نور ملحم*
ما إن تكاد تهدأ التوترات بين الصين وتايوان حتى تعود وتشتعل ومجدداً، باعتبار أن الدوافع الحقيقية الكامنة وراء محاولات بيكين المستمرة لإخضاع تايبيه تحت سيطرتها وبالتالي غزو كل الجزيرة، لا تزال قائمة. حيث ترى الصين أن تايوان أرض تابعة لها، وذلك وفق عقيدة راسخة تحت عنوان ” الصين الواحدة”.
تصاعدت التوترات بين الطرفين، في ظل استعداد رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي لزيارة تايوان، وتحذير بكين من ذلك معتبرةً العلاقة مع تايبيه خطّاً أحمر، مهدّدة باتخاذ “الخطوات اللازمة التي تضمن سيادتها ومصالحها
وفي الوقت الذي تصر فيه بيكين على تبعية تايوان إلى أراضيها، وتحاول أن تلزم المجتمع الدولي بهذا الموقف، حتى تستعيد السيطرة عليها. تتمسك تايوان البالغ عدد سكانها قرابة 23 مليون نسمة باستقلالها منذ عام 1949.
احتدام التوتر حيال تايوان باعتباره مسألة هامة على مستوى المنطقة لن يخلو من تأثير على وضع أفغانستان كذلك. للإمارة الإسلامية علاقات وثيقة مع الصين، وقد ازدادت هذه العلاقات تقاربا مع اكتمال انسحاب القوات الأمريكية وقوات الناتو من أفغانستان.
فالمنافسة بين القوتين المذكورتين تلقي بظلالها على معظم المسائل السياسية – الأمنية بالمنطقة، وبالتالي يصعب حسم هذه التحديات الإقليمية دون وضع اعتبارات هاتين القوتين في الحسبان.
وكان قد حذّر السفير الصيني لدى الولايات المتحدة، تشين غانغ، من احتمال نشوب “صراع عسكري” بشأن تايوان، متهماً تايبيه بـ”السير في الطريق نحو الاستقلال”.
وذكر تشين غانغ، إنه “إذا استمرت السلطات التايوانية، بتشجيع من الولايات المتحدة، في السير في طريق الاستقلال، فمن المرجح أن تنخرط الصين والولايات المتحدة، الدولتان الكبيرتان، في صراع عسكري”.
يحبس العالم أنفاسه اليوم، خوفًا من اندلاع هذه الحربٍ، و كشف خبراء أنها ستكون الأعنف اقتصاديًا على مر التاريخ، والتي ستزيد من سوء التضخم وأزمة الطاقة والنفط، بالإضافة إلى تدمير سلال الإمداد حول العالم، وإنهاك اقتصادات الدول بمختلف تصنيفاتها.
في الوقت الذي تكثف الصين كافة الإجراءات العسكرية والأمنية والتقنية في أي حضور دولي مختص بقضية تايوان، إذ تعد تايوان القطعة الناقصة في معادلة “الصين الواحدة” عندما شكلت القوات القومية الفارة من الحرب الأهلية الصينية حكومة مستقلة في الجزيرة، وتنظر بكين إلى زيارات الحكومات الأجنبية للجزيرة على أنها اعتراف فعلي بتايوان كدولة مستقلة، وتحدٍ لمطالبة الصين بالسيادة عليها في الوقت الذي عجزت الصين عن ضم تايوان بالقوة، نظرًا لضعف بكين العسكري.
ويشكل التعاون العسكري بين واشنطن وتايوان مصدر قلق لبكين التي تؤكد أن الجزيرة جزء من أراضيها، وتعتبر الصين أن مبيعات الأسلحة الأمريكية لتايوان تقوض بشكل خطر العلاقات الصينية الأمريكية، والسلام والاستقرار عبر مضيق تايوان.
من الصعب تخيل كيف ستتطور علاقة الصين وتايوان في المستقبل، وهناك العديد من الخيارات، قد تنشأ نقاط ساخنة اعتمادًا على مستوى التعاون، إذا فشلت الصين في السيطرة على تايوان دون إراقة دماء، فمن المؤكد أن يكون هناك غزو عسكري وهناك احتمال كبير للغاية أن نشهد صراعا في الصين وتايوان والمحيط الهندي بالمقابل هناك توقع بفرض الولايات المتحدة على الصين عقوبات أميركية وغربية مثلما فُرضت على روسيا أثناء الحرب مع أوكرانيا .
وبذلك ستواجه الصين مصيرا كارثيا في حال غزت تايوان، لا سيما أن الصين لديها استثمارات بقيمة تريليونات الدولارات في أميركا، وبالتالي إذا عوقبت الصين، مثلما عوقبت روسيا، فإنه من الممكن إعادة الصين إلى فترة ما قبل السبعينيات، بحكم أن وتعتبر واشنطن أقوى حليف لتايوان ومزودها الأول بالأسلحة، لا بل إن الإدارة الأميركية ملزمة من قبل “الكونغرس” ببيع الجزيرة أسلحة لتمكينها من الدفاع عن نفسها.
*كاتبة سورية
شاهد أيضاً
استثمار أم استعمار؟!
أمين بوشعيب* لماذا تعمل حكومة أخنوش المغربية على عرقلة استثمارات المواطنين المغاربة في بلدهم؟ …