الأحد , ديسمبر 14 2025
الرئيسية / اراء / أمريكا واسرائيل عقبتان رئيستان أمام الوئام السعودي الايراني

أمريكا واسرائيل عقبتان رئيستان أمام الوئام السعودي الايراني

صالح القزويني*
ما كتبه رئيس الوزراء العراقي الأسبق عادل عبد المهدي حول الاتفاق على عودة العلاقات الايرانية – السعودية، ليس مجرد مقال كأي مقال آخر تنشره وسائل الاعلام أو مواقع التواصل الاجتماعي، وانما شهادة رجل واكب الخطوات الأولى لعودة العلاقات الايرانية – السعودية.
البعض قرأ المقال على انه تسليط للضوء على الدور الذي قام به الشهيد قاسم س ل ي م ا ن ي، وأن عادل عبد المهدي أراد أن يقول أن الشهيد له الفضل الأول في اطلاق عملية عودة العلاقات الايرانية – السعودية، ولكنني الى جانب هذه القراءة، أقرأه على أن الشهيد قطع جميع خطوات المصالحة بين ايران والسعودية ولم يبق الا الجلوس على الطاولة وابرام الاتفاق لذلك سارعت ادارة ترامب وبالتعاون مع الموساد الى تصفيته في بغداد قبل لقائه بعبد المهدي واطلاعه على الموقف والقرار الايراني النهائي تجاه المصالحة مع السعودية وعودة العلاقات بين البلدين.
سببان رئيسيان يدفعان الولايات المتحدة الى منع التقارب مع ايران، سبب عام وآخر خاص:
أما العام فانه ليس من مصلحة الولايات المتحدة بتاتا اي تقارب بين ايران وأية دولة أخرى فما بالك بالسعودية التي تتمتع بثقل كبير في المنطقة والعالم وخاصة العالم الاسلامي، لأن أي تقارب سينزع فتيل الأزمات والتورات، بينما المصلحة الأميركية تقتضي وجود التوتر لتضطر دول المنطقة اللجوء اليها وطلب حمايتها ومساندتها ودعمها، الأمر الذي يعزز قوة الولايات المتحدة في المنطقة والعالم، كما أن أي هدوء وسلام في المنطقة يوقف نشاط مصانع السلاح والعتاد في الولايات المتحدة الأميركية مما يشكل خطرا داهما على الاقتصاد الأميركي، وعلى الصعيد العام أيضا فان أية خطوة من شأنها تقوية الصين سياسيا أو اقتصاديا فانها تتعارض مع السياسة الأميركية، فكيف اذا كانت الخطوة توفر الأمن الكامل لمصادر الطاقة للصين (وهو ما تسعى الى تحقيقه بكين من المصالحة السعودية الايرانية) والتي تعتبر شريان الحياة للاقتصاد الصيني؟
هذا على الصعيد العام، أما بشكل خاص فان الادارة الأميركية ترفض أية خطوة تؤدي الى تبديد وافشال عقوباتها على ايران، فلربما ستسمح الادارة الأميركية بعودة العلاقات بين ايران وسائر البلدان ولكن ليست الى مستوى قبل العودة للاتفاق النووي، بل حتى لو عاد الجميع للاتفاق النووي فان واشنطن ستواصل الضغط على طهران لتغيير نهجها وموقفها وسياستها تجاه العديد من القضايا وفي مقدمتها العلاقة مع اسرائيل وقدراتها العسكرية والصاروخية، وبالتالي فان واشنطن تريد ابقاء علاقات ايران مع سائر دول العالم باردة، حتى لو ألغت العقوبات عن ايران.
