واليمنيين ويتمرد على القانون الدولي ويصبح فرعون هذا الزمان مع إلتزام محور الشر الغربي بضمان أمن إسرائيل وتبرير جرائمها ومنحها الغطاء الدبلوماسي والاقتصادي لإكمال إرهابها.
وما جرى أمس من ضربة إيرانية هي الأقوى قد أصابت أهدافها بعنايه وفقا لما عرضته وسائل إعلام محايدة وأكده خبراء غربيون على قناة bbc وقد يكون لهذه الضربة إرتدادات توقظ النخب الإسرائيلية ممن يسيرون كالنعاج خلف المرياع بينما يقودهم الى الهاوية وإلى معركة زوالهم الحتمية وما حصل ليلة أمس وصفه بعض الإسرائيليون بيوم القيامة قد يدفع بهم وبصوت واحد لتغيير اتجاههم والتخلص من نتنياهو على عجل قبل هلاكهم علّهم ينعموا بحياة آمنة في المحيط العربي والإسلامي مع رد الحقوق التي سلبوها الى أهلها وفقا للقرارات الدولية الناظمة ويجب أن لا ننسى أن الصواريخ الإيرانية قد خلقت ردعا جديدا وحملت تهديدا بأن القادم سيكون أخطر على الإسرائيليين.
فنتنياهو لا يفهم إلا لغة القوة والعنف وقد تخرج الضربة القادمة عن أي قواعد إشتباك لتصل الى أهداف مدنية توجع المجتمع الإسرائيلي بذات الطريقة التي يستخدمونها ضد العرب والمسلمين ناهيك أن الصواريخ الفرط صوتيه قد أغلقت أيضا فضاء السموم والإشاعات التي كان الموساد قد بثها في الشارع العربي والإسلامي من أن إيران باعت حماس وحزب الله ومحور المقاومة وإنخرطت في إتفاقيات سرية مع أمريكا تحقق لها مصالحها وللأسف أنها لاقت رواجا لدى بعض السفهاء ،ولا أعرف بماذا سينشغل المتصهينون بعد ان ذاب الثلج وبان المرج وأصبحت الأمور ترى بدون عدسات.
وتم لجم وتهديد إسرائيل لإجبارها نحو رد ضعيف يحفظ ماء وجه إسرائيل وأمريكا ويخرجهم مما وضعهم نتنياهو فيه وقد يتبع ذلك خطة للسلام قبل الإنتخابات الأمريكية فنتنياهو أفقد الديمقراطيين قيمتهم وفضحهم أمام العالم بينما يشتغل سرا لصالح ترامب الذي يرى فيه المتطرفون طوق النجاة لمخططاتهم الإرهابية فهل ما حدث بعد طوفان الأقصى يخلق حالة عربية تضامنية جديدة تضع حدا لظلم أمريكا وفرنسا وبريطانيا وإستهتارهم بالعرب والمسلمين وإستخدامهم نتنياهو أداة لتنفيذ أجنداتهم؟
*كاتب اردني