اسيا العتروس*
حلفاء اسرائيل من نواب و محامين وسياسيين من ثلاثين برلمانا في العالم يجتمعون في واشنطن دعما لكيان لا يتوقف عن القتل والتدمير و التنكيل بمختلف فئات الشعب الفلسطيني أينما يكونون ..و حلفاء فلسطين غائبون تائهون لا أثر و لا صوت و لا قرار و لا خطة لهم ..
اتقان دورالضحية صناعة تجيدها اسرائيل و تعرف كيف كيف تروج و تسوق لها لدى حلفاءها وهي صناعة لها مكوناتها والياتها ولوبياتها وشبكاتها من أصحاب المال والاعمال الى الاعلام والمشرعين و مراكز التفكير, و هي صناعة تتفرد بها اسرائيل منذ نشأتها من رحم الامم المتحدة قبل أن تنقلب و تدوس و تنكر كل القوانين و القرارات التي منحتها بطاقة وجودها غصبا على أرض فلسطين التاريخية .. اليوم وبعد نحو شهرين على اعلان اتفاق ترامب للسلام الوهمي في شرم الشيخ يبدو أن الجميع سقط في الفخ الذي صنعه ترامب و لكن ليس بمعزل عن ناتناياهو الذي لم تتوقف أجهزته العسكرية عن مواصلة جرائمها من غزة الى الضفة ..
منذ توقيع اتفاق شرم الشيخ الذي فرضه ترامب فرضا على المشهد لانقاذ ناتنياهو تحولت أنظارالعالم في لمح البصرعن الاهتمام بما يجري اليوم في غزة من جرائم حرب تتجاوز ما شهده العالم منذ الحربين الكونيتين ..ولا تزال الصحافة الدولية والعربية ممنوعة من دخول غزة وتجاوزخط المعابر الامنية التي يفرضها الاحتلال لمنع وصول ما يكفي من المساعدات الانسانية الغذائية والطبية والخيم الى غزة بعد أن بات أهل القطاع لا يجدون سقفا يأوون اليه ..و الاخطر أنه فيما يتواصل مسلسل الابادة في غزة مع تعدد وسائل القتل الممنهج من الاغتيال الى التجويع الى الموت بردا أو ألما بسبب انعدام الدواء من العلاج أوالتهجير القسري , تحتضن العاصمة السياسية واشنطن راعية اتفاق شرم الشيخ , و كل اتفاقات السلام السابقة التي لم يبق منها حتى الحبر الذي كتبت به بعد أن منحت الاحتلال كل ما يطلب ظلما و افتراء و أنكت على أصحاب الارض أبسط حقوقهم في الوجود و الكرامة .. و قد لا نجانب الصواب اذا وصفنا اتفاق شرم الشيخ باتفاق القوي على الضعيف .. و من هنا اللقاء السنوي لحلفاء اسرائيل الذي يجمع نواب ومحامين من ثلاثين بلدا بدعم الكونغرس الامريكي لبحث ظاهرة معاداة السامية والتحديات الامنية التي تواجه اسرائيل في العالم ..وسيكون اختتام أشغال هذا اللقاء في البيت الابيض بحضورالرئيس الامريكي لتعزيز هذا الحلف و منح اسرائيل المكافأة التي تنتظرها من الحليف الامريكي لالغاء كل فرصة للمحاسبة والمحاكمة ..يمعن كيان الاحتلال في قتل وابادة أهل غزة فيكافأ رئيس وزراءه مجرم الحرب الملاحق لدى الجنائية الدولية و يحظى بالدعم و التمويل … يقترف جيش الاحتلال أبشع جرائم العصر فتتهاطل عليه التمويلات والتعزيزات العسكرية الاكثر فتكا لحماية قطان المستوطنين في الضفة لمواصلة اقتلاع أشجار الزيتون وتوسيع المستوطنات والاعتداء على الاهالي وطردهم من بيوتهم …حرب الابادة التي جعلت من غزة مخبرا لكل أنواع السلاح بما في ذلك المحرم دوليا ,أتاحت المجال لحكومة مجرم الحرب ناتنياهو لترفيع صادرات اسرائيل من الاسلحة التي ثبت فعاليتها و تجربتها في غزة أمام أوروبا ليرتفع نسق هذه الصادرات الى 14.8 مليار سنة 2024 في خضم حرب الابادة …
وبدل معاقبة هذا الكيان المارق ومحاصرته وعزله و منع تسليحه تستثمر اسرائيل في حرب غزة للترويج لاحدث ما لديها من سلاح تتوافد عليه دول مثل المانيا و بريطانيا والنرويج وغيرها وتمنح اسرائيل الضوء الاخضر للمشاركة في الاوروفيزيون رغم انسحاب خمسة دول اوروبية بسبب مشاركة اسرائيل و هي اسبانيا وارلندا وسلوفينيا وهولاندا وايسلند ..
