الجمعة , أكتوبر 18 2024
الرئيسية / اراء / الإضراب الشامل تضامنا مع غزةوسقوط الأقنعة!

الإضراب الشامل تضامنا مع غزةوسقوط الأقنعة!

د.طارق ليساوي*
تجربة الأمير المجاهد عبد الكريم الخطابي تنبهنا إلى خطورة خونة الداخل، و تؤكد لنا أن الخونة يستحقون تلك “الرصاصات التسع من المقاومين”، لأن الخيانة لا يمكن التسامح معها أو التعاطف مع مرتكبيها، و لا يمكن بأي حال من الأحوال إعتبارها “وجهة نظر”، لأنها تؤدي إلى ضحايا بمئات الألوف بل بالملايين. وتدمر مستقبل شعوب وأجيال .. لذلك، فإن التصدي للخونة واستبعادهم بعد فضحهم أحد أهم المبادئ الأساسية للنصر والتحرر والانعتاق من قيود الاحتلال و الطغيان والاستعباد، والتي تصبح واجبة قبل المطالبة بالحقوق الإنسانية الأخرى، وكما قال مارتن لوثر: “قد يأتي يوم يكون فيه الصمت خيانة”.. واليوم الصمت على الجرائم التي يرتكبها الاحتلال الصهيو-صليبي في غزة خيانة وجريمة لا تغتفر..
واليوم الإثنين 11-12-2023 هناك دعوة عابرة للحدود لإضراب شامل تضامنا مع غزة و معاناتها، في مواجهة عدوان صهيوني غاشم ، عدوان كشف زيف الغرب و أطروحاته حول حقوق الإنسان و المساواة و غيرها من الشعارات الكاذبة والزائفة، كما أن هذا العدوان كشف لنا أيضا معدن غالبية الشعوب العربية التي تخرج للشوارع بكثافة للإحتفال بنصر كروري او حضور مهرجان فني ، لكن هذه القطاعات الواسعة من الشعوب لا تستطيع المشاركة في مظاهرة سلمية للتعبير عن رفض ممارسات الصهاينة و رفض موقف الأنظمة المتحالفة و المتواطئة في السر و العلن مع الكيان الصهيوني ، و تبارك و تدعم جهوده لإبادة غزة و إستئصال المقاومة “الإسلامية” ..كما كشف العدوان نفاق النخب المثقفة العربية و رجال الدين و غيرهم من بائعي الكلام …
شعوبنا من المحيط إلى الخليج في حاجة إلى التحرر و استرداد حريتها و الخروج من دورة العبودية الطوعية.. أحزن و أتألم لمعاناة غزة ، و لكن في نفس الان أتمنى لو كنت في قلب غزة و منتمي إلى هذه الجماعة المؤمنة الصامدة المتحررة من قيود الطغيان و الاستبداد ، للأسف نعيش في قلب مجتمعات تسير بثبات نحو الهاوية و لكن لا حياة لمن تنادي. نرى أن الأنظمة الحاكمة تقود هذه الأوطان نحو الإفلاس و الإنحلال و التفكك و العنف و التبعية للأعداء و لكن لا حياة لمن تنادي..
شعوبنا تعيش حالة من التيه و الشرود الحضاري ، شعوب مفقرة و مستبعدة و فاقدة لحريتها و إرادتها ، شعوب لا تتمتع بالحرية و لا التنمية ، شعوب ضيعت أخرتها و دنياها و هذا حال كثير من مسلمي اليوم الذين ينطبق عليهم قوله تعالى : ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ ۚ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ ۚ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾ (سورة البقرة-206)..و يحضروني في هذا السياق تعليق لأحد الأصدقاء و القراء الأفاضل على مقال سابق تناولت فيه ظاهرة النفاق و الخونة ، و التعليق للأستاذ ” باحث غير متخصص ” و يقول في تعليقه القيم: ” المنافقون والخونة الذين يظهرون الايمان ويضمرون الكفر لا وجود لهم في ايامنا هذه وكل ما سبقها من أيام ضعف المسلمين وغلبة الكافرين وليسوا بحاجة لا الى التظاهر بأداء الصلاة او مراءاة الناس بأي من مظاهر الدين ولا يذكرون الله لا كثيرا ولا قليلا وكلنا من يعلم من المسلمين ممن لم يصلى ركعتين في حياته وليسوا مضطرين في ايامنا للتذبذب بين الكفر والايمان فلا أحد يجبر أحد على التظاهر بالإيمان واخفاء الكفر ولكن مصيبة هذه الأمة هي في جماعة ممن وصفهم الله في الآيات من ٨ الى ٢٠ من سورة البقرة ممن يظنوا أنفسهم مؤمنين وليسوا كذلك وما يشعرون انهم يخدعون ويكذبون على انفسهم ولا يشعرون انهم هم المفسدون او ان الآيات تلك تخاطبهم ويظنوا ان كل من سواهم او خالفهم من الناس سفهاء ولا يعلمون حقيقة انهم هم السفهاء، وهم يشهدون ان لا الله الا الله وان محمدا عبده ورسوله ويختبئون جنّة وراء مظهرهم الايماني وهم فعلا قد خدعوا وكذبوا على انفسهم بقناعتهم ان الايمان والاسلام هو حكرا لأنفسهم ولا يتورعون عن الاستشهاد بالقران بإخراج آياته عن سياقها او اجتزاءها دون ان يفقهوه او ان يتاجروا بالدين او المتاجرة بدماء الشهداء والمقاومين والشرفاء في خطاب حزبي مقيت.
ومشكلتهم الحقيقية انهم كانوا مؤمنين حقا ولكنهم سقطوا عند اول امتحان وابتلاء تتضارب فيه مصالحهم مع الايمان فاثروا اشتراء الضلالة بالهدى واتباع فتاوى من يشرّع لهم الدين بحسب رغباتهم واهواءهم ومصالحهم فطبع الله على قلوبهم ان يفقهوا الشريعة او ان يفقهوا القران (ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ) او انهم اخلفوا الله ما وعدوه وكذبوا على الله (فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَىٰ يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ﴿التوبة: ٧٧﴾ وهم يعملون بجد واتقان وسعي ويحسبون انهم يحسنون صنعا
﴿ الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا﴾

