المهندس سمير الحباشنة*
بعد ان دخلت الحرب الضروس التي جفّفت الضرع وحرقت الزرع ودمّرت البنى التحتية وجوّعت الأطفال واشاعت المرض في يمننا الغالي ، بعد كل سنوات المعاناة تلك ، شهدنا في الأيام الأخيرة سلسلة من التحولات السريعه في مواقف كل الأطراف المعنية في الموضوع اليمني، وجميع تلك التحولات تصب في سياق واحد وهو الإنفراج كخطوة على طريق الحل النهائي الدائم للمشكلة اليمنية.
لقد تعب اليمنيون وتعبنا معهم كعرب وتعبت الانسانية بتلك المأساة المدمره، وما ترتب عليها ، وبالتالي فان تلك التحولات التي انتظرناها طويلاً انما هي موضع التثمين من الجميع .
“”””””””
وقد بدأ بشاير التفاؤل بمبادرة مجلس دول التعاون الخليجي العربي ودعوته لكافة اطراف المعادله اليمنيه، الى اجتماع تشاوري يمني -يمني في مقر المجلس .تلته مباشرة مبادرة صنعاء واعلانها وقف العمليات العسكريه بشتى اشكالها لمدة ثلاثة أيام،. الى ان توّجت تلك المبادرات باعلان المبعوث الأممي عن هدنة لمدة شهرين قابلة للتجديد مقترنة بفتح ميناء الحديدة لوصول الغذاء والمواد الأساسية للشعب اليمني، وكذللك فتح مطار صنعاء برحلات الى عمان والقاهرة وهي المحطات الاهم بالنسبة للشعب اليمني نظراً للحضور الكبير للاخوه اليمنيين في كل من الاردن ومصر . ، والاهم في ذلك هو القبول الفوري لكافة الأطراف اليمنيه للاعلان الاممي ، ، قبول صنعاء ، وقبول الأخوة في عدن ، وقبول حكومة الرئيس هادي، وكذلك الكثير الكثير من الشخصيات اليمنيه الوازنه التي لم تنخرط في تلك الحرب ،ولم يتوقف سعيها نحو احلال السلام في اليمن وعلى راسهم الاصدقاء الرئيس علي ناصر محمد ومعالي د ابو بكر القربي والراحل الكبير د محسن العيني. والمهم ايضاً تأييد التحالف العربي لذلك الاعلان الاممي. والذي قوبل بصدىً ترحيبي علي الصعيدين العربي والدولي بما في ذلك اايران .،
“”””””””””
ان تلك الهدنة ، وان صمدت فانها ستكون متنفسا للشعب اليمني بعد سنوات هي الاقسي بتاريخه المعاصر ، لتبدأ حوارات يمنية-يمنية ،نأمل أن تتوسع فتشمل كافة اطراف المعادلة اليمنية وبمشاركه فاعله ممن لم ينخرطوا في الحرب ايضاً لانهم سيكونوا صوت العقل القادر على رسم ملامح المرحله الانتقاليه واطالة امد الهدنه حتى يصل الجميع الى مايصبوا اليه كل يمني وعربي . وصولاً الى نظام يمني تشاركي ديمقراطي يأتي بالسلام والأمن للشعب اليمني و يحافظ على وحدة التراب اليمني، وفق مصالحة وطنية تاريخية تعيدالأمور الى نصابها المطلوب.
“””””””””””
اننا في مجموعة السلام العربي وعلى مدار سنوات لم نتوقف عن توجيه النداء تلو النداء والاتصال المباشر بكافة أطراف المعادلة اليمنية من أجل دعوتهم للحوار، ودعوتهم الى ايقاف الحرب، واللجوء الى مائدة الحوار والى الكلمة كبديل للبندقية ،وها هي اليوم تُتوج جهود الخيّرين الذين يريدون لليمن الخير بان يعود يمنا سعيدا كما درسنا عنه في التاريخ ، وان تبدأ اطراف المعادلة اليمنية بنوايا حسنة وبالاقدام على خطوات تأريخية جريئة من التنازلات المتبادلة عسى ولعل ان يكون هناك قواسم مشتركة بين كافة اليمنيين تضع اليمن في الخانة التي يريدها كل يمني ويريدها كل عربي ويريدها كل شخص محب لهذه البلاد العريقة،
“”””””””
وبعد، أهل سبأ اليوم مطالبون باهتبال اللحظة الراهنة وان ويستثمروها استثمارا ايجابيا ،وان ينظرو الى بعضهم البعض دون النظر الى الخلف ، فالعربي يجب ان يتخلص من التفكير الماضوي و وطرح السؤال المعهود ” من الذي بدأ ومن هو الذي أخطأ “،.
يبدأ الجميع من الآن صياغة رؤيا للمستقبل. واذكرْ الاشقاء اليمنيين بان اوربا خسرت ستين مليون على مذبح الحرب الثانيه، ومع ذلك جلس الاوربيين معاً المنتصر مع المنهزم ولم يتوقفوا عند الماضي بل وضعوا خططاً وبرامج لمستقبلهم الواحد معاً ،وعلي اساس ان ما جرى يجب ان لا يتكرر، وهي نفس الرسالة التي ابعث بها الى الاشقاء اليمنيين ،
“””””””
وان مجموعه السلام العربي التي اتشرف بعضويتها على استعداد لان تكون من الاطراف التي تدفع باتجاه سلام يمني راسخ ونظام يحافظ على وحدة شعب اليمن وترابه الوطني ، نظام ديمقراطي تشاركي تسود به المواطنة على اي شئ آخر سواء كان مناطقي أو مذهبي أو معتقدي ، فالمعتقد والمذهب والمناطقية عندما نتعامل معها في اطار المواطنة فانها تصبح ضربا من ضروب التنوع الايجابي المعطاء، وغير ذلك فانها تكون خلافا مدمرا هي حالتنا في اليمن وحالتنا في أقطار عربية عديدة .
والله ومصلحة العرب وسلامة اليمن من وراء القصد
*وزير اردني سابق
