د. محمد أبو بكر*
لم نكن نحن الشعوب العربية بحاجة لكلّ هذا القتل والتدمير والإبادة الجماعية ومؤامرات التهجير، كي نكشف عورات بعض الأنظمة المتهالكة الفارطة، والتي تشارك حتى اللحظة بصورة مباشرة أو غير مباشرة في العدوان الصهيوني على أهلنا في القطاع.
فهذه الأنظمة معروف تاريخها الأسود تجاه قضية فلسطين، ونعلم بأنّ المؤامرات العربية على الشعب الفلسطيني تمتد إلى أكثر من مئة عام، غير أنّ ما يجري اليوم ومنذ السابع من أكتوبر كشف وفضح وعرّى كلّ شيء، فلم يعد يستر عورات هذه الأنظمة شيء، حتى ورقة التوت لم تعد موجودة، فتخيّل – يارعاك الله – المنظر المقزز.
غزة ؛ هي فعلا كاشفة وفاضحة، فقد ارتفع حجم التبادل التجاري بين كيان الإحتلال وعدّة دول عربية إلى أرقام غير مسبوقة، وهذا بحدّ ذاته مشاركة فعلية في العدوان على شعبنا، في الوقت الذي لا تجرؤ فيه هذه الأنظمة على إدخال شاحنات المساعدات لداخل القطاع، أو حتى إمداده بالماء النظيف الصالح للشرب..
ad
غزة؛ كاشفة فاضحة، لقد كشف العدوان الصهيوني وساخة بعض أصحاب اللحى النجسة، الذين تذكّروا بأنّ وليّ الأمر هو الذي يدعو للجهاد إن توافرت الظروف، وولي الأمر يجب أن يطاع، وحماس لم تشاور أحدا من لا من أولياء الأمر، ولا حتى أجهزة مخابراتهم المرتبطة بالسي آي أيه، وهؤلاء المشايخ الذين يدعون لطاعة وليّ الأمر حتى لو أخذ مالك، يعني وليّ الأمر قد يكون حراميا ولصا وسارقا، وهو كذلك في الكثير من الأنظمة.
غزة ؛ كاشفة فاضحة، لقد فضحت بصورة لا لبس فيها إعلاما رسميا يكذب ثمّ يكذب ثمّ يكذب، إعلاما أمطرنا بالنفاق والتزلّف والتجهيل والتطبيل للزعيم، وهذا الإعلام يعتقد بأنّه الوحيد الأوحد على وجه الكرة الأرضية، وكأنه لم يسمع يوما بوسائل التواصل أو القنوات الفضائية المنتشرة بالآلاف، إعلام تشعر تجاهه بالرغبة في التقيؤ، وهو يحاول الإيحاء بأنّ الزعيم ذو مواقف عروبية ومبدئية، وهو غارق في التصهين حتى أذنيه.
غزة ؛ كاشفة فاضحة، فضحت زيف العالم أجمع، وحقوق الإنسان والإزدواجية في المعايير، فضحت تلك الأنظمة التي غرقت في مستنقع ليالي الترفيه والرقص والعري، في الوقت الذي يشهد العالم جوعا لم يسبق له مثيل في غزة، هي غزة التي مازالت تواصل كشف مواقف يندى لها الجبين، فبات من يؤيّد المقاومة مجرما في نظر بعض الحكّام، الذين يقدّمون كلّ يوم فروض طاعة عمياء لنتنياهو وترامب، هذا الترامب الذي أفقدهم رجولتهم وربما عذريتهم.
ad
ترامب الذي قرر أن يريهم نجوم الظهر في عزّ النهار، فسلب منهم سيادتهم، فباتوا مجرّد كيانات كرتونية، وهو الذي يعتقد بأن حماية هذه الأنظمة تبيح له السيطرة على القرارات والمقدّرات.. والزوجات أيضا، هو ترامب الذي يأمر فيطاع رغما عن أنوفهم، فضخّوا لخزائنه الترليونات من الدولارات خوفا من غضبة ترامبية لا تبقي ولا تذر.
في كلّ الأحوال.. مصيبتنا أكبر مما يتصوّر البعض، وكلّ ذلك من صنع أيدينا، فقد تخاذلنا كثيرا، والإعلام الرسمي يصرّ على القول ؛ بأنّ الموقف الرسمي هو ضرورة من أجل حفظ الأمن، ولا مجال أمام بعض الشعوب غير طاعة وليّ الأمر حتى لو كان ابن ستين كلب!
*كاتب فلسطيني