العميد / عدنان محمد الكبسي
صمت كثيرا قبل أن اكتب أيّ شيء عن هذا التطبيع المحرم شرعا والذي أقدمت عليه دويلات الإمارات والبحرين مع الكيان الإسرائيلي بتخطيط وتنفيذ وتنسيق وإشراف أمريكي خاص وتحت صمت العالم العربي والإسلامي اللذين لم يحركا ساكنا باستثناء يمن الإيمان والحكمة الذي باشر منذ اللحظة الأولى بالرفض القاطع من أعلى هرم في الدولة إلى أصغر مواطن يمني حر لهذا التطبيع القذر الذي يحمل في طياته الكثير من الخيانة للدين والكرامة والعروبة والعرض والأرض والمبادئ والأخلاق.
وتأملت جيداً لأول طائرة مدنية إسرائيلية وصلت مطار دبي الدولي وسط استقبال حكومي ورسمي وأعلام الكيان الصهيوني ودويلة الإمارات يحملها الأطفال -ركزوا الأطفال- وهنا يجب وضع علامة استفهام لذلك مع بث مباشر لقنوات فضائية عربية ودولية والمعلقون يمدحون ويباركون ويتشدقون بألفاظ وعبارات تنم عن فرحة بهذا الحدث الكبير.
لتأتي بعد ذلك مراسيم التوقيع العلنية والرسمية بين الخونة العربان والكيان الإسرائيلي بحضور الرئيس الأمريكي الذي كان يسعى إلى تحقيق مكاسب له في الانتخابات الأمريكية علّه يفوز بولاية ثانية من الفساد والتدهور الاقتصادي وانعدام التأمين الصحي وأبرزها جائحة كورونا التي فتكت بكثير من الأمريكيين بالإضافة إلى تزايد مستمر في عدد البطالة والركود الصناعي والاستثماري وغيرها من المحالات.
خرجت اليمن عن بكرة أبيها وبكل طوائفها وشرائحها تندد بهذا التطبيع المحرم الذي كان يمارس في السر لعقود كثيرة وهو ما كشفه الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي -سلام الله عليه- في كثير من محاضراته النورانية مدللا بالقرآن الكريم الذي فيه نبأ ما قبلكم وما بعدكم ولا يترك كبيرة ولا صغيرة إلا وأحصاها، نعم قال إن التطبيع موجود مع الكيان الإسرائيلي وسيأتي يوما يخرج للعلن وبطريقة يحسبون أنها ذكية جدا ،صدقت أيها الشهيد القائد الهمام، قولك حق، لكن عند اليمنيين هذا غير وارد، نعم غير وارد ولأن الشهيد القائد قد رحل عن هذه الدنيا شهيداً حرا مدافعا عن دينه ووطنه جاء من بعده من ملأ الأرض نورا وأشرقت به سماء اليمن السعيد المبارك حكما ورؤى نيرة بصدق وإخلاص ووطنية، نعم انه نجم الأمة قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي المحنك والحكيم الذي قال “أنا صاحب قول وفعل حفيد خاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ليس تمجيدا أو مجاملة أو ما شابه ذلك، بل حقيقة ساطعة واضحة وضوح الشمس في كبد السماء التي ينظر إليها عامة الناس، ليخرج للشعب اليمني رافضا لهذا التطبيع وكل أشكال التطبيع والعلاقات مع الكيان الصهيوني معتبرا ذلك من الولاء المحرم شرعا.
وقد أشار السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي في كلمته التي ألقاها في ذكرى استشهاد الإمام الحسين -عليه السلام- إلى أن الشعب اليمني العزيز يمن الإيمان يمن الأنصار حسم خياره وقراره في التمسك بالإسلام في أصالته التي ثمرته الحرية والاستقلال والكرامة.
وأكد أن الشعب اليمني يأبى الاستسلام والخنوع للطغيان اليزيدي المتمثل بأمريكا وإسرائيل، ويأبى الانضمام إلى معسكر النفاق في الأمة المتمثل في النظامين السعودي والإماراتي وأن خيار الأمة الذي يحقق لها الاستقلال والخلاص من التبعية للأعداء هو النهج الحسيني الذي يمثل الامتداد الأصيل للإسلام.
وقال علم الأمة وهاديها بإذن من الله عز وجل ” في يوم حسم الخيارات واتخاذ القرارات المصيرية نؤكد على أن موقفنا في التصدي للعدوان الأمريكي السعودي الإماراتي الصهيوني الغاشم هو موقف مبدئي وجهاد مقدس وواجب ديني وإنساني ووطني وبالتوكل على الله والثقة به لن نألو جهدا في التصدي للعدوان مهما كان مستوى التحديات وحجم التضحيات، والله سبحانه وتعالى هو الأكبر والأقدر على إنجاز وعده بالنصر طالما استمر شعبنا في القيام بمسؤوليته وأن التضحيات مهما بلغت لن تكون بمستوى خسائر الاستسلام والخنوع والتبعية التي تعاني منها شعوب عربية كثيرة.
