الأحد , ديسمبر 14 2025
الرئيسية / اراء / كم أتمنى أن أصدق الرئيس ترامب!

كم أتمنى أن أصدق الرئيس ترامب!

 

اسيا العتروس*
نعم كم أتمنى أن يسايرني عقلي فأصدق الرئيس ترامب وهو يعلن بحماس غير مسبوق نهاية الحرب ويؤكد أن غزة و كل منطقة الشرق الاوسط ستتحول الى مكان رائع ..وكم أتمنى أنه لوكان باستطاعتي أن أخذ مأخذ الجد كلام الرئيس ترامب وهو يصرح أنه سيكون فخور بزيارة غزة …و لوأننا تابعنا تصريحات الرئيس الامريكي منذ صعوده على متن الطائرة الرئاسية باتجاه كيان الاحتلال مرورا بخطابه للاسرائيليين من الكنيست وصولا الى شرم الشيخ لحضور توقيع ما يسمى باتفاق لانهاء الحرب بين “حماس واسرائيل “لوجدنا خطابا سياسيا غير مسبوق للرئيس الامريكي كما لم يحدث في ولايته الاولى الى اليوم ..
ترامب الذي كان شدد على أن الحرب انتهت وأن لديه ضمانات بذلك وأنه لا أحد يمكن أن يخيب اماله أبدى استعداده لزيارة غزة بل ووعد بوقوع معجزة هناك خلال العقود القادمة …
ما هي هذه العجزة و كيف ستكون وبأي مواصفات ومن سيمول و يصنع المعجزة فهذه مسألة لا يمكن استبطانها في هذه المرحلة ..فالرئيس ترامب يشعر بحالة من الانتشاء و يعتبر أن العالم كله مدين له بما حققه ..في الكنيست الاسرائيلي استمع ترامب لكل الاطراء الذي يستسيغه من ناتنياهو الذي استعرض أفضاله غير المسبوقة عندما اقر نقل السفارة الامريكية من تل ابيب الى القدس واقر بأن القدس المحتلة الخاضعة للقانون الدولي عاصمة أبدية للكيان وأقر بسيطرة اليهود على يهودا والسامرة و زاد بان ذكره بالهدية الكبرى عندما أقر منح اسرائيل هضبة الجولان السوري ..ولاشك أن ناتنياهو لم يكن يوجه كلامه لترامب فحسب بل كان يوجه كلامه للرأي العام الاسرائيلي الذي فقد ثقته فيه ولكن أيضا لقمة شرم الشيخ التي يمكن اعتبارها تتويج لجهود ترامب لانقاذ ناتنياهو من نفسه ومن غطرسته وانفلاته غير المحسوب وانقاذ اسرائيل من عزلتها المتفاقمة بعد أن دفعت غزة قسرا الى فلسطينة العالم على وقع جبال الجثث و سيول الدماء هناك ..لا خلاف أن وقاحة ودناءة وخبث ناتنياهو يجعله الاقدر على قلب الاوضاع و تزيف الحقائق للترويج بانتصاره غير المسبوق و تحقيقه أهدافه من الحرب ..على أن الحقيقة غير ذلك وناتنياهو لم يحقق أهدافه من العملية العسكرية ولم يمكن من استعادة الاسرى ولا من اجتثاث حماس من المشهد ..وأمس التقى مبعوثا ترامب ويتكوف وكوشنر في القاهرة ممثل حماس و رئيس الوفد المفاوض خليل الحية بما يعني أن الحديث عن القضاء عن المقاومة في غزة أو الضفة امر غيرمحسوم خاصة عدما يتعلق الامر بمصير مجرم حرب من طينة ناتنياهو الذي دفع غزة الى محرقة ترتكب على المباشر تحت أنظار العالم و ما اذا سيتم ملاحقته على جرائمه أمام الجنائية الدولية ..
