الأربعاء , يوليو 16 2025
الرئيسية / اراء / العدوان السافر!

العدوان السافر!

علي محسن حميد*
ارتكبت إسرائيل عدوانا سافرا ضد إيران فجر الجمعة الثالث عشر من يونيو /حزيران ، وكان المفروض أن تتلقى هي مثله كدولة مارقة ومحتلة ونووية.استمرأت إسرائيل المدعومة من امريكا الاعتداءات التي تخدم سياسة التوسع وإضعاف الخصوم وبهذا الدعم لم يعد يهمها القانون الدولي أو أي من التزامتها بموجب ميثاق الأمم المتحدة. كانت إيران على وشك مواصلة التفاوض مع امريكا في مسقط بعد ستين ساعة من العدوان في جولة سادسة قد تعقبها جولات أخرى للبحث في الوضع النووي الإيراني وليس الإسرائيلي وترسانته النووية الفعلية. من حيث المبدأ امريكا ،غير مفوضة من قبل أي جهة دولية مختصة للقيام بهذا الدور ولكن منطق القوة الذي ساد عند خلق إسرائيل عام ١٩٤٨ لايزال يفرض نفسه في ظل تواطئ غربي يهيمن على التنظيم الدولي.إن سابقة العدوان الإسرائيلي على إيران تبرر للغير مستقبلا مهاجمة برنامجها النووي العسكري الذي يشكل خطرا حقيقيا على المنطقة والعالم . الوكالة الدولية للطاقة الذرية المنحازة مع دول غربية عديدة لإسرائيل تفتش وتراقب البرنامج النووي الإيراني عن كثب ولم يصدر عنها مايدين البرنامج النووي السلمي الإيراني باستثناء التعبير عن مخاوف حول قدرة إيران مستقبلا على صنع قنبلة نووية. الوكالة كوجه آخر لانحيازها لإسرائيل أعفت نفسها من التحدث عن البرنامج النووي الإسرائيلي أو حشد تأييد ضاغط على إسرائيل للإنضمام الى معاهدة الانتشار النووي التي وقعت في موسكو عام ١٩٦٨ ، أو دعم الدعوات العربية المتكررة لجعل منطقة الشرق الأوسط خالية من الأسلحة النووية وهذا يشمل إيران.
امريكا تغتصب مسؤوليات الوكالة:
تتغاضى امريكا عن برنامج نووي إسرائيلي قائم بالفعل لأنها هي التي قدمت لإسرائيل تقنية نووية عام ١٩٥٥ أسمتها ” برنامج الذرة من أجل السلام”! ونشطت بدون كلل في متابعة ماتراه بعيون إسرائيلية للبرنامج النووي الإيراني لم تؤيد عسكرته وكالة الطاقة الذرية الدولية. في عام ٢٠١٥ توصلت مجموعة ٥+١ المكونة من الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن والمانيا إلى اتفاق نقضه الرئيس ترامب عام ٢٠١٨ متجاهلا الأطراف الأخرى لأن إسرائيل لم تكن راضية عنه ويعيق تنفيذ عدوانها الذي انتظرته طويلا وتم في الثالث عشر من يونيو.
من جهة أخرى ولمصلحة دولة العدوان أصبح التنظيم الدولي معاقا وفشل في كبح إسرائيل بعد تدميرها للمفاعل النووي العراقي، اوزيراك، عام ١٩٨١ بدعم امريكي تولاه الرئيس جيمي كارتر الذي زود إسرائيل عام ١٩٧٩ بصور عالية الدقة للمفاعل السلمي العراقي من قمر KH- 11التجسسي.مر الأمر بسلام وبدون أي عقاب لإسرائيل وكأن الهجوم كان على سيارة في مرآب. وعندما تعلق الأمر بمصلحة إسرائيل هبت بريطانيا وامريكا بالترغيب والترهيب لليبيا لتفكيك برنامجها النووي السلمي مقابل تعويض لم يُدفع قدره خمسة وعشرين مليون دولار لتغطية تكلفة التفكيك. تم كل هذا والقدرة النووية الإسرائيلية تتطور وتزداد حتى وصلت إلى ٢٠٠ قنبلة نووية و٤٠٠ رأس نووي .ولايزال الكلام محرم حول هذه الترسانة العدوانية ومؤخرا نسيها العرب أو سئموا من الحديث عنها وولوا وجوههم نحو إيران. أما في الغرب فالحديث عن الترسانة النووية الصهيونية غير متوقع حتى بعد أن نشرت صحيفة صندي تايمز عام ١٩٨٠ أن إسرائيل تستخدم بحوثا حصلت عليها من جنوب افريقيا لتطوير قنبلة عرقية وما كشفه الفني في مفاعل ديمونة موردخاي فانونو بالتفصيل لصحيفة صندِي تايمز عام ١٩٨٦ عن القدرة النووية الإسرائيلية الذي دفع الموساد لاختطافه وسجنه لثمانية عشر عاما. كان اختطاف وسجن فانونو اليساري الإسرائيلي المناصر للفلسطينيين كان ولايزال دليلا دامغا على أن إسرائيل دولة نووية.