كل المبررات مطلوبة لتضييق الخناق على الفلسطينيين في حياتهم اليومية وخنق أهالي غزة ودفعهم للرحيل دون رجعة و هذا في الواقع متناسق مع خطة الرئيس الامريكي و تصوره لمستقبل غزة و لمستقبل منطقة الشرق الاوسط و متناسق و هذا الاهم مع خطته الامنية في أمريكا واغلاقه السبيل أمام الهجرة في بلد قام على المهاجرين الذين بفضلهم يتحقق الحلم الامريكي وهو يتناسق أيضا مع نظرته الدونية للشعوب الفقيرة من غير البيض الذين يقزمهم في خطاباته دون أدنى حرج ..
وهو أيضا ما يتناسق مع تعاطي أمريكا ترامب مع تطورات الاحداث في غزة والتواطؤ الى درجة الراكة في الابادة المستمرة ..والان تدرس أمريكا ادراج الاونروا ضمن لمنظمات الارهابية علما وأنها تكاد تكون المؤسسة الاممية الوحيدة التي لا تزال تكابد لتوفير المساعدة الانسانية للفلسطينيين.. وفي المقابل تحتضن أمريكا مؤتمر حلفاء اسرائيل وتستقبل مات النواب من برلمانات العالم لبحث التشريعات المطلوبة لتوفير الحماية لاسرائيل وهذا طبعا يعني التوجه نحو الالغاء نهائيا لقرارات الامم المتحدة و للعدالة الدولية ..
طبعا لسنا في حاجة للبحث عن أهداف وأسباب انعقاد مثل هذا التحالف في مثل هذا التوقيت وبالتزامن مع اليوم العالمي لحقوق الانسان الذي تدوسه اسرائيل جهرا تحت أنظار العالم , فليس سرا أن صورة ومكانة ومصداقية اسرائيل التي ظل المجتمع الدولي يكذب و يسوق على مدى ثمانية عقود أنها عنوان الديموقراطية في الشرق الاوسط تتهاوى و تسقط في الحضيض بعد أن سقطت كل الاقنعة التي يتستر خلفها هذا الكيان أمام حجم التوحش والتعطش للقتل والدم والابادة الذي أظهره هذا الكيان طوال سنتين من الحرب المفتوحة في غزة والتي أعادت الى المشهد كل المجازر التي قام عليها الاحتلال من قبية والقدس وعيلبون و الخليل الى صبرا وشاتيلا والخليل و جنين وغيرها من جرائم الحرب التي لا تسقط بالتقادم ..وهي تأتي أيضا أمام التحولات العميقة في مواقف و توجهات الشعوب والرأي العام الدولي ازاء كيان الاحتلال وما كشفته استطلاعات الرأي من تحول جذري ازاء هذا الكيان ورفض واستهجان وتنديد لجرائمه في حق الفلسطينيين و تطور ذلك الى احتجاجات مليونية في مختلف العواصم الدولية بما في ذلك الاكثر دعما و تأييدا للاحتلال وهي احتجاجات استمرت رغم القيود الرسمية والملاحقات والعقوبات التي استهدفت النخب والفنانين والاكاديميين و الجامعيين الامر الذي ازعج الاحتلال وأحرج حلفاؤه ..
