الخميس , أبريل 24 2025
الرئيسية / اراء / زيارة نتنياهو الى واشنطن بطعم الصدمة!

زيارة نتنياهو الى واشنطن بطعم الصدمة!

د. حكم امهز
وصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن محمّلًا بملفات معقدة، أبرزها الملف النووي الإيراني، والعلاقات الثنائية، والملف الاقتصادي وغزة،. لكنه عاد إلى تل أبيب محمّلًا بالخيبة والارتباك، بعد أن واجه واقعًا سياسيًا جديدًا لم يكن في الحسبان وهو إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن محادثات “مباشرة” ورفيعة المستوى مع إيران، دون علم مسبق من إسرائيل.
(ارجح انه ليس هناك من مفاوضات مباشر، بل أن ترامب قصد التواصل غبر الوسطاء بشان المفاوضات) في مؤتمر صحفي مشترك بين ترامب ونتنياهو، أعلن الرئيس الأمريكي بشكل مفاجئ أن المفاوضات “المباشرة” مع إيران قد بدأت بالفعل، وستتواصل يوم السبت في سلطنة عمان. ترامب قال بوضوح:
( نريد لإسرائيل أن تكون مشاركة في أي اتفاق،لكننا نسعى لتفادي أي صدام…التوصل إلى اتفاقمع إيران هو الأمر المفضل (نريد لإسرائيل لدينا)
التصريحات جاءت كصفعة سياسية لنتنياهو، الذي لم يكن على علم مسبق بهذه المفاوضات، بحسب ما نقلته صحيفة يسرائيل هيوم عن مصادر داخل الوفد الإسرائيلي، والتي وصفت المشهد بأن “الصدمة كانت واضحة على وجوه المسؤولين الإسرائيليين”.
وبحسب المعلومات الخاصة، فان المفاوضات غير المباشرة في سلطنة عمان ستجري برعاية وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي، وبحضور وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، وممثل الولايات المتحدة الخاص ستيف ويتكوف.
نتنياهو حاول التقليل من حجم الصدمة، وقال إنه بحث مع ترامب موضوع إيران، وأن “الطرفين ملتزمان بعدم السماح لطهران بامتلاك سلاح نووي”. لكن الإعلان الأمريكي العلني أعطى مؤشرات بأن واشنطن تمضي قدمًا في مسار منفصل عن تل أبيب، ما دفع وسائل إعلام إسرائيلية مثل هيئة البث إلى وصف الزيارة بأنها “انتهت فجأة وبشكل مثير للريبة”، وسط أجواء خيبة أمل واضحة وارباك.
الجو المتوتر انعكس بوضوح خلال المؤتمر الصحفي المشترك، الذي أظهر فيه نتنياهو لغة جسد مرتبكة ومتوترة. فبدا غير مرتاح، حيث لم يمنيه ترامب، إلا بضع دقائق في بداية المؤتمر للتحدث، قبل أن يتولى ترامب نفسه منفردًا، الرد على أسئلة الصحفيين، متجاهلًا إشراك نتنياهو في أي من الإجابات أو النقاشات المفتوحة. هذا المشهد أعاد للأذهان مشهد “الإذلال السياسي” الشهير الذي تعرّض له الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي في مؤتمراته الصحفي الشهير مع ترامب.
الاعلام الاسرائيلي قال ان نتنياهو وجد نفسه في وضع محرج ومُهين وكديكور لرئيس الولايات المتحدة.
الملفت أن البيت الأبيض كان قد أعلن إلغاء المؤتمر الصحفي في اللحظات الأخيرة، قبل أن يتراجع ويعقده لاحقًا، ما أثار لغطًا في الإعلام الأمريكي والإسرائيلي، وطرح تساؤلات حول حجم التوتر خلف الكواليس بين الطرفين..
بعيدًا عن الملف الإيراني، لم تحقق الزيارة أي تقدم في ملفات أخرى، مثل تخفيف الرسوم الجمركية التي فرضتها الإدارة الأمريكية على الصادرات الإسرائيلية. ولم يسفر اللقاء عن جديد في قضية العدوان على غزة وملف الاسرى الاسرائيليين.
رغم التوتر والارتباك الذي ظهر خلال الزيارة، إلا أن نتنياهو – المعروف بسياساته الحذرة في العلن والمتشددة في السر – من المرجح أن يبدأ بمحاولة احتواء الأزمة دبلوماسيًا، على الأقل في المرحلة الأولى، مع تركيز الخطاب الرسمي على “ثبات الموقف الأمريكي ضد السلاح النووي الإيراني”، لتفادي الاعتراف العلني بالفشل.
لكن داخليًا، من المتوقع أن يصعّد نتنياهو في خطابه أمام الجمهور الإسرائيلي، خاصة أمام القاعدة اليمينية، في محاولة للظهور بمظهر من “كشف خيانة الحلفاء”، وأن إسرائيل “ستدافع عن نفسها بنفسها إذا لزم الأمر”.
كما يُرجّح أن يستخدم الإعلام الإسرائيلي القريب من الحكومة هذه الزيارة لإعادة ترويج روايات التهديد الإيراني، في محاولة لشدّ العصب القومي، وتخفيف وقع “الإهانة الدبلوماسية” التي تعرض لها في واشنطن.
أراد نتنياهو من هذه الزيارة تعزيز الشراكة مع إدارة ترامب، لكنه عاد ليكتشف أن المصالح الأمريكية قد تبدأ في التباعد عن حسابات كيانه المحتل. إعلان واشنطن عن محادثات مع طهران دون تنسيق مسبق يعكس تحوّلًا حادًا في طريقة إدارة الملف الإيراني، ويطرح تساؤلات كبيرة أمام صناع القرار في تل أبيب حول ايعاد العلاقة مع البيت الأبيض.

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

المفاوضات النووية والهيمنة الأميركية!

د. سنية الحسيني* تستكمل المفاوضات النووية جولاتها يوم السبت القادم، في تطور متسارع باتجاه توقيع …