بقلم / احمد الشاوش
تُثار العديد من التساؤلات في العالمين العربي والاسلامي والمجتمع الدولي ، عن حالات السُعار والنباح المزعجة والمغامرات السياسية والعسكرية الفاشلة والمواقف المضطربة والاستراتيجية المنتحرة على قلعة الصمود السورية وأبواب المجاهد عمر المختار ، للخليفة ” المسعور ” اردوغان ، زعيم حزب العدالة الاخواني واذرعه المتوحشة في الشرق والغرب المتدثرة بعباءة و” خازوق ” الاسلام السياسي واحلام الامبراطورية المنتهية الصلاحية التي جعلت من محاكم التفتيش قوة مرعبة لمصادرة حقوق وحريات الشعب التركي والزج بخيرة ابناءه من العلماء والمثقفين والمفكرين والقضاة والقادة والمعارضين في السجون دون ان تُحرك امريكا واوروبا ساكناً تجاه الاب الروحي للقاعدة وداعش والنصرة وغلمان الخليفة المسعور.
لم يكتف السلطان المعتوه والرجل المريض ،”دراكولا” العصر الحديث بإذلال وتركيع الشعب التركي ، بل واصل ” عدوانيته واضطراباته الشخصية وايدلوجيته المتوحشة المعادية لقيم التسامح والتعايش والانسانية في غزو وتدمير وابادة الشعب السوري والليبي والعراقي وتحويل البلدان الآمنة الى كتلة من النيران والدماء والجثث المتفحمة وتهجير الملايين ونهب وسرقة وتحطيم الاثار والحضارة الانسانية امام أنظار العالم من خلال تجميع مخلفات الاسلام السياسي الارهابية في العالم وتدريبهم وتسليحهم وتمويلهم وفتح الحدود ونقلهم لقلب انظمة الدول العربية وتدمير الجيوش ونهب الثروات والسيطرة على مراكز النفوذ خدمة للصهيونية العالمية وتحت وهم وايقاعات اعلان الخلافة عبر منظومة من اشباه العلماء والعملاء .
لقد صدم الشعب التركي والعربي والعالم من حالة الحقد والكراهية والسقوط الديني والاخلاقي والانساني الذي يحمله الامبراطور المفلس ، ونرجسيته وجنون العظمة للشخصية المريضة والثقافة المسمومة، والفكر الهدام والايدلوجيا المدمرة الذي يصدق فيها قول الله تعالى ” ألا انهم المفسدون ولكن لايشعرون”.
ورغم ذلك السقوط إلا اننا في هذه المقالة نفرق بين الشعب التركي العظيم المحب لقيم الحرية والتسامح والتعايش وشعوب الأرض ، بينما ننتقد تجاوزات وخطايا طاغية يحاول أن يورط الشعب ويدمر دولة وحضارة خدمة لايدلوجيا أبشع من كورونا وجماعة أخطر من الطاعون وحماية كرسي أمير في الدوحة.
لقد تفاءل العرب والاتراك بإن اردوغان سيساهم في استعادة سمعة وثقة وحضارة وبناء تركيا والاعتذار لمجازر الابادة انطلاقاً من عدالة السماء ووسطية الاسلام ووخز الضمير وتحكيم العقل والتأسيس لعلاقات سياسية ودبلوماسية واقتصادية وثقافية متينة مع جيرانه العرب ودول العالم ، وان يساهم في ارساء الامن والاستقرار والسلام ، بعيداً عن تصدير الايدلوجيا المتوحشة وارهاب الدولة للدول والشعوب بقلب الانظمة ، لاسيما وان تركيا تمتاز بالموقع الاستراتيجي الفريد على قارتي اسيا واوروبا وتزخر بالثروات الطبيعية والبشرية والحضارة الضاربة في اعماق التاريخ ، الذي ساهمت في تطور تركيا واسست لنقلة نوعية في المجالات التنموية و الصناعية والاقتصادية والتكنولوجية والانتاج ما جعلها قبلة سياحية للعالم العربي والاسلامي ، لكن الواقع يؤكد ان الوريث طائش وان الحفيد قاب قوسين أو أدنى من تدمير وتمزيق ما تبقى من الامبراطورية العثمانية التي لم تعد قائمة إلا في خيال الحفيد ” المعتوه” بعد ان أصبح أداة في يد الاخوان المسلمين وخادماً للامير المنقلب على والده ودمية في يد اسرائيل ومتعهداً لتفجير المنطقة العربية ، واللعب على تناقضاتها السياسية واشعال الفتيل منذ العام 2011م مع سوريا وليبيا والعراق واليمن و السعودية والإمارات ومصر والبحرين .
