د.حسناء نصر الحسين*
بعد مضي قرابة العام على رحيل النظام السابق ووصول السلطة الجديدة إلى سدة الحكم تتزايد التحديات وتتسع دائرة الخطر لتشمل الجغرافية السورية بكاملها ، ولعل أبرزها ما حصل في محافظة حمص من انتهاكات طائفية بحق أبناء الطائفة العلوية وما حصل من مظاهرات في مناطق متعددة من سورية ، هذا المشهد يضع مستقبل سورية كدولة موحدة على حافة الهاوية ويأخذنا لسوريا اشبه لما كانت عليه عام ١٩٣٩م ، حيث تضيع وحدة الجغرافية بضياع وحدة أبناء الوطن ولعل هذا التشرذم والإنقسام الديني والمذهبي والعرقي الحاصل اليوم يشكل أبرز التحديات أمام الوطن السوري والشعب والسلطة .
في ظل غياب خطاب وطني جامع وانعدام الثقة من قبل معظم مكونات الشعب السوري بآداء سلطة دمشق الذي بات واضحا اعتماده على تعميم الحالة الفصائلية لتجربة إدلب على عموم الجغرافية السورية وانعدام منطق الدولة والمواطنة والقانون والعدالة الاجتماعية وهذا بدا واضحا من خلال طبيعة العقلية التي تتعامل معها هذه السلطة مع ابسط التحديات التي تواجهها وهذه الأخطاء لا تقرأ منعزله عن تبعاتها ونتائجها ولعل ما جرى من أخطاء كارثية في آلية معالجة ملف السويداء وما نتج عنه من سيطرة إسرائيل على الجنوب السوري خير دليل على أن العقلية العشائرية خسرت سورية الوطن ثلاث محافظات واليوم يتكرر مشهد القبيلة في محافظة حمص ، هذا الآداء القائم على تحالفات مذهبية وغياب التمثيل الوطني جعل سورية في مواجهة أخطر ما يمكن أن تتعرض له في تاريخها ، فالانقسامات أصبحت واضحة والخطاب التحريضي الذي يتبعه جمهورها والاعلام الرسمي وترك المجال مفتوحا أمام شيوخ الفتنة وابواق التحريض دون محاسبة يعزز من فرص التقسيم والوصول إلى سورية مقطعة الاوصال ، لتعود إلى الواجهة اعلام هيئة تحرير الشام وهذا رأيناه في ساحات مثل طرطوس والذرية ودمشق لتحل محل العلم الذي اختير بديلا عن العلم السوري السابق مما يجعل الباب مفتوحا لأعلام ورايات أخرى وهذا يؤكد غياب منطق الدولة الواحدة وغياب المفاهيم البناءة لبناء سورية الجديدة التي غاب عن فكر القائمين الكبار مناقشة كيف يريد الشعب السوري بناء هذه الدولة من خلال غياب الحوار الوطني الشامل وهذا ما عزز مفهوم حكم اللون الواحد والمذهب الواحد وهذا ما سيعرض المركب السوري لخطر الغرق .
وما الأحداث المتسارعة التي تحصل بين الفينة والأخرى الا مشروعا استعماريا يعيد رسم الخرائط في كل المنطقة وسورية ستكون نقطة الارتكاز للانطلاق في التعميم على جميع دولها
وفي الخلاصة : أعادت مظاهرات اليوم والتي ستمتد إلى كامل المحافظات السورية ، سورية إلى عام ٢٠١١ ، لكن مع فصل جديد يرسم لما تبقى من هذا الوطن ، وما غياب دور السلطة الجديدة عن مطالب شريحة واسعة من أبناء سورية وطريقة تعاطيها مع مطالبها يفتح الباب على مصراعية للاستثمار الإقليمي والدولي الحاضر اصلاً في شروطه المثبتة من خلال الفصل السابع ، ويجلس ويراقب بينما كل دولة من هذه الدول تبحث عن عامل التوازن في إدارة مصالحها ومصالح دول إقليمية على حساب الوطن السوري الذي سيأتي يوم نبحث عن ترابه الذي بات قابعا تحت اعلام ورايات الدول الراعية لهذا المشهد ، فهل ستتخذ الإدارة الجديدة خطوات حقيقية اتجاه بناء الوطن السوري الواحد أم اننا سنكون أمام فصول جديدة من مشروع الشرق الأوسط الكبير ؟
*كاتبة سورية وباحثة في العلاقات الدولية – بيروت
اليمن الحر الأخباري لسان حال حزب اليمن الحر ورابطه ابناء اليمن الحر