من القائد في هذه الأيام و في عصرنا الحالي يتكلم بهذه الكلمات الصادقة والمزلزلة لكل أركان العدوان غير قائد الثورة سيدي ومولاي عبدالملك بدر الدين الحوثي (أبو جبريل) والسيد حسن نصر الله قائد حزب الله في لبنان الذي يخشاه الكيان الإسرائيلي ويعمل له الف مليون حساب، غير هذين القائدين لم نجد أي زعيم أو رئيس دولة عربية أو إسلامية يرفض هذا التطبيع الذي سيكون وبإذن الله نهاية الكيان الإسرائيلي ومن ولاه من العرب.
ويجب أن أشير في مقالي هذا إلى حدث ماض أقدم عليه الرئيس المصري السابق السادات في الثمانينيات إن لم تخنّ الذاكرة وذلك عندما قام بزيارة إلى تل أبيب حاملا معه السلام لإسرائيل، ماذا كانت مواقف الدول العربية والإسلامية حينئٍذ من ذلك الحدث؟ تعرفون ذلك وهذا الحدث لم ولن ينسى أبدا في الذاكرة العربية والإسلامية عندما اعلن قادة الدولة العربية والإسلامية مقاطعة مصر.
في نهاية سبعينيات القرن الماضي فأجأ الرئيس المصري العرب وذهب بمصر منفرداً ليوقع اتفاقية سلام مع إسرائيل برعاية أمريكية طبعاً عُرفت باتفاقية (كامب ديفيد) !
ثارت ثائرة العرب على إثر ذلك وقاطعوا مصر وتم نقل مقر الجامعة العربية من القاهرة إلى تونس العاصمة لعدة سنوات.
والآن لماذا لم يتحرك قادة العرب إزاء ما قامت به تلك الدويلات من تطبيع مع الكيان الإسرائيلي اليوم لتكون عبرة لمن يفكر مجرد تفكير بالتطبيع، لن يحرك أحد ساكنا، بل وبكل بجاحة وهنجمة يصرح ترامب بأن هناك دولاً عربية في طريقها للتطبيع مع إسرائيل أليست صرختنا على حق “الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام” أليس فيها كل معاني الصدق والحكمة والحرية والقوة والشموخ والعزة؟.
شدني موضوع مهم جدا وأحب أن اسرده لكم وهو في غاية الأهمية عن اليهود ودورهم في إنشاء “مشروع الإمارات” لتكون مستوطنة في الشرق الأوسط لرعاية حركة المال اليهودي العالمي دون الحاجة للمرور بالدولة الأم.
معلومة للجميع تعتبر دويلة الإمارات الخامسة عالميا في الإنفاق العسكري، لذلك أعدها اليهود لتخوض حربا بالوكالة لصالحهم في كثير من الدول العربية والإسلامية، حيث لا تخلو دولة في المنطقة من تدخل سياسي أو أمني أو اقتصادي إماراتي، خاصة بعد ثورات الربيع العربي أخرجت الإمارات مخالبها الجارحة والسامة ومعدنها المزيف الذي طال ما أخفته عقوداً من الزمن لتظهر يهودتها وعداءها للدين والعرب والمسلمين.
وهذا ما حصل في بلدي العزيز والغالية علينا تربته وأرضه وهواه، نعم دخلت الإمارات بلدي بحجة الدفاع عن الشرعية فإذا بها تسحقها وتدمرها وتتمدد وتنهب الثروات الطبيعية وتتحكم بالموانئ في جنوب الوطن الذين سلموا لقادة العدوان وصدقوا شعاراتهم الكاذبة ومالهم المدنس ،فتجدها –أي الإمارات- تقتل كل شيء حي ينبض بالوحدة والحرية والديمقراطية وتزرع الحقد والتفرقة وتعمل بمبدأ فرق تسد.
لكن مهما طالت مدة الاحتلال والعدوان على بلدي فمصيره الزوال والاندثار والرحيل يجر أذيال الخيبة والإهانة والخسارة ولن يرحمه التاريخ على مر العصور والقادم سيشهد على صدق كلامي والأيام والأشهر والسنون والقرون ستشهد على صدق كلامي وتوقعاتي لأني على مبدأ الحق ومنهج القرآن الذي غرسه وثبته في قلبي بعد الله عز وجل ورسوله الكريم سيدي ومولاي علم الهدى ونور الحق والعزة والكرامة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي.