د. حسناء نصر الحسين*
بعد دخول عملية طوفان الأقصى شهرها الثاني بات واضحا أن الحرب قد تمتد لأسابيع أخرى وهذا احتمال أصبح وارد من خلال وضوح الأهداف بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية التي يتغنى قادتها بأهمية وجود هذا الكيان في الشرق الأوسط بشكل عام وفي وطننا العربي بشكل خاص حيث الموارد المتعددة والممرات المائية الاستراتيجية الكبيرة ، من هنا ومن خلال ما بدأ يسرب من كبار الشخصيات عن ما كنا شهدنا من عمليات اسرائيلية في شمال قطاع غزة الذي عمد الكيان على تهجير اهله منذ الساعات الاولى لعمليته الانتقامية من المقاومة الفلسطينية التي عرته وقدمته كنمر من ورق ، المتمثل بإنشاء قناة بنغوريون البديلة عن قناة السويس امام هذا الهدف الاستراتيجي الامريكي الغربي الصهيوني كان لابد ان يدفع البيت الابيض بقنابله وصواريخه وقببه الحديدية وغض الطرف عن جرائمه المتوالية بشكل يومي بحق ابناء غزة فلم تسلم كل المحرمات الدولية من اتفاقيات جنيف وملاحقها من اجرام هذا الكيان بدءا بدور العبادة وليس انتهاءا بالمستشفيات والمدارس التي تحولت لمراكز ايواء للمهجرين من ابناء القطاع وهذه الجرائم كلها موثقة والعالم بأسره يرى هذه المجازر ويصمت عنها لان من يقوم بها هو اسرائيل وليس سواها هذه الدويلة المصطنعة التي باتت مأزومة ومهددة بالزوال بفعل العمل المقاوم والجغرافية السياسية المحيطة بهذا الكيان المغتصب وهنا لنا ان نضع أبرز المستجدات في عملية طوفان الأقصى ضمن هذه النقاط التي تأخذنا لمشهدية توسع دائرة عملية طوفان الأقصى التي عبرت من خلال محور المقاومة الحدود الفلسطينية من خلال :
تدخل المقاومة الإسلامية اللبنانية في جنوب لبنان وإرهاق هذا الكيان من خلال عمليات استهداف يومية تتسع شيئا فشيئا، ضمن قاعدة الفتيل الهادئ وتسجيل النقاط وهذا ما تحدثه المقاومة الاسلامية في لبنان بوتيرة متصاعدة ومؤثرة .
المقاومة العراقية التي تستهدف القواعد الأمريكية في كل من العراق وسورية بشكل يومي وتلحق أضرارا واضحة في هذه القواعد المحتلة الامريكية ولعل الأثر الاكبر لهذه العمليات عبرت عنه صحيفة الواشنطن بوست نقلا عن مسؤولين امريكيين بقولها أن الاحباط يتزايد داخل وزارة الدفاع بسبب تزايد الهجمات على القواعد الأمريكية .
وهنا نأتي للحدث الاستراتيجي الأكثر قساوة وإيلاما للولايات المتحدة والغرب واسرائيل المتمثل بالعمليات اليمنية في البحر الأحمر التي استطاعت توجيه ضربات مباشرة للكيان الاسرائيلي في ايلات واستطاعت القوات البحرية اليمنية احتجاز سفينة اسرائيلية في عرض البحر الأحمر وتم احتجازها وطاقمها من قبل القوات البحرية اليمنية، ليشكل هذا الحدث وهذه الخطوة اليمنية كفعل إسنادي كبير ومؤثر ، أحدث حالة إرباك ليس فقط للاسرائيلي بل وقبله الأمريكي .
من هنا نستطيع القول أن على الولايات المتحدة الامريكية والكيان القلق من توسع دائرة الصراع إعادة حساباتهم بعد وقوع المصالح الامريكية والاسرائيلية ضمن دوائر أوسع للاستهداف فكل من البحر الأحمر والمتوسط يعج بالحيتان الثائرة لدماء أبناء فلسطين .
وكل تحركات الغرب الدنيئة ومساعيه لتهجير ابناء غزة وتوطينهم في الدول المجاورة في مصر والاردن والآن كردستان العراق قوبلت بالرفض ليتبين لنا أن امريكا الراعية لهذا الحراك الغربي معزولة عن الواقع ولما ستؤول إليه الأوضاع بعد كل هذا الاستهداف المتطور والكبير من المقاومة وخاصة من القوات اليمنية التي عبرت مرارا وتكرارا وقوفها الى جانب القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني. ومع سعي الامريكي الغربي على احتلال العقول للشعوب العربية ، جاءت عملية طوفان الأقصى لتزيل القناع عن وجه هذا الغرب المتصهين وشعاراته وعرت أكاذيبه التي نادت بالحرية والديمقراطية وحقوق الانسان والعدالة والمساواة ، وأفشلت مكناته الاعلامية العملاقة التي امتهنت تزييف الحقائق وتقديم السرديات التي تخدم الاهداف والمصالح الأمريكية الاسرائيلية ، فكل محاولات العقود الماضية بتحويل القضية الفلسطينية لقضية يتيمة لا تجد من يتحدث عنها ولا من يحكي مظلوميتها بل وتصفيتها باءت بالفشل لان القضية الفلسطينية اليوم تحولت لقضية احرار العالم الذي يشاهدون المجازر الاسرائيلية على مدار الساعة والجرائم التي يرتكبها هذا الكيان النازي بحق الأطفال الخدج والنساء وكبار السن .
صحيح ان أهلنا في غزة يعانون من انعدام ابسط مقومات الحياة الانسانية الا أنهم استطاعوا بصمودهم وصبرهم ان يفضحوا جرائم الاحتلال وأن ينتصروا لمظلوميتهم لعقود مضت .
ويكفي النظر الى العملية اليمنية بفعل الاستنزاف الكبير للعدو الصهيوني وارتدادات العملية على صعيد اقتصاد الكيان الصهيوني وما ستحدث من خسائر باهظة وعوامل ضغط كبيرة على المستوى الاقتصادي والكلف والاثمان الباهظة على صعيد الشحن والنقل والتأمينات عدا عن عمليات الإحجام للتعامل الاقتصادي مع كيان العدو الصهيوني .
وفي الختام لابد ان نقول لأهلنا في فلسطين قلوبنا معكم ونثني على تضحياتكم الجبارة، والتي تشكل الراسم الحقيقي والاساسي لكل هذا التحولات الكبرى، وان نوجه كل المحبة والدعم للأيادي البيضاء أيادي المقاومة الفلسطينية الباسلة التي أرهقت هذا الكيان وكبدته اثمان باهظة من كان منا ليتخيل أن يرى الصهيونية تبكي ؟ نعم ضربات المقاومة المؤلمة أبكتهم والعنوان كل ساعة جنازة .
وبإذن الله حركات المقاومة وبفعل التاريخ والجغرافية ستجعل الصهيونية تركع تحت عنوان كل يوم ضربات واستهداف وعمليات احتجاز للسفن حتى تنتصر غزة .
*كاتبة سورية وباحثة في العلاقات الدولية – دمشق
شاهد أيضاً
إلى محلّلي الفضائيات..!
د.عديل الشرمان* صحيح أن مشاهد القتل والقصف والدمار والإبادة التي نشاهدها على شاشات التلفزة العربية …