(الكهف-104)

للأسف شعوبنا تعيش حالة من التيه و الشرود الحضاري لأنها فاقدة للبوصلة و الرؤية ، و لا يمكن بأي حال من الأحوال تحقيق التنمية و التحرر من قيود الفقر و العبودية الطوعية و الإستبداد السياسي و الاحتلال الأجنبي المباشر و غير المباشر بدون توفر رؤية و هو ما عبره عنه “المهدي المنجرة” رحمه الله بقوله: ” بدون رؤية لا يمكن بناء إستراتيجية ، و بدون إستراتيجية لا يمكن بناء سياسة و بدون سياسة لا يمكن أن نتقدم في أي ميدان من ميادين الحياة، و الشرط الأساسي للوعي بقيمة الرؤية هي الديموقراطية التي تهيأ السبيل لكي يعبر كل فرد في المجتمع عن ذاته حتى يبلغ مستوى المشاركة و يصبح جزءا من صناعة القرار…إن عدم الثقة في النفس يمثل عائقا أمام أصحاب السلطة و النفوذ السياسي في بلادنا أمام تشكيل رؤية بعيدة المدى لأن التعلق بالحكم يجعلهم أميل إلى الرؤية القصيرة التي تجعل من المحافظة على سلطة القرار سؤالا مركزيا فهي رؤية أنية إرتزاقية لايختص بها السياسي فقط بل المفكر كذلك…بينما جاء الإسلام معبرا عن رؤية شاملة للحياة و الغيب..لذلك علينا التحرر أولا من عقد النقص و الخوف، فالخوف أصبح و سيلة للحكم ، و عندما تحكم بالخوف فهدفك هو الذل ، بأن ترى إخوانك يتجرعون الذل، و لهذا فإننا نعيش في “الذلقراطية” و “الخوفقراطية” و ليس الديموقراطية” ” ( للتوسع أكثر أنظر: المهدي المنجرة، الإهانة في عهد الميغا إمبريالية،المركز الثقافي العربي، الطبعة الخامسة 2007،ص:183-184)
و عندما أحلل التجارب التنموية الأسيوية الناجحة كالتجربة اليابانية أو الصينية أو الكورية الجنوبية أو التجربة الماليزية و التي تعتبر دولة إسلامية، أخلص إلى أن نجاح هذه التجارب كان نتيجة طبيعية لتوافر ثلاث عوامل بالغة الأهمية:
أولا- نظام السياسي قائم على أساس الديموقراطية التشاركية، و هو ما أسهم في خلق بيئة مستقرة سياسيا…
ثانيا- إختيارات تنموية صائبة تنسجم مع احتياجات وإمكانيات البلد..
ثالثا- قيادة سياسية حكيمة، نجحت في تحويل السياسات والخطط إلى واقع ملموس..
وعليه، فإن النجاح التنموي هو نتاج للإختيارات التنموية الناجحة، و التنفيذ الصارم للخطط و البرامج، و توافر عنصر المرونة والمواكبة للتحديات الناشئة.. وحتى لا أطيل عليكم سأرحل هذا النقاش للمقال الموالي إن شاء الله تعالى ..
رحم الله شهداء غزة و أسكنهم فسيح جناته و الصبر و السلوان لذويهم ، و الشفاء العاجل للجرحى و المصابين .. حفظ الله غزة وأهلها وحفظ كل أقطارنا العربية والإسلامية من فيروس سرطاني إسمه “الصهيونية” .. ونسأل الله تعالى أن يمن بالحرية على الأسرى وأن يعيدهم لأهاليهم سالمين غانمين، وعاشت فلسطين من بحرها إلى نهرها عربية إسلامية درتها المسجد الأقصى المبارك، وفي الختام رسالة خاصة لأهل الرباط بغزة الأبية وبعموم فلسطين لا تنسونا من صالح دعواتكم في هذه الأيام المباركة.. و لاعزاء للخونة و المطبعين و المتصهينين .. والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون …
*كاتب وأكاديمي مغربي

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

الحل ميثاق جديد للأمم المتحدة لعالم متعدد الأقطاب!

د. طلال أبوغزاله* يمكن أن يؤدي التقدم الديناميكي لدول، وتحول ميزان القوى، إلى نهاية مرحلة …