الجمعة , أبريل 18 2025
الرئيسية / اراء / مجزرة غزة منفذ خروج ترامب من مأزقه مع ايران!

مجزرة غزة منفذ خروج ترامب من مأزقه مع ايران!

صالح القزويني*
طالما تلجأ مخابرات الدول الى افتعال أزمة وتسليط الأضواء عليها لإبعاد الأنظار عن الأزمة الحقيقية.
على الرغم من أن الكيان الصهيوني يسوق ما يشاء من مبررات لدمويته ومجازره ولا يهمه إن كانت مسوغة أو غير مسوغة؛ إلا أن المجزرة التي ارتكبها أمس الثلاثاء في قطاع غزة لا يمكن تبريرها بأي حال من الأحوال.
المبرر الذي ساقه الكيان في ارتكابه للمجزرة وهو تعنت المقاومة الفلسطينية واه للغاية، مما يشير الى أن الهدف ليس الجريمة بحد ذاتها وانما هدف آخر غير معلن وغير واضح.
صحيح أن المجرم نتنياهو قتل في هذه المجزرة قيادات لحركتي حماس والجهاد الاسلامي في مقدمتهم الناطق باسم سرايا القدس أبو حمزة، وكذلك أبطأ تحركات محاكمته وعزله من السلطة والحكم، إلا أن تلك لم تكن الاهداف الرئيسية من المجزرة، وانما الهدف الرئيسي هو انقاذ سيده ترامب من المأزق الذي أوقع نفسه فيه.
ففي مساء الاثنين، أي قبل ساعات من المجزرة التي أرتكبها نتنياهو أعلن ترامب بأنه سيعتبر أية عملية أو أي هجوم تنفذه القوات اليمنية ضد القوات الأميركية انما هي هجمات ايرانية، وكتب على منصته الاجتماعية تروث سوشال: “سيعتبر كل إطلاق نار من الحوثيين، اعتبارا من الآن، نيرانا أطلقتها أسلحة إيرانية والمسؤولون في إيران. وستحمل إيران المسؤولية وستتحمل عواقب” ستكون “رهيبة”.
الموقف خطير للغاية، ولو كان ترامب قد أصر على تنفيذه لوقعت كارثة في المنطقة برمتها، اذ يستدعي من ترامب أن يقوم بتوجيه ضربة لإيران مع كل ضربة تتلقاها قواته من الحوثيين، وغير خاف على أحد مدى الجحيم الذي ستشهده المنطقة والعالم مع أول استهداف أميركي لايران.
لا أريد القول أن الولايات المتحدة تخشى الحرب مع ايران أو المواجهة معها، وانما القول إنها لن تخوض مثل الحرب قبل أن تعد العدة لها، وعلينا أن نقول بصراحة أن واشنطن لن تخوض حربا قبل أن تتأكد أن نسبة النجاح فيها أكبر بكثير من نسبة الفشل، كما أن تجارب السنوات الماضية برهنت على أن الولايات المتحدة لا تخوض حربا بهذا الحجم من دون اقتياد سائر دول العالم معها فيها.
وهذا بالتحديد ما حدث في العدوان الأميركي على العراق وليبيا، فقد استغرق الاعداد للعدوان على العراق أربعة أشهر منذ أن قررت واشنطن خوض العدوان حتى وصلت آخر التعزيزات الأميركية الى المنطقة للبدئ به، من هنا يمكننا أن نعرف حجم المأزق الذي تورط به ترامب بهذا التصريح والموقف.
في طيات المجزرة التي ارتكبها نتنياهو سارع البيت الأبيض الى الاعلان بأن الكيان الصهيوني استشار الادارة الأميركية في تنفيذ المجزرة، مما يشير إلى أن التخطيط للمجزرة جرى بالتنسيق الكامل بين واشنطن وتل أبيب، وربما يقول قائل، متى لم تشارك واشنطن تل أبيب في جرائمها ضد الفلسطينيين وعموم المنطقة، حتى لا تكون هذه المرة؟
وهذا صحيح، ولكن حجم الجريمة وفظاعتها، وتوقفها وعدم استمرارها ثم عودة الكيان الى اعتداءاته التقليدية (ضربة هنا وأخرى هناك)، وموقف البيت الابيض يشير الى أن الهدف هو نقل الانظار مما يجري بين ايران واليمن من جهة والولايات المتحدة من جهة أخرى الى غزة وفلسطين.
نقل التوتر من اليمن وايران الى غزة لا يعني أن الحرب السياسية والاعلامية بين ايران والولايات المتحدة من جهة وبين ايران والكيان من جهة أخرى وضعت أوزارها، بل اننا على موعد مع مرحلة جديدة من الهدوء أو التوتر بين الجانبين بعد أن تقوم طهران بالرد على رسالة ترامب، فطبيعة هذا الرد سيحدد ما إن كنا نشهد مرحلة جديدة من التصعيد والأزمات أو الهدوء بين الطرفين.
لا ندري مالذي قاله ترامب للايرانيين في رسالته، وفي نفس الوقت لا ندري ماذا سيكون رد الايرانيين عليها، ولكن من الواضح ان ايران سترفض أية شروط تعجيزية يريد فرضها ترامب عليها، هذا اذا كان ترامب يصر على فرض هذه الشروط وليس يريد المناورة من طرحها.
*باحث في الشأن السياسي

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

لماذا لم تُتقل المحادثات الإيرانية الأمريكية إلى روما؟

نجاح محمد علي* في أعقاب محادثات غير مباشرة نادرة بين مسؤولين إيرانيين وأمريكيين بوساطة عُمانية …