والمتابع للشأن التركي يلحظ بما لا يدع مجالاً للشك حالة الانقسام والغضب الكبير والانفجار الشعبي المؤقت واختلال التركيبة السكانية للشعب التركي بكل طوائفه وفئاته واقلياته والزلزال القادم للمعارضة الوطنية المتمثل في حزب الشعب وغيره من الشرفاء الذين يرفضون ان تتحول تركيا العظيمة الى مجرد حزب ايدلوجي فاشي يعيش بعقلية العصور الوسطى ، تُدار استراتيجيته من جبال تورا بورا أو مختبرات تل ابيب و معامل الاستخبارات والبريطانية والامريكية ، وغرفة ” قطر” الذي لا تتعدى مساحتها علبة كبريت أو صورة فتوغرافية لا يتعدى حجمها مقاس 4*6سم .
لقد أدت سياسات واستراتيجية الاخوان المسلمين بزعامة ” الملا” اردوغان الذي تحول الى ” سمسار ” ومرتزق لدى النظام القطري وعصا لواشنطن وبوصلة لتل ابيب بالتدخل في شؤون بعض البلدان العربية الى حالة من الكراهية والعداء على المستوى الشعبي والرسمي ، والاساءة للشعب والدولة التركية التي كان لها مكانة خاصة في قلوب العرب والمسلمين رغم التباين في بعض الأمور .
كما ان غرور وتفاخر اردوغان بتحقيق معدلات تنموية واقتصادية كبيرة في فترة من الزمن ما هي الا انعكاس للموقع الاستراتيجي الجميل وحضارته وتراكم خبراته التاريخية والتنوع السياسي والاستثمارات الامريكية والاوربية والاسرائيلية والخليجية والاموال التي نهبها الاخوان المسلمين من دولهم ، ورغم ذلك نخشى ان تنهار تركيا كنمور اسيا رغم الفارق الأخلاقي و الانساني الكبير للنمور التي تحولت الى قطط.
ورغم غطرسة وطغيان السلطان إلا ان انهيار الليرة التركية وتعثر الاقتصاد ومعوقات الانتاج وفقدان الاسواق نتيجة طبيعية للسياسات المتناقضة والاستراتيجيات الغامضة والاهداف المشبوهة التي لا تخدم تركيا وانما تخدم التنظيم العالمي للاخوان المسلمين والخلافة الاسلامية المشبوهة التي نمى عظمها ولحمها من فضلات بريطانيا ودماء الابرياء وثروات الشعوب والطعن في الخاصرة.
والمؤسف ان شاهد الحال اليوم يؤكد ان النظام التركي تحول الى عدو لدود للشعب التركي الذي يؤمن بقيم الحرية والديمقراطية والعدالة والمساواة وعدم التورط في حروب عبثية ويرفض ان يكون النظام التركي الذي يضع رجلاً في الشرق وأخرى في الغرب حاضنة للارهاب والتطرف والتشدد لإغراق الدول العربية بالإرهابيين ودول الاتحاد الاوربي بالمهاجرين من فئة داعش والقاعدة والنصرة.
لذلك يتساءل المواطن العربي لمصلحة من يقود اردوغان وحزب العدالة والتنمية ، الدولة والشعب التركي الى الهاوية .. ويتساءل السوريون والليبيون والعراقيون الابرياء لماذ يجيش الخليفة المسعور قتلة وشواذ العالم للتلذذ بدماء الاطفال وجثث الابرياء واغتصاب النساء وبيع القاصرات ونهب الاموال وسرقة المصانع والنفط والاثار وتهجير الملايين.
وبغض النظر عن كون التواجد التركي احتلاً كما يطلق عليه القوميون العرب او حماية للعرب كما يحلو للقادة الاترك تسميته امتصاصاً للنقمة او كان ارتباط العرب بالاتراك امتداداً للخلافة الاسلامية وحمايتهم من اطماع اوروبا في الماضي ، أو انقاذهم من حكم المماليك والشراكسة من الظلم ، إلا ان ذلك لايعطي الاتراك الحق في التدخل في شؤون البلدان وغزوها من الخارج بالقوة العسكرية والمليشيات الارهابية او اسقاطها من الداخل بالجماعات الاسلامية والمنظمات والجماعات السرية التي تناسلت ورضعت من بز الخلافة المسمومة.