ان نظرة على الاحداث وعلى المشهد الفرجوي المسرحي الذي رافق أمس زيارة الرئيس ترامب الى المنطقة يؤكد أننا ازاء مسرحية مستنسخة من اتفاق أوسلو ومدريد تحمل وعودا بالسلام ولكنه سلام غير قابل للتحقيق لان من يحدد هذا السلام يتجاهل حق أصحاب القضية في السلام على أرضهم وهنا أصل الداء ..وفي قناعتنا أنه برغم تصريحات ترامب المنمقة والغارقة في التفاؤل هذه المرة فانه من غير الممكن بل من المستحيل أن يحول ترامب وجهته الى غزة عقب قمة العشرين في شرم الشيخ ليقف بنفسه على حجم الابادة التي اقترفها جيش الاحتلال الاسرائيلي هناك طوال سنتين في حق غزة وأهلها ..و لوأنه فعل لامكن وصفه برجل السلام و لكن قناعتنا أنه لن يفعل وأن وعوده بشأن اعادة اعمارغزة لتكون ريفيرا الشرق الاوسط ليست أكثر من بيع للاوهام لمن لهم استعداد لقبولها ..
ربما كان ترامب يعتقد أنه بعد الخطة التي أعلنها أنه سيكون بامكانه أن يفرض حليفه ناتنياهو بين ضيوف مجموعة العشرين لاتفاق وقف الحرب في غزة ..لا نعرف ما حدث في الكواليس ولكن الارجح أن حضور ناتنياهو مجرم الحرب كان سيزيد تشويه الاحتفال المصطنع ويحرج مخرج المسرحية و شركائه على الحلبة ..بعض التسريبات تتحدث عن رفض العراق وتركيا لهذا الحضور وتهديدهما بالانسحاب في حال حضورناتنياهوالذي كان يعول على ترامب لفتح الابواب أمامه الى شرم الشيخ والظهور بمظهر البطل على رأس الحضور و اضفاء طابع الشرعية والبراءة على كل الجرائم التي ارتكبها ..
جاء ترامب لانقاذ نتنياهو و يبدو أن المهمة نجحت حتى الان .. بعد سنتين من التطهيرالعرقي والدمار والخراب وجرائم الابادة تحرك الرئيس الامريكي دونالد ترامب لوضع حد لمسلسل القتل اليومي ..صحيح لا أحد غيره استطاع القيام بذلك و لكن جهود ترامب وخطته لم تتحدث و ل مرة واحدة عن شيء اسمه احتلال اسرائيلي و لا عن حق الشعب الفلسطيني ولا عن اقامة الدولة الفلسطينية أو حل الدولتين ..تحرك ترامب بعد أن بات مقتنعا أن حليفه ناتنياهو المهوس بحلم اسرائيل الكبرى يتجه الى الهاوية وأنه بات خطرا على مصيرالكيان بعد أن بات العالم كله يتحدث عن غزة و ينتصرلها ويطالب بفرض عقوبات على الكيان الذي فضح نفسه و كشف وجهه الدموي..
الواقع أننا لسنا في اطار التشكيك في النوايا أو التقليل من وزن الرجل الماسك بمفاتيح العالم ان شاء أطفأ لهيب الازمات وان شاء أججها وهو من كان شريكا فاعلا في حرب الابادة على مدى سنتين..والسؤال لماذا انتظر ترامب كل هذا الوقت ليضغط من أجل انهاء الحرب و لماذا أخرج ترامب خطته للاتفاق بعد 735 يوما من القصف الهمجي الممنهج للقضاء على كل أسباب الحياة في غزة ؟
ليس سرا أن ترامب كان الراعي و الممول العسكري الاساسي للحرب في غزة و كان الحصن الذي لا يخترق لكيان الاحتلال في الامم المتحدة و تحديدا في مجلس الامن حيث ظل حق الفيتو مسلطا على الرقاب لاجهاض أي قرار للتوصل الى حل وانهاء الحرب ..
لقد منح ترامب ناتنياهو كل شيء في هذه الحرب ليجنبه الهلاك ويمنع ملاحقته أمام القضاء لكنه في المقابل لم يمنح الفلسطينيين ولم يمنح أهل غزة اعترافا واحدا بشأن الدولة الفلسطينية ولا بحقهم في الحياة والبقاء على أرضهم …و مع ذلك و رغم الانحياز الاعمى للاحتلال فان كل العالم اعلن انتصاره للحق ودعمه للشعب الفلسطيني قيما بات علم فلسطين يغزو بيوت و عواصم احرار العالم …
*كاتبة و صحفية تونسية

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

عبدالقادر هلال : رجل ترك بصمة في قلب صنعاء

  بقلم / عادل حويس في كل عام عندما يحل الثاني عشر من ديسمبر تلتقط …