صلاح السقلدي*
أشادت وزارة الخارجية السعودية في بيان لها أمس الأربعاء بجولة المفاوضات بين المملكة العربية السعودية ووفد حكومة حركة (أنصار الله) اليمنية التي جرت في الرياض بالأيام القليلة الماضية وأثمرت عن نتائج إيجابية- بحسب تأكيدات الطرفين- تتلوها جولات تكميلية أخرى بوساطة عمانية…من جانبه قال الأمير /خالد بن سلمان، وزير الدفاع السعودي غداة لقائه الثلاثاء بذلك الوفد : ( المملكة حريصة على تشجيع الأطراف اليمنية للجلوس على طاولة الحوار للتوصل إلى حل سياسي شامل ودائم في اليمن تحت إشراف الأمم المتحدة).
مما سبق نستشف أمرين، على الأقل،الأول:
إصرار الطرفان (الرياض وصنعاء) على المُضي قُدما في حواراتهم بمعزلٍ عن الأطراف اليمنية الفاعلة الأخرى مثل “السُلطة اليمنية المعترف بها ،ومجلسها الرئاسي” بالذات،وكذلك بمعزلٍ عن الشريك الجنوبي الفاعل ونعني تحديدا المجلس الانتقالي الجنوبي،وهذا التجاهل لن يؤسس لسلام دائم حتى وإن أجبرت المملكة تلك الأطراف على التوقيع على ما اتفقت معه مع صنعاء.
صحيح أنه قد يشكل أي اتفاق بين الرياض وصنعاء أرضية لتسوية قادمة باعتبارهما اللاعبان الرئيسيان عسكريا وامنيا بهذه الحرب، لكنه لن يتمتع بصيرورة واستمرارية بل سيصطدم بالواقع على الأرض، وقد يعيد خلط الاوراق والتحالفات من جديد وربما يفخخ القادم بنزاعات جديدة.
ثانيا: أن المملكة ومن خلال تصريحات مسئوليها ومنها تصريحات الأمير خالد (وهو بالمناسبة المُمسك بملف اليمن)، آنفة الذِكر، ما تزال أي المملكة تقدّم نفسها كوسيط بالازمة وبالحرب وليس طرفاً رئيسا وقائدا للتحالف،واللاعب الاول بهذه الحرب المعروفة باسم عاصفة الحزم. فهذه الصفة : (الوسيط) التي تقدم المملكة نفسها يستعصي فهمه بل ويجب رفضه في الداخل اليمني شمالا وجنوبا لما سيترتب عليه بعد انتهاء هذه الحرب من تحلل التحالف من التزامات قانونية واخلاقية واقتصادية ومالية تجاه هذا البلد المدمر، مثل مسئولية إعادة الإعمار، وهكذا مؤشرات بالفعل طفقت تظهر على السطح كان آخر تصريحات ودعوات سعودية وباسم مجلس التعاون الخليجي للمجتمع الدولي بجمع تبرعات هي (بالأحرى تسول باسم اليمن) من خلال ما يعرف بمؤتمرات المانحين وبرامج التنميات المستدامة.
السعودية تحاول بكل الطُرق وعلى حساب أية جهة و دون غضاضة أو حرَج، ولا نلومها على ذلك فهي قبل هذا كله أتت بحربها إنفاذا لمصالحها العليا سواء الاقتصادية التوسعية أو الأمنية، ولكن اللوم يظل على القوى اليمنية شمالا- إذا ما استثنينا الحركة الحوثية -وجنوبا المذعنة لهكذا ترتيبات.
صحيح أننا نقف بقوة مع كل الجهود الاقليمية والدولية التي تسعى لوقف هذه الحرب التي أتت على كل شيء وأحالت حياة الناس الى جحيم وبؤس وحرمان، ونتمنى إحلال سلام حقيقي واستقرار دائم وانتشال الأوضاع من مستنقعها هذا ولكن بشراكة جميع الأطراف اليمنية بالشمال والجنوبوفي مقدمة القضية الجنوبية التي تمثل سبب الأزمة اليمنية المتفاقمة منذ اجهاض المشروع الوحدوي الطموح بحرب ٩٤م، شراكة وسلام دون إقصاء او سطوة وهيمنة عقلية الاستئثارالمدمرة، سواء أكانت هذه السطوة يمنية او اقليمية أو دولية .سلاما لا غالب فيه ولا مغلوب بعيدا عن التفرد بصنع القرارات والحلول المسبقة او التي تنتقص من سيادة أرضنا او تجعل فوقها أوصياء غرباء و طامعين تحت أية ذريعة كانت.
*نقلا عن رأي اليوم
شاهد أيضاً
ترمب ومعضلات الشرق الأوسط!
د. سنية الحسيني* من الواضح أن الشرق الأوسط الذي خرج منه دونالد ترامب في مطلع …