الإثنين , فبراير 17 2025
الرئيسية / اراء / ماذا بقي من احلام الثورة في تونس؟!

ماذا بقي من احلام الثورة في تونس؟!

اسيا العتروس*
ليس مهما الوصف الذي اطلق على احداث 17 ديسمبر و14 جانفي 2014 سواء تعلق الامر بانتفاضة او هبة شعبية أو ثورة عالقة , فكل القراءات والتأويلات تبقى قائمة و كما أن للمؤرخ قراءته للمشهد واعتباره ما حدث ثورة فان لعين الاعلامي قراءة قد تختلف أو تتفق معها في بعض الاحيان ولكن الاكيد ان الامور تقاس بخواتيمها و لكن بعد تحديد الحصيلة و تقييم المشهد قبل و بعد 14 جانفي والاجابة عن الاسئلة المعقدة و ما اذا كانت شعارات 14 جانفي تحقتت او ما اذا تاهت في الاحداث والصراعات والمؤامرات ,و لاشك أننا اليوم في حاجة الى بعض من النزاهة للاعتراف بالحصيلة الراهنة على مختلف المستويات بدءا بالحريات و الاصلاحات و الحرب على الفساد وصولا الى المصالحة المؤجلة و الازمة المالية و الاقتصادية المتفاقمة …
أول الملاحظات التي يمكن ان نسوقها في هذه الذكرى ان الشارع التونسي وان شريحة مهمة من المجتمع المدني حاضر في هذه الذكرى رغم كل القيود و رغم الاجواء المناخية السيئة لاحياء هذا الموعد والتذكير بالشعارات التي رفعها التونسيون قبل اربعة عشرة عاما و قدموا لاجلها التضحيات الجسام و هو ما يدفعنا للقول ان ذكرى 14 جانفي حدث تاريخي مفصلي في تاريخ تونس الحديث و يجب التذكير أنه سيبقى مرتبط باحداث 17 ديسمبر 2010 , بما يعني أنه لن تفلح محاولات طمس و ازالة ما حدث يوم 14 جانفي .
كما أن الغاء هذا الحدث من الرزنامة الوطنية الرسمية بعد 25 جويلية لا يعني الغاؤه من الذاكرة التونسية والاكيد أن التاريخ سيسجل أن يوم14 جانفي 2011 سجل هروب رأس النظام زين العابدين بن علي الى السعودية على وقع تلك الاحداث و أنه سيموت ويدفن هناك , وايا كانت التاويلات و القراءات حول ظروف و ملابسات الهروب فان هناك جملة من الدروس التي سيتعين التوقف عندها و أولها و اهمها أن أي نظام فقد ثقة الشعب لا يمكنه الاستمرار مهما اشتد نفوذه عسكريا و امنيا و أنه مهما طال فانه الى زوال لانه لا يمكن لاي حكم متفرد بالسلطة ومتحكم في ثروات البلاد و مصير العباد أن يستمر الى ما لانهاية ..و ها نحن نشهد ما حدث في سوريا قبل شهر بالتحديد من انهيار سريع لنظام الاسد الذي تفرد بالسلطة طوال اكثر من نصف قرن بين الاب والابن لينهار كقصرمن الرمل في غياب و انسحاب الجيش العربي السوري عن مواقعه بما في ذلك على خطوط الجولان المحتل و هذا درس لا يقل اهمية عما سبق و ان الولاء لا يكون للزعامات و الاشخاص و لكن الولاء للاوطان و الشعوب و هذه مسؤولية الحاكم العادل في كل الازمان ..
هناك جيل ولد مع الثورة في 14 جانفي و قد عرف اليوم اكثر من ثلاثة رؤساء خلال عقد ( المبزع المرزوقي الباجي محمد الناصرسعيد ) في حين أن الاجيال السابقة لم تعرف طوال نصف قرن غير الزعيم بورقيبة و بن علي ما يعني ان هذا الجيل نشأ في مناخ مختلف حتى و ان كانت سمته الكثير من الفوضى و الصراعات السياسية و عقلية الغنيمة
الجيل الذي كان سنه عشر سنوات خلال الثورة هو اليوم جيل الشباب الذي يمثل جزءا اساسيا من المشهد السياسي و هو الجزء الذي عايش الكثير من الخيبات بسبب تلاشي الوعود التي قامت عليها الثورة “شغل حرية كرامة وطنية ” و السؤال اليوم ماذا بقي من تلك الشعارات امام جيل حلمه الوصول الى الضفة الاخرى للمتوسط على متن قوارب الموت و تجار الاحلام حتى وان كان الثمن حياته
هناك جيل مخضرم جيل حلم بدولة مدنية تعددية لا عسكرية و لا دينية و لا فردانية متغطرسة و هو جيل ينحدر من جيل دولة الاستقلال و عرف كل انواع النضال السياسي في الجامعات التونسية و تذوق مرارة السجن والملاحقة ..
لقد شهدت التجربة الديموقراطية الناشئة في تونس بعد سقوط نظام بن علي الكثير من الانتكاسات و الخيبات على وقع تراجع الاحلام و هيمنة عقلية الغنيمة لدى الاحزاب و لكن وجب الاعتراف انها سجلت تحقيق بعض المكاسب على مستوى الحريات سواء حرية الاعلام او الاحزاب او المجتمع المدني و كان يمكن دفع هذه التجربة اكثر لو تم اعتماد اصلاحات جذرية لمقاومة الفساد و اصلاح القضاء و الاعلام بعيدا عن لعبة التشفي و الانتقام ..تونس اليوم في حاجة لرؤية بديلة واضحة تدفع الى الارتقاء بالمواطن التونسي الى الافضل و تعزيز الثقة في المستقبل و في قدرات الكفاءات الوطنية المنسية و تعزيز الشراكات اقليميا و دوليا و البحث عن فرص و افاق جديدة جديدة في ظل عالم متغير تقوده العولمة المتوحشة , رؤية تجمع بين الجراة و القدرة على تحقيق الانفتاح على مختلف النخب ومكونات القوى السياسية و النقابية و الحزبية و بدون ذلك ستستر سياسة الهروب الى الامام و الغرق في الازمات الاجتماعية بما في ذلك ازمة التعليم و الصحة والنقل والثقافة والبيئة والانهيار المستمر للبنية التحيتة و للرياضة وللازمة الاقتصادية الخانقة ..
*كاتبة و صحفية تونسية

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

لا لتحييد غزّة..!

فؤاد البطاينة* بعيدا عن الاستغفال السخيف. الهجرة الطوعية مباحة ولكن ضمن شروطها التي تميزها عن …