الأربعاء , يناير 15 2025
أخبار عاجلة
الرئيسية / اراء / مصر واسرائيل

مصر واسرائيل

السفير/ عبدالله الأشعل*
قراءة حالية وتاريخية ومستقبلية لموقع مصر وإسرائيل فى إفريقيا. كنت قد نشرت مقالات من سنوات أقارن فيها بين موقع العرب وإسرائيل فى الخريطة السياسية الدولية وعلاقتهما بأقطاب النظام الدولى.
ولابد أن نعترف فى البداية بأن العلاقات الدولية لاتدار بالتمنيات والشعارات والأكاذيب، بل تدار بأوراق قوة حقيقية، وفى هذا للأسف الشديد حازت إسرائيل كل أوراق القوة فى إفريقيا وهدفها الأساسى ليس فقط الخروج من العزلة التى فرضها العرب يوما بقيادة مصر ولكنها تهدف إستراتيجيا إلى القضاء على مصر وتطويقها بدأت بهزيمتها المدوية1967 فأحدثت اسرائيل نقله نوعية فى وضعها العالمى والإقليمى وكان انتصارها الكاسح على مصر متعدد الدلالات، منها أنها هزيمة لنظام عبدالناصر ورموزه وشعاراته وإعلامه الكاذب وانهماكه فى دعم سلطانه فى الداخل من خلال التدليس والقهر بينما تغنى الفنانون المصريون بالانتصارات الوهمية وأشهد أن جيلى تجرع الهزيمة والقهر الجمعى والبؤس والعجز فانقلب البعض إلى دعاة للكذب مقابل منفعتهم من أعضاء منظمة الشباب التى انخرطت فى عبادة الزعيم بينما الوطن المصرى يتجرع الذل.
فى هذه المرحلة كانت مصر تساند حركات التحرر الوطنى تحت شعار محاربة الاستعمار وقد تبين لنا أن النصر الوحيد لمنظمة الوحدة الإفريقية هى تصفية الاستعمار بالجهد والدم ولكن الأهم هو تناغم واشنطن وموسكو على تصفية الاستعمار الغربى العجوز وكلاهما يريد خلافته خاصة وأن الخلافة الأمريكية لأوروبا الاستعمارية كانت سياسة رسمية بعد الحرب العالمية الثانية. ليس هذا انتقاصا من الجهد المصرى فى تحقيق أحد مفاهيم عبدالنصر المتناقضة وهى تحرير الشعوب المغلوبة على أمرها من الاستعمار تحقيقا لمقولته الذائعة الصيت: على الاستعمار أن يحمل عصاه ويرحل ونحن لاندرك أن هذا الاستعمار غير وسائله فاستأنس الحكام واستمر فى الهيمنة بوسائل ناعمة بعد رحيل قواته العسكرية حتى قال هيكل أن حرية الوطن ثمنها استعباد المواطن وتغييب عقله وقالها بطريقة أكثر حذرا: حرية الوطن مقدمة على حرية المواطن.
المهم أن مصر كسبت قلوب الآفارقة بنضالها معهم وهم فى الواقع مرتبطون بهذا المستعمر ارتباطا لايقبل التجزئة أو الانفصام.
وأسهمت مصر فى استقلال معظم الدول الإفريقية وفى دحر العنصرية والتمييز العنصرى ولكن مصر لم تنشئ العلاقات مع إفريقيا بناءا على رؤية طويلة الأجل ومؤسسية ولولا ظهور أحد أبناء القارة المخلصين وهو أستاذنا المغفور له د. بطرس غالى لانتهى النفوذ المصرى بوفاة عبدالناصر ولكنه استمر حتى حرب أكتوبر حيث قطعت معظم الدول الإفريقية علاقاتها بإسرائيل حتى جاء أنور السادات وحاول أن يكسب معركة كامب دايفيد وتسويق صفقة السلام مع إسرائيل فى إفريقيا. وقد أطلعت على المحاضر السرية لقمة الدار البيضاء الإسلامية عام 1984 التى رفعت تعليق عضوية مصر فى المنظمة وكيف أن أحمد سيكو تورى رئيس غينيا رفض أن يمتد الصراع المصرى – العربى (الظاهري) حول كامب دافيد إلى القارة الإفريقية .
