د/عبد الله الاشعل
طالبنا منذ أكثر من عشر سنوات بعزل العلاقات الإيرانية السعودية عن التأثيرات الأمريكية وقلنا أن الماء البعيد لايطفئ ناراً وأن حسن الجيرة هى خير ضمان لمصالح الشعوب وأن الحوارهو أرخص بديل للتوتر بين الجيران .
وقد سعدتُ سماع أنباء المحادثات الأولية من الملك سلمان إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة فى كلمته هذا الأسبوع فوجدتُ من واجبى أن أقدم أفكاراً للطرفين مع أطيب أمنيات النجاح والوصول إلى صيغة لتشجيع هذا الحوار، لأنه يسوى المشكلات الثنائية ولايكلف الولايات المتحدة الكثير من العبئ لنصرة حلفائها خاصة وأن بايدن يختلف عن ترامب فى أن بايدن بدأ عهده بالدعوة إلى السلام فى اليمن وإلى السلام فى سوريا وكلاهما مسرح للصراع بين إيران والسعودية كما أن بايدن أتخذ بعض الخطوات التى تنبئ بأن إيران والسعودية يجب أن يتفقا .
فقد أعلن بايدن أنه يسعى لوقف الحرب فى اليمن وأنه عين ممثلاً خاصاً له فى هذا الملف يتعاون مع الممثل الخاص باللأمم المتحدة كما فرض حظراً على تصدير السلاح إلى السعودية حتى يرغمها على وقف الحرب ولكن من ناحية أخرى شدد على الألتزام بحماية الأمن السعودى . ومما يذكر أن بايدن أخرج الحوثيين من قوائم الأرهاب ولكى (يبدو) أن بايدن له رؤية متماسكة يدخل فيها هذا الحوار الثنائى الإيرانى الأمريكى ثم أن بايدن نهج خطاً تصالحياً مع إيران عندما أعلن إعادة واشنطن إلى الأتفاق النووى وبدأت محادثات (فينا) بناءاً على ذلك ، لاشك أيضاً أن التهدئة بين إيران والسعودية سوف تُلقى ظلالها الإيجابية على المشكلات العربية لصيقة الصلة بينهما ؛ لبنان وسوريا والعراق وكذلك لتفتح الباب لمصر لإعادة علاقاتها الدبلوماسية مع إيران لان تحالف مصر مع السعودية أوجد حرجاً شديداً فى التقارب مع إيران ، بينما السعودية تقيم أفضل العلاقات مع إيران والتنسيق معها على أعلى المستويات ذلك أنه كان يتعيين أن تتجاوب مع إيران فى إعادة العلاقات الدبلوماسية التى قطعتها إيران سنة 1979 وهى أطول فترة لقطع العلاقات الدبلوماسية فى التاريخ الدبلوماسى العالمى ؛ ولذلك نقدم فى هذه العجالة بعض الأفكار التى تعين الطرفين أجتياز المحادثات الأولية بنجاح .
أولا : إطار العلاقات السياسية بين إيران والسعودية يسوءه التوتر منذ قيام الثورة الإسلامية فى إيران وإذا كانت واشنطن من الناحية الإستراتيجية تريد أن تنهى هذه الثورة ، فلايجوز أن يكون ذلك هو هدف السعودية أيضاً ، فذلك أن مصالح الدولة العظمى تختلف عن الدولة الأقليمية فالإطار العام لهذه الثورة الإسلامية متأثر بالصراع الإيرانى الأمريكى وأن هذا الصراع ألقى بظلاله القاتمة على مختلف الملفات الأقليمية ولكن العلاقات الإيرانية السعودية لها جانبان الجانب الأول هو العلاقات الثنائية والجانب الثانى هو مقتضى تحالفها مع واشنطن فى هذا الصراع .