أين التحالف مع فلسطين و أين التحالف مع غزة وأين تحالف برلمانات العالم مع غزة و الى متى يستمر التعلل بوجود حماس والمقاومة للقبول بجرائم الاحتلال وتوفير الحصانة له ؟ ان ما نحتاج فعلا للتوقف عنده والتساؤل بشأنه اليوم بعد صدمة اتفاق شرم الشيخ وبعد كل الاهوال التي عاشت و تعيش على وقعها لماذا لا يترجم التعاطف الدولي و الشعبي مع غزة والضفة الى واقع ..ولماذا لم تبادرأي جهة عربية اسلامية أو افريقية أو أوروبية أو غيرها الى اعلان دعمها وتحالفها مع غزة والضغط من أجل توسيع مجال المساعدات و التعجيل بادخال الخيم التي يضطر اصحابها للانتظار سنة للحصول عليها و لماذا لم تتحرك أي جهة حتى الان للدعوة الى مؤتمر لدعم غزة في محنتها المستمرة مع الموت و الجوع والبرد والامطار .. و لماذا يصمت الجميع عن مطالبة الاحتلال بتمويل اعادة اعمارما دمره في غزة ..ولماذا لا تحول وجهة التمويلات والصفقات التي تمنح لهذا الكيان لمساعدة الشعب الفلسطيني على التخلص من قيود الاحتلال و اعادة بناء مدنه و قراه و مؤسساتها ومدارسه و مستشفياته ومتاحفه و مساجده التي تحولت الى ركام … انها مفارقات المرحلة كيان الاحتلال الذي أباد الاف الفلسطينيين و حول غزة الى خراب و شرد أهلها و تسبب في اعاقة الاف الاطفال والنساء والشباب يحظى بالدعم و التأييد و يفرش له السجاد الاحمرفيما يفرض على أهالي غزة أنيموتوا في صمت فيما يتباهى عراب اتفاق وقف اطلاق النار بأنه حقق اتفاقا تاريخيا ..ثلاثون بلدا انضموا لاعلان التحالف مع اسرائيل و المهمة التي لا تخفى على ملاحظ تتعلق طبعا بتبييض وجه المجرم و منحه صك البراءة من كل ما اقترفت يداه ولم لا التدخل بقوة لدى الرئيس الاسرائيلي هرتزوغ لاعفاء رئيس حكومته من المحاكمة في قضايا الفساد التي تلاحقه و لم لا هرسلة وترهيب كل قضاة الجنائية الدولية الذين أصدروا بطاقات جلب في حق ناتنياهو وشركاءه.. العاصمة السياسية واشنطن التي تحتضن مؤتمر حلفاء اسرائيل لم تكن و لن تكون وسيطا او شريكا محايدا بعد أن أوهمت الجميع بأنها كسبت اتفاقا تاريخيا للسلام بين اسرائيل وحماس وهو اتفاق لم يمنح حتى اليوم أهل غزة ما يحتاجونه من ماء او دواء او غذاء أو مأوى حيث تغرق الخيم في برك من مياه الامطار والاوحال و تتواصل بعيدا عن الانظار عمليات القنص والقتل من غزة الى الضفة و تتسع رقعة الاحتلال والاستيطان وابتلاع ما بقي من الارض و اجهاض كل ما يمكن أن يهيئ الارضية لدولة فلسطينية ..الحقيقة أنه سيكون من الغباء اللوم على واشنطن و نادي حلفاء اسرائيل الذين وفروا للاحتلال كل أنواع السلاح ومنحوه الحصانة الديبلوماسية المطلقة و تواطؤوا معه على مسرح الجريمة لقتل وابادة عشرات الالاف من أهالي غزة ..حتى اليوم لا تزال الصحافة الدولية ممنوعة من الدخول الى غزة و ممنوعة من نقل الحقائق و اكتشاف عمق المأساة التي تجرف غزة من الموت قصفا الى الموت جوعا أو الموت بردا .. نختم بالتذكير أنه في خضم كل ذلك يواصل الحاخام دوف ايؤور و هو أحد أبرز الحُكّام الصهاينة الدينيين، والأبّ الروحيّ لحزب الصهيونيّة الدينيّة بقيادة وزير الماليّة سموتريتش، حملة التحريض الشرسة على الوجود الفلسطيني و الدعوة الى قتلهم او ترحيلهم بكل الطرق ..بل هو يحرض على عدم تقديم مساعداتٍ إنسانيّةٍ للأشرار الفلسطينيين ، الذين يفتقرون إلى الإنسانيّة على حد تعبيره …
*كاتبة و صحفية تونسية
اليمن الحر الأخباري لسان حال حزب اليمن الحر ورابطه ابناء اليمن الحر