الأحد , مايو 4 2025
الرئيسية / اراء / الديمقراطية الأمريكية المستبدّة!

الديمقراطية الأمريكية المستبدّة!

د.أنيس الخصاونة*
لطالما تطلعت الشعوب في الدول النامية الى التجربة الديمقراطية في الولايات المتحدة الأمريكية على انها سمة سياسية حضارية تحول دون استبداد رئيس او سلطة سياسية وتفردها بالحكم .ومن أجل ذلك تضمن الدستور الأمريكي نصوصا تؤكد على توزيع السلطات ورقابة كل سلطة على السلطات الأخرى ،كما تضمن إجراءات لمسائلة الرؤساء وكبار المسؤولين عن قراراتهم وافعالهم ناهيك عن تأكيد الدستور على احترام حقوق الانسان وتعزيزها داخليا وخارجيا.
يتساءل المرء امام الموقف الأمريكي من العدوان على غزة واصطفاف الإدارة الأمريكية المتحيز مع اسرائيل وتزويدها بكل آليات ووسائل القتل والتدمير لا بل ومشاركة القوات الامريكية في العدوان. إبان هذه الحرب جرت الانتخابات الرئاسية والتشريعية الامريكية وفاز الرئيس دونالد ترمب وحزبه بهذه الانتخابات.كنا نعتقد ان الشعارات التي رفعها ترمب قبل الانتخابات هدفها حشد الاصوات وأنه في حالة الفوز تتراجع الشعارات أمام الوقائع والحقائق على الارض ،إلا ان القرارات المتسرعة والصادمة التي اتخذها الرئيس ترمب وضعت إشارات استفهام كبيرة حول مجمل الديمقراطية الامريكية التي أفرزت شخصية نرجسية مستبدة لا ترقى ان تكون في موقع رئيس لأقوى دولة في العالم.
يذهل المرء وهو يشاهد الرئيس ترمب يتحدث باسلوب طفولي نرجسي وهو يمتدح نفسه على الطالع والنازل ويتكلم بطريقة يشوبها بعض العشوائية، وخصوصا عندما يتعلق الامر بدول أخرى .هاجم ترمب عشية فوزه بالانتخابات دول كثيرة داعيا كندا لتصبح الولاية الامريكية 51 ،علما بأن مساحة كندا أكبر بكثير من مساحة امريكا، وهدد باحتلال غرينلاند وقناة بنما كما منح نتنياهو أضعاف مما حلم به من سلاح ودعم غير مسبوق ودعمه لتهجير كل سكان غزة خارج ارضهم واختار دول المهجر لهم.هذه السلوكيات والتصرفات تجعلنا نتساءل هل هذا الشخص سوي ،علما ان تاريخه يؤشر الى انه غير ذلك؟وإذا كانت الاجابة بالنفي فإن السؤال الأكبر كيف يمكن لمثل هذه الشخصية الجدلية وغير المستقرة وغير الأخلاقية كيف يمكن ان يتم انتخابها من قبل 72 مليون امريكي ! .قبل بضع سنوات وبحكم انني شغلت موقع نائب رئيس في إحدى الجامعات الاردنية التقيت وفدا امريكيا كا يهدف الى تعزيز العلاقات الثقافية مع المؤسسات الجامعية الاردنية وعلى هامش اللقاء سألني أحد اعضاء الوفد عن أبرز الاسئلة التي يمكن أن يتعرض لها الطلبة الامريكيين الدراسين في الجامعات الاردنية ضمن برنامج التبادل الثقافي من زملائهم الأردنيين .أجبته بأن السؤال الأول والأهم يتمحور حول هذا التحيز الأمريكي السافر مع السياسات الاسرائيلية غير الانسانية في الاراضي الفلسطينية ومصادرة الاراضي والقتل والقمع فكيف ينسجم ذلك مع الادعاء الامريكي بدعم حقوق الانسان والديمقراطية وحق الدفاع عن النفس…الخ.أما السؤال الثاني فهو كيف يمكن لدولة عظمى وتدعي الحضارة والقوة والرقي أن ينتخب شعبها شخص غير سوي وغير مستقر ونرجسي ومحكوم بقضايا عديدة ويعترف بأنه لا يسيطر على نفسه امام النساء كيف يمكن ان ينتخبه غالبية الشعب الامريكي؟.أجابني اعضاء الوفد، جمهوريين وديمقراطيين ،بأن العلاقة مع اسرائيل علاقة مصالح واسرائيل هي ذراع الولايات المتحدة في المنطقة ولها رصيد هائل من الدعم من اليهود ومنظماتهم المتعددة في امريكا.أم السؤال الثاني فلا يتوفر لدينا إجابة عليه ونحن من كلا الحزبين نستغرب كيف لديمقراطيتنا ان تفرز مثل هكذا رئيس.
لم تعد الديمقراطية الامريكية مصدر إلهام ليس لشعوب الدول النامية فحسب ولكن لشعوب دول أوروبية كثيرة باتت تنظر بازدراء للديمقراطية الامريكية التي افرزت رئيسا مثل دونالد ترمب الذي يفرض عقوبات على منظمات الامم المتحدة مثل المحكمة الجنائية الدولية والاونوروا وينسحب من منظمة الصحة العاليمة ومجلس حقوق الانسان وغيرها ،ويسعى لتهجير شعب كامل من ارضه ووضع اليد عليها من قبل امريكا. لو كان مثل ترمب في دولة نامية في افريقيا او اسيا او امريكا الجنوبية فليس له فرصة للوصول لموقع رئيس ولا حتى بالانقلابات.وجود ترمب في موقع الرئاسة الأمريكية سيشكل علامة فارقة سلبية ومؤشر على نكوص الديمقراطية وانحدارها وربما سيكون بداية لإنحدار الدور القيادي للولايات المتحدة الامريكية.نعتقد ان الحضارات في نشوؤها وتطورها تصل الى الذروة في مراحل متقدمه لكنها تبدأ بالأفول والتراجع ولنا في امبرطوريات الروم والفرس والألمان والاتحاد السوفياتي وغيرها خير مثال على ذلك وامريكا لن تكون استثناء فقد كثرت غطرستها واستبدادها ويبدوا ان الله قيض لها ترمب ليقودها للهاوية.
*كاتب اردني

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

لا تطلبوا المستحيل من أهل غزة!

د. فايز أبو شمالة* أرض غزة بعض فلسطين، وفلسطين كلها بعض الأمة العربية، التي إذا …