ثانياً : أما عن المشكلات الثنائية يمكن حصرها فيما يلى :
قضية الشيعة فى الدول العربية الخليجية والسعودية ، فالثورة الإسلامية فى إيران ركزت على البعد الطائقى مماجعل تعلق الشيعة بإيران له طابع سياسى بالأضافة إلى الطائفى خاصة وأن الدستور الإيرانى نص صراحة على أن المذهب الشيعى الجعفرى كمذهب رسمى للدولة ، وبذلك لم يلتفت الدستور إلى نسبة كبيرة من سكان إيران وخصوصاً سكان (الأهواز ) الذين تثير بعض الدول ورقتهم نكاية فى إيران
أما الشيعة فى الدول العربية والخليجية والسعودية فيجب على إيران أن تدرك أن دول الخليج تتكون من شيعة وسنة ولكن المشكلة هى أن الحرب العراقية الإيرانية قد دفعت الشيعة إلى عدم الثقة فى حكومتهم والأستقواء بإيران ولذلك يجب أن تتفق السعودية مع إيران على تسوية مرضية لقضية الشيعة فى المنطقة وهى أن علاقتهم بإيران تقتصر فقط على الرباط الطائفى ولابد أن يدركوا أنهم أحدى مكونات المجتمع العربى
مسألة المقاومة ضد إسرائيل حيث تعتبرها إيران فرصة وتضحية لتهديد إسرائيل بينما تري السعودية أن المقاومة ضد إسرائيل عمل إرهابي علمً بأن هذا الوصف سجلته الجامعة العربية أيضا فى قرار يحتاج إلى مراجعة كما أن السعودية لا تخاطر بغضب واشنطن وإسرائيل بتعزيز المقاومة ولو نظرياً أو حتي مجرد الأعتراف بها. المسافة بين الموقفين السعودي والإيراني فى هذا الملف كبيرة وتحتاج إلى عقلية متوازنة تأخذ فى أعتبارها عند التسوية كافة العوامل .
العراق وهي قضية خلافية بين السعودية وإيران فالسعودية تريد العراق مستقلاً عن إيران ولكن الواقع والتاريخ القريب يعزز العلاقات الإيرانية العراقية وتنظر السعودية إلى العراق نظرة مركبة فالعراق كان يحارب إيران نيابة عن الولايات المتحدة وكانت السعودية تمول هذه الحملة ثم تحملت السعودية أعباء غزو العراق للكويت وكذلك أعباء الغزو البريطاني الأمريكي للعراق كما أن المكون الشيعي فى العراق وقف مع هذا الغزو إنتقاماً من صدام حسين وتأيداً لإيران فكيف يمكن الإتفاق على حل مشكلة العراق علماً بأن الأوضاع كلها رُتبت بحيث يتولى الشيعة الحكم فى العراق والتقارب مع إيران.
فى لبنان تعلم السعودية أن حزب لله لصيق الصلة بإيران منذ إنشائه عام 1982 وأن الجناح المؤيد للسعودية فى لبنان يُعادى إيران وحزب لله وأن هذا الجناح هو الذى تحالف مع السعودية ضد الوجود السورى فى لبنان وله صلة باغتيال الحريري عام 2005 ، فى العراق ليس مسألة تتعلق بالشيعة والسنة فقط وإنما يتعلق بالعراق كقوة إقليمية أنهكها الديكتاتورية والغزو المتعدد الدرجات ومن الصعب أشعال الملف الشيعي السني بالعراق حسبما ترى السعودية
5- السعودية ترى أن إسرائيل تغتصب فلسطين وأن إيران وليس إسرائيل هى العدو وأن المقاومة مرتبطة بإيران فإنحياز السعودية لإسرائيل للصراع ضد إيران يجد سنده فى العامل الأمريكى بينهما لهذا السبب فلا بد من وضع حدود للتشاحن السعودي الإيراني بسبب إسرائيل
وهذه الملفات الخمسة مترابطة ومتداخلة ويجب على الطرفين أن يركزان جهدهما وحكومتهما لتسويتها .
*كاتب مصري
شاهد أيضاً
كشف المستور في كتاب الحرب المنشور!
محمد عزت الشريف* لم يكن طوفان الأقصى محضَ صَولةٍ جهادية على طريق تحرير الأقصى وكامل …