من جهة اخرى لاتقل أهمية تعمل إسرائيل وامريكا وعبيدهما كل مابوسعهم على عدم امتلاك أي دولة عربية أو إسلامية للتكنولوحبا النووية السلمية لأنها تفتح أفاقا واسعة لتكنولوجيا مدنية ذات أغراض تنموية عديدة تقلل الاعتماد على السلع الصناعية الغربية وتؤثر على استقرار ورفاهية مجتمعاتها. لذلك لم استغرب قبل يومين عندما قرأت كتابة على زجاج حافلة صغيرة تقول ” شكرا لليابان التي تصنع لنا السلع الكمالية”.
لقد انشغل العالم كله منذ واحد وعشرين عاما بالنووي الإيراني المفترض أو قل المتوقع وتجاهل عمدا النووي الإسرائيلي لأن قنابل إسرائيل النووية ديمقراطية كنظام الابارتهايد الإسرائيلي الذي كان مدعوما من قبل معظم دول الغرب وعلى رأسه دولة الشر الأكبر وقبل بسياسة الغموض النووي الإسرائيلية التي لاتنكر ولاتؤيد.من المفارقات النووية العجيبة أن الدول الغربية تعلم علم اليقين بأن إسرائيل جربت قنبلة نووية في صحراء كالاهاري بجنوب افريقيا العنصرية وأنها هددت في العام ١٩٧٣ باستخدام السلاح النووي ضد مصر لتفادي هزيمة توقعتها جولدا مائير في حرب اكتوبر.
لقد أصبحت الحروب جزء من الحياة اليومية للكيان الاستعماري وكأنه لم يخلق من قبل الغرب إلا لشنها. وفي الحقيقة هو لايستطيع العيش بدونها ومن ثم لايردعه لا القانون الدولي ولا ميثاق الأمم المتحدة.
الأسد سيشيخ:
أسمت إسرائيل عدوانها على إيران ب” عملية الأسد الصاعد”، بما يعني أنها تتعامل مع المنطقة كغابة هي أسدها المفترس وحربها ضد إيران تطبيقا لماقاله نتنياهوبأنه سيغير خريطة الشرق الأوسط تمهيدا لتسيد كيانه العنصري على كل دولها. وفي ضوء التخلف العربي المزمن والمفجع فهذا صحيح ١٠٠% فنحن بدون النفط أصفار في الاقتصاد الدولي ومستهلكون شرهون للبضائع الأجنبية لأننا حتى اليوم لم ندرك أن إسرائيل كيان عدواني له أهداف ثلاثة، استعماري واستيطاني وتوسعي وكل هذا يضر مصالحنا وأمننا أما هو فشديد الثقة بنفسه ويُهين حتى دول كان لها فضل كبير في خلقه من العدم. هذه الثقة المفرطة بالمقدرة وبالقوة جعلته ينتقم بوحشية لأكثر من عشرين شهرا من بداية طوفان الأقصى في ٧ اكتوبر الذي مرغ سمعته ككيان لايقهر في الوحل وما عدوانه على إيران إلا إحدى نتائج طوفان الأقصى. إن ميزة إسرائيل علينا أنها متطورة تقنيا وتنفق على البحث العلمي سنويا أكثر بكثير جدا ما تنفقه عليه الإثنين وعشرين دولة عربية كسيحة وقد باعت أسلحة عام ٢٠٢٤ بقيمة أربعة عشر مليار ونصف المليار دولار وهي مدعومه بدون قيود من إمبراطورية امريكية ترى في سياسات إسرائيل العنصرية والتوسعية ماضيها. هذا الأسد الصاعد سيشيخ يوماما وفي شيخوخته سيفِر معظم إن لم يكن كل مستعمري فلسطين كل إلى مسقط رأس عائلته وهذا وحده الذي سيساعد المنطقة أن تعيش بسلام لأول مرة منذ أكثر من قرن . شيخوخة دولة التطهير العرقي سيصاحبها شيخوخة مماثلة لإمبراطورية الشر ،
الشريكة الكاملة مع العدو امريكا.
*نقلا عن رأي اليوم

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

نزع السلاح والتوازنات الجديدة في قلب المعركة…!

زياد فرحان المجالي* مع تصاعد الحرب على غزة ودخولها شهرها الـ21، تتكثّف الضغوط الدولية للتوصل …