هذا على صعيد الولايات المتحدة الأميركية، أما على صعيد اسرائيل فانها ترفض بشكل قاطع عودة الوضع الطبيعي لايران قبل أن تقيم علاقات معها، أو على أقل التقادير تتوقف طهران عن دعم المقاومة الفلسطينية، وهذه السياسة العامة لا يختلف عليها أي حزب اسرائيلي، واذا كان التصدي لايران ليس من أولويات حزب العمل؛ فان احدى استراتيجيات حزب الليكود برئاسة نتنياهو والتحالف الذي يقوده هو التصعيد ضد ايران لتحقيق عدة أهداف، في مقدمتها، التطبيع والتقارب مع الدول العربية، وممارسة الضغط الدولي والاقليمي ضد ايران، وابتزاز الغرب من خلال الايحاء بأنها تتعرض للتهديد الايراني مما يستدعي حمايتها والدفاع عنها.
من هنا فليس من مصلحة أميركا واسرائيل أي تقارب بين ايران وسائر الدول، واذا لم نلاحظ ردود فعل سلبية من قبل واشنطن وتل أبيب تجاه التقارب السعودي – الايراني فليس لأنهما راضيتان على هذا التقارب، وانما الظروف التي تمر بها الولايات المتحدة واسرائيل لا تسمح لهما بالقيام بأية خطوة تجاه هذا التقارب، فأميركا منشغلة حاليا بحرب أوكرانيا، واضيفت الى هذه المشكلة مشكلة أخرى وهي أزمة البنوك التي لا يدرى الى أين ستنتهي أبعادها.
أما اسرائيل ونتنياهو فانه عالق الى اذنيه في مستنقع التظاهرات الداخلية واحتمال انهيار تحالفه الحكومي، الى جانب تصاعد عمليات المقاومة الفلسطينية، ولكن هذا لايمنع المخابرات الأميركية والاسرائيلية بالقيام بتحركات واجراءات للاضرار بعلاقة ايران والسعودية واحباط أية محاولة لعودة العلاقات بين طهران وبعض العواصم العربية والخليجية.
غير أن نجاح المخابرات الأميركية والاسرائيلية في مساعيها يتوقف على مدى قوة وعي ايران والسعودية في الكشف عن هذه التحركات والاجراءات، وفي نفس الوقت على مدى اصرارهما على المضي قدما في توطيد وتعزيز علاقاتهما رغم العقبات والعراقيل التي تقف امام ذلك.
تجربة العقود الماضية برهنت على أن طهران لا تعير الضغوط الخارجية في تحديد مسارات سياستها الخارجية اي اهتمام، وهناك العشرات من الأمثلة التي يمكن أن نوردها للتدليل على أن طهران لا تعبأ بالضغوط الخارجية لثنيها عما تراه صحيحا، ومن بين ذلك ايصال الوقود الى فنزويلا وسوريا، غير أن السعودية امام اختبار حقيقي على الرغم من انها برهنت على انها قادرة على اتخاذ قرارات صعبة وتتعارض مع السياسة الغربية، كالذي حدث في أوبك+، الا أن الأمر يختلف فيما يتعلق بايران.
السعودية وفي الوقت الذي كانت تتفاوض فيه مع شمخاني في بكين ابرمت صفقة مع شركة بوينغ الأميركية لشراء 121 طائرة بقيمة 37 مليار دولار، وكأنها تريد أن تقول لواشنطن ولكل من يعنيه الأمر، أن علاقتها مع الولايات المتحدة شيء والمصالحة مع ايران شيء آخر، ومما لاشك فيه أنه من السابق لأوانه اطلاق الأحكام بشأن الاتفاق الثلاثي في بكين، خاصة وقد سمعنا اصوات سعودية تقول أن الشهرين الذين حددهما الاتفاق لعودة العلاقات سيكونان فترة تجريبية لترى الرياض ما اذا كانت طهران ستلتزم بالاتفاق أم لا؟ ولكن ينبغي القول أيضا أن المسؤولين السعوديين والايرانيين ليس لديهم من الوقت ليضيعوه على مفاوضات استمرت لأكثر من عامين بدأت في بغداد وانتهت في بكين، ثم يتبدد كل شيء بلحظة.
*باحث فلسطيني في الشأن الايراني

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

عبدالقادر هلال : رجل ترك بصمة في قلب صنعاء

  بقلم / عادل حويس في كل عام عندما يحل الثاني عشر من ديسمبر تلتقط …