بقلم/ فيصل مكرم*
▪︎تريد إسرائيل أن تحصلَ على الأمن والنفوذ الاقتصادي الكامل والتفوق العسكري المطلق في المنطقة والشرق الأوسط دون مقابلٍ تقدمه لجهة السلام وحل الدولتين مع الشعب الفلسطيني، ولا وعود حقيقية تلزمها بالتخلي عن مشروعاتها التوسعية على حساب سيادة الدول العربية ومصالحها، غطرسة إسرائيل ووحشيتها ودمويتها تتجلى أمام أنظار العالم بأبشع وأقبح صورها بما ترتكبه من مجازر جماعية وتدمير في قطاع غزة منذ الثامن من أكتوبر العام الماضي، ومنذ أسابيع في جنوب لبنان والضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت، حيث لا تعترف إسرائيل بأي حقوق للسكان المدنيين والأطفال والنساء والممتلكات الخاصة والمستشفيات والمدارس ومرافق الخِدمات الإنسانية في زمن الحرب، وهي تنتهكها في زمن السلم، تلك هي إسرائيل الكِيان المحتل، حيث يقف العالم عاجزًا وصامتًا أمام ما ترتكبه من مجازر بحق الشعب الفلسطيني ومذابح وجرائم يندى لها الجبين، أعتقد جازمًا أنه لا يوجد في حكومة إسرائيل ومعارضيها وحتى الغالبية الكبرى من المجتمع الإسرائيلي من يعترف بحق الشعب الفلسطيني بالحياة الكريمة على أرضه، وبالحقوق التي تقرها المواثيق والقرارات الدولية الإنسانية، لم يخرج عن الكنيست الإسرائيلي طيلة ثمانية عقود أي قرار أو قانون يحمي الفلسطينيين من بطش ودموية وجرائم الكِيان، والعكس هو الصحيح، فكل ما يصدر عن الكنيست يعتبر انتهاكًا لأبسط قواعد الديمقراطية، ويؤكد عنصرية الكِيان المحتل وتمرّده على كل المواثيق والأعراف الدوليّة والإنسانيّة، ولعل القانون الأخير الذي صدر عن الكنيست الأسبوع الماضي بمنع وكالة الغوث الأممية (الأونروا) من مساعدة وإنقاذ الفلسطينيين في الأرض المحتلة، دليل واضح على أن الكِيان يعمل على قتل الفلسطينيين بكل الوسائل الهمجية التي دأب عليها لعقودٍ طويلةٍ، حيث تتم محاصرتهم بكل وسائل القتل والإبادة الممنهجة والمحرمة دوليًا وإنسانيًا وأخلاقيًا. إن الرئيس بايدن يشير إلى عجز واشنطن عن ضبط الدموية الإسرائيلية ووحشيتها في قتل الأطفال والنساء، في حين تحرص واشنطن على إبقاء المخزون العسكري للكِيان غير منقوص، رغم علمها ويقينها بأن إسرائيل ترتكب جرائم إبادة ومذابح بحق الفلسطينيين ترقى إلى جرائم حرب، وَفقًا لتصنيف محكمة العدل الدولية ومحكمة الجنايات. ويظن الإسرائيليون أن مقاومة الاحتلال مجرد فكرة يمكن طمسها، وأن قادتها مجرد رجال يمكن اغتيالهم، أو أطفال يمكن قتلهم أو تجويعهم للتخلص منهم، ومن ثم طمس الدولة الفلسطينية من الخريطة ورمي مِلف القضية في غياهب النسيان، وهنا يتوجب القول إن مقاومة الاحتلال عقيدة راسخة في قلب كل فلسطيني وكل عربي، وإن إسرائيل كِيان محتل ومغتصب للأرض، تجب مقاومته ومواجهته، حتى يتحقق التحرير، وتقوم الدولة الفلسطينية فوق تراب فلسطين الطاهر، وعاصمتها القدس. إن إسرائيل كيان منبوذ ومتوحش وتوسعي ودموي في المنطقة، ولن تستمر واشنطن في مغالطة العالم بمنح الحصانة لكِيان محتل يعيث فسادًا، وينجو بأفعاله وجرائمه من العقاب، فالدم الفلسطيني لن يضيعَ هدرًا، والحق باقٍ ما بقي أصحابه، وفلسطين مرسومة عبر التاريخ في كل خرائط العالم، والعالم بأسره لا يزال قادرًا على التفريق بين الحق والباطل، وبين احتلال دموي مُجرم، ومقاومة تمتلك كل الشرعية في تحرير الأرض وتطهيرها من رجس المحتل المغتصب الذي يملأ سمْع وبصر الإنسانية كلها بجرائمه ووحشيته.
*نقلا عن الراية القطرية
fmukaram@gmail.com
@fmukaram