د. بسام روبين*
شهدت العلاقات الأمريكية الإسرائيلية بعد طوفان الاقصى مدا وجزرا سياسيا بأسلوب منحدر خالي من الاخلاق والقيم الإنسانية النبيلة فالعلاقات الأمريكية الإسرائيلية ظهر لها وجهان الأول حقيقي مكشوف للنخب السياسية والإعلامية، أما الوجه الثاني فهو مركب مراوغ يستخدم لخداع الأغلبيات الصامتة في العالم وجرى مؤخرا تنشيط هذا الوجه وإجراء جراحات غير أخلاقية له لتحقيق أجندات سياسية عجزت الآله العسكرية على تحقيقها، فهنالك توافق أمريكي اسرائيلي للقضاء على المقاومة الفلسطينية وقتل الفلسطينين بمنح رخص وغطاء سياسي وإستخباري للعدو الصهيوني فقد ذهب الرئيس الامريكي منذ الساعات الأولى إلى لى تل أبيب بقدميه وارتمى بأحضان نتنياهو المجرم وعطل كافة أوراق الضغط المتاحة بيد أمريكا على إسرائيل فأصبح الرئيس و وزير خارجيته رهائن بيد نتنياهو يوجهما كيفما شاء بينما هم يحكمان أقوى قوة عسكرية واستخبارية واقتصادية على سطح الأرض وقد نجح طوفان الأقصى أيضا بإزالة الأقنعة عن السياسة الأمريكية وعراها أمام العالم، فقد تدنت مكانة امريكا ونفوذها على العالم بعد طوفان الاقصى بإنحيازها السافر لإسرائيل ضد العرب والمسلمين ودعمها المطلق لنتنياهو واستهدافها للمنظمات الدولية القانونية والإنسانية بثنيها عن اتخاذ أي قرارات ضد إسرائيل في سلوك لا يليق بدولة تحكم العالم.
لذلك استطاع طوفان الاقصى إنزال أمريكا عن عرشها ولم يعد بإمكانها العودة لسابق عهدها طالما بقيت بعض النخب السياسية الفاسدة في الكونغرس والبيت الأبيض على هذه الوتيرة وينبغي على دول العالم الحر أن تواجه الإنحراف الامريكي الغير قانوني لتزيد من عزلتها السياسية علها تستيقظ و تتدارك التراجع الذي حل بمكانتها بسبب سياساتها الخارجية المخالفة للقانون الدولي وللقيم الإنسانية وبدعم من بعض المشرعين لانصياعهم للوبي الصهيوني الذي يعمل في حقيقة الأمر ضد مصالح الولايات المتحدة وقيمها النبيلة فيحرجها أمام العالم فحكومة نتنياهو تعد حكومة متطرفة مجرمة قتلت الأطفال والنساء والمستضعفين وارتكبت أبشع وسائل التجويع والإبادة ضد شعب أعزل ولم يحرك البيت الابيض ساكنا يذكر ضد هذه الجرائم، بينما نرى الرئيس الامريكي بمؤتمر دول السبعة الأخير يطالب بمساءلة روسيا على ما فعلته بأوكرانيا ولكنه لم يطالب حتى اللحظة بمساءلة إسرائيل على ارتكابها حرب الإبادة والتجويع ضد شعب أعزل احتلت أرضه وقتلت أطفاله حتى أن جريمة حرق الخيام في رفح التي قام بها الجنود الصهاينة ضد المدنيين واستشهد بموجبها المئات في حين لم يعتبرها الرئيس الأمريكي تجاوزا للخط الاحمر الذي رسمه لإسرائيل فهو خط متحرك يمكن مسحه ونقله وفقا للمصالح الأمريكية الإسرائيلية.
حتى أن المبادرة الأخيرة التي جاءت على لسان الرئيس الامريكي كانت جيدة ولكنها لم تتوافق مع ما تم تقديمه من أوراق رسمية قدمتها إسرائيل وسارع وزير الخارجية الأمريكي ومنذ الساعات الأولى للمبادرة بإطلاق قنابل دخانية للتشويش على المقاومة الفلسطينية لفك العزلة السياسية عن إسرائيل أي أنهم متفقان على تبادل الأدوار و ممارسة الخداع الاستراتيجي لكسب الوقت وتقديمه كهدية لنتنياهو لاستكمال ذبح ما تبقى من المستضعفين في فلسطين وهنالك ما هو أخطر فهم يبذلون نشاطا استخباريا إلكترونيا عظيما من أجل إعتراض الرسائل المرسلة من أعضاء الوفد المفاوض الفلسطيني المراقب بعناية إلى رجال المقاومة بغزة وتتبعها علهم يصلوا إلى بصيص أمل حول تواجد قادة المقاومة بمساعدة نتنياهو في تحقيق أي نجاح لأهدافه المعلنة وفي كل مرة ينقلب السحر على الساحر فالنصر من عند الله والمقاومون يجلسون بحمى العلي القدير فهو من يحميهم ويسدد رميهم، فالكمائن الأخيرة الناجحة في رفح وميدان النابلسي للمقاومة الفلسطينية أوجدت انقساما واضحا بين جيش الكيان والمستوى السياسي وهنالك انقساما وشيكا داخل الجيش بسبب الخسائر التي مني بها أثناء القتال فهم يعلمون أن هذه الحرب عبثية وأن نتنياهو يضحي بالأسرى ويضحي بالجنود من أجل المحافظة على مستقبله السياسي إذا ما توقفت هذه الحرب من هنا يأتي التعاون الأمريكي الاسرائيلي من أجل المحافظة على نتيناهو وعلى هذا الكيان المتطرف حتى لو كان ثمن ذلك باهظا على مكانة امريكا وسمعتها لذلك قد نشهد تدخلا قريبا للمؤسسة العسكرية والأمنية الأمريكية الحكيمة لمحاولة استرجاع مكانة أمريكا ونفوذها التي تعرضت للاهتزاز السياسي والانساني مؤخرا بسبب إنحياز سياسات البيت الأبيض الفاشلة لإسرائيل ضد العرب والمسلمين وتغولها على القانون الدولي والكيل بمكيالين.
متمنين لأمريكا أن تكون دولة صاحبة قيم وعدالة ليس لها إلا مكيال واحد تحق الحق وتبطل الباطل الشيء الذي تفتقده أمريكا في عهد النخب الحالية فهي من تمتلك قرار وقف حرب الإبادة على غزة ولكنها تفضل وتصر على دعم هذا الكيان لإرتكاب المزيد من الجرائم والمجازر والتجويع للأطفال والنساء والمستضعفين.
داعيا العلي القدير أن ينصر المقاومة ويسدد رميهم ويهزم اليهود الظالمين ومن والأهم فالنصر من عند الله.
*كاتب أردني
شاهد أيضاً
كشف المستور في كتاب الحرب المنشور!
محمد عزت الشريف* لم يكن طوفان الأقصى محضَ صَولةٍ جهادية على طريق تحرير الأقصى وكامل …