د احمد القطامين*
في السنوات الاولى من مطلع القرن الواحد والعشرين، تمكنت القوات الأمريكية المحتلة من تحديد البيت الذي يختبئ فيه ابناء صدام حسين عدي وقصي ونجل قصي مصطفى البالغ من العمر اربع عشرة سنة . استدعت القوات الأمريكية وحدة خاصة من الجيش مكونة من مائة جندي وعدد من المدرعات والدبابات وحاصرت البيت وطلبت بواسطة مكبرات الصوت من الموجودين داخله بالاستسلام. كان الرد صليات من الرصاص من ثلاثة اماكن من داخل البيت عندها شرعت الدبابات بإطلاق قذائفها على المكان لمدة ساعتين بينمااستمر اطلاق النار من المدافعين داخل البيت. طلب قائد الوحدة العسكرية من قيادته تزويده بطائرات عمودية لحسم المعركة بين شخصين وطفل من جهة والوحدة الأمريكية المدججة بالسلاح من جهة اخرى.
بعد ست ساعات من المعركة توقف إطلاق النار من داخل البيت المدمر بعد ان استشهد نجلي صدام عدي وقصي فدخل الجنود إلى ما تبقى من البيت وفوجئوا بالطفل مصطفى يطلق عليهم نيران بندقيته الكلاشنكوف فطلبوا منه الاستسلام فرفض وواصل إطلاق النار عليهم فحاصروه إلى ان استشهد.
احتفل بهذا الطفل الشجاع العالم وخصصت مؤسسة أمريكية تعني بالطفولة له ميدالية اشجع طفل في العالم، بينما كان العرب اهل هذا الطفل الشجاع يرتعدون خوفا حتى من نعيه او ذكر اسمه في وسائلهم الاعلامية
خلاصة القول، ان البطولة خاصية من خصائص الكبار من ابناء البشرية وعادة ما يظهر الأبطال في المراحل الصعبة من حياة اممهم ليجعلو للحياة معنى وقدرة على الاستمرار، وتحتفل الامم بالأبطال وتترك لهم مكانا خاصة في ذاكرتها القومية، إلا نحن عربان هذا الزمن الردئ. فنحن قد استبدلنا الأبطال بالفاسدين وبمن يمتلكون المال وشيدنا لهم قلاعا بارزة من التبجيل والإشادة وحاولنا ان نغرز في وجدان أطفالنا أمثلة متخذة من هذه القيم الفاسدة .. فعانينا ولا زلنا نعاني من فضاء قاتل يخلو من قيم البطولة والفروسية والقدوة وأصبحنا على ما نحن عليه الان لا حول لنا ولا قوة.
ان استشهاد بطلين من أبطال الامة (يحيى وحسن) على يد جيش تتمحور عقيدته القتالية وشرفه العسكري حول القتل لم يثر الكثير من عواطف الامة.. بل بالعكس لجأ البعض عبر وسائل التواصل الاجتماعي وقنوات فضائية عربية فاجرة إلى السخرية والشماتة برحيل نصر الله والسنوار وهما ابرز ما انتجت الامة من أبطال في خضم كونها امة تعيش في مأزق اخلاقي غير مسبوق ..
رحم الله مصطفى قصي صدام حسين ووالده وعمه ورحم الله القادة الأبطال حسن نصر الله ويحيى السنوار.. وعظم الله اجر ما تبقى من رجال في هذه الامة المنكوبة..
*كاتب اردني