والحق أن إسرائيل كانت فى الخمسينات والستينات تتسلل إلى إفريقيا وتساعد الدول الاستعمارية والنظم العنصرية ضد رغبات الشعوب الإفريقية. وقد حضرت مؤتمرا فى جوهانسبرج مع المرحوم د. عبدالوهاب المسيرى عام 2006 وتذكروا دور مصر والعرب فى مساندة الحكم الإفريقى فى جنوب إفريقيا وكان موضوع المؤتمر هو من أحق بقلب جنوب إفريقيا الحرة: إسرائيل أم العرب رغم أن إسرائيل كانت توغلت فى إفريقيا وزاحمت مصر وطردتها وبدأ جهاد إسرائيل فى إفريقيا منذ جولة جولدا مائير فى القارة عام 1959 وحددت احتياجات الدول الناشئة وهى تدريب الحرس الجمهورى وإنشاء أجهزة الأمن والمساعدة فى الخبرة الزراعية والصحية والتكنولوجية وتدريب الجيوش ونفذت إلى الحروب الأهلية فأشعلتها مقابل الماس والمعادن النفيسة ولم تكترث لقرارات مجلس الأمن الموجهة لإسرائيل بالأسم صراحة والتى تتحدث عن ماس الدم وحتى جنوب إفريقيا الجديدة التى تناست ما فعلته إسرائيل لتأخير زوال العنصرية فيها ووثقت علاقاتها الاقتصادية بإسرائيل وتناست الدول الإفريقية أن إسرائيل سبب شقاء الشعوب حيث أشعلت الحروب الأهلية والعنصرية والقبلية والطائفية والانقلابات عن طريق المرتزقة والانقلابات العسكرية. وأصبحت إسرائيل التى كانت تتسلل فى الستينيات من أهم القوى المستقرة نفوذا ويكفى أن نبحث دور إسرائيل فى سد النهضة.
وهناك خلل فى فهم مصر لعلاقة السلام مع إسرائيل ومقاومة الإرهاب، فالقوى الإسلامية تستخدم من جانب إسرائيل ضد مصر، كما قامت إسرائيل فى عزل مصر عن عالمها العربى وقامت باختراق كبير للصفوف العربية وأضحت بصمة إسرائيل فى جميع المآسى العربية وتمكنت من دفع بعض العرب إلى صفها فى حركة تطبيع واسعة شملت المغرب حتى الخليج مرورا بالسودان وهذه خسارة كبرى لمصر، ولم تدرك مصر الرسمية حتى الآن مخاطر المشروع الصهيونى المهدد لوجودها ليس فقط فى سد النهضة وإنما فى جميع الساحات الداخلية والخارجية. والمقاومة لإسرائيل التى تعتبرها إرهابا هى ورقة قوة أساسية لمصر بعد أن تستفيق. ولم تعرف مصر حتى الآن كيف تتعامل مع إسرائيل بما يحقق مصالح الوطن المصرى، كما أن القرار المصرى لابد أن يتحرر من الضغوط الخليجية والإسرائيلية والأمريكية.
والخريطة السياسية الحالية لإفريقيا تسيطر عليها دول جديدة هى الصين وإيران وتركيا كل يعمل لمصالحه ولكنه لايتصادم مباشرة مع مصالح إسرائيل.
فإذا أرادت مصر أن تعيد ترتيب أوراقها فى إفريقيا فهناك خطة تفصيلية فى جميع القطاعات تبدأ بإنشاء وزارة دولة لشؤون النيل ثم إفريقيا وإعادة ترتيب أوضاع العلاقات والأوراق مع الدول الجديدة وهجر الفكر القديم الذى جمد علاقات مصر بإفريقيا فلم يعد لمصر غير المشاعر الإفريقية وليس حسابات القوة كما هو الحال فى جميع مراحل العلاقات الدولية.
ولكى ينفذ برنامج دعم المصالح المصرية فى إفريقيا لابد من توفر الإرادة السياسية واستقلال القرار والقراءة الصحيحة للواقع الإفريقى الجديد لأن الشعارات لم تعد تنطلى على الشعوب كما أنها تنكشف أمام العولمة الاتصالية والإعلامية على تفصيل فى الخطة وتبدأ الخطة بالقراءة الصحيحة لإسرائيل وأهداف المشروع الصهيونى والفصل التام بين مصالح الوطن وحسابات النظام.
*كاتب مصري

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

جحيم الصواريخ اليمنية!

عبدالمنان السنبلي. ناس قلوبهم مع إسرائيل.. وسيوفهم كذلك.. يكرهون المقاومة.. ويتمنون لغزة الهلاك والفناء.. قد …