كم نحن سُعداء الى مراجعة النفس وتعزيز الثقة واقامة علاقات سياسية واقتصادية وصناعية مثمرة ترتقي بالفرد والاسرة والمجتمع والدولة التركية ونظيراتها العربية الى مشارف المستقبل الآمن بعيداً عن الايدلوجيا المدمرة والرهانات الخاسرة والتفكير العقيم وعدم التدخل في شؤون الدول العربية والاسلامية وتفخيخها من الداخل عبر جماعة الاخوان المسلمين والمال القطري والجيش الجرار من الجمعيات والنقابات والشركات والمنظمات والكيانات والمنح التعليمية والمؤتمرات والسفريات المشبوهة لتلغيم المنطقة كما حدث في 2011م خدمة للصهيونية العالمية ، بدلاً من حل المشاكل بطرق راقية وانسانية والتركيز على التنمية والبناء والابتكار والابداع والمحبة والتكامل الاقتصادي والثقافي والاجتماعي .
لذلك سنورد للقارئ لمحة تاريخية عن مجازر الإبادة والتاريخ الدموي للدولة العثمانية :
حيث يكشف لنا التاريخ التورط التركي في مجازر الابادة للارمن ، واحتلال اليمن وغزو مصر واستعمار الجزائر واسقاط تونس و تصفية الاكراد وملاحقة الزعيم أوجلان بالتنسيق مع المخابرات الاسرائيلية ونيروبي عام 1999م والحرب الوحشية على قبرص عام 1947 م وضمها بالقوة ، والتعصب مع دول الحلفاء ضد المانيا واليابان عام 1945 ‘ وإقامة القواعد البرية والبحرية عبر الاتفاقات المشبوهة للتواجد في ليبيا وقطر وجيبوتي والبحر المتوسط والاحمر وقارة انتاركتيكا للسيطرة على منابع النفط والثروة والاماكن الاستراتيجية ومنابع دجلة والفرات وحرمان سوريا من 90% من مصادرها المائية وتحركها في إدلب وحلب سابقاً، وضد الأكراد ا في منطقة عفرين السورية، منعاً للأكراد من تشكيل دولة.
كما غزا العثمانيون مصر وقتلوا مالا يقل عن 50 ألف مصري ، وعشرة الاف خلال يوم ورمي جثثهم على باب زويلة ونهب الاموال بحسب ما ذكره المؤرخ المصري محمد بن إياس في كتابه : بدائع الزهور في وقائع الدهور” ، وحملات التهجير الجماعي والقسري في المدينة المنورة التي اشتهرت في الحجاز ب” سفر برلك”بواسطة جنود فخري باشا الذي اصبح حاكماً عسكرياً للمدينة ورحل اطفالها والشباب بالقوة عبر قطار الحجاز وتهجيرهم الى تركيا والاردن وسوريا ، وقتل ابناء بلدة عراق الكرك الاردنية وقمع انتفاضتها ضد العثمانيين ، كما حاصر العثمانيون لبنان عام 1917 خوفاً من انزال قوات الحلفاء فيه ما أدى الى وفاة عشرات الالاف من اصل 400 ألف مواطن ، بينما تقول المانيا ان الضحايا بلغوا 200 ألف في سورية ولبنان.. وواصل العثمانيون عمليات الغزو والقت للشعب الجزائري ونهبوا اراضيهم الزراعية وسلموها للفرنسيين دون مقاومة .
وفي تونس سجلت فضائع سليم الثاني والصدر الاعظم سنان باشا باغتصاب اراضي القبائل البدوية وجعلوها ملكا للعثمانيين واهملوا الخدمات وجبوا الضراب ونشروا الفقر والجهل بحسب ما وثقه المؤرخ احمد بن أبي الياف ” تاريخ العثمانيين في تونس ..
وفي ليبيا نفذ العثمانبيون مذبحة الجوازي” التي ارتكبت ضد قبيلة الجوازي في مدينة بنغازي عام 1816قتل فيها أكثر من 10 آلاف شخص ، ونهب خيرات طرابلس وفرض الضرائب وفي النهاية سلموا البلاد .. الى “بنك روما” الذي استكمل سرقة الاموال والاراضي ومهد الطريق امام الغزو ” الايطالي” بتنسيق مع السلطة المركزية في اسطنبول ، وما ان قصف الاسطول الايطالي ليبيا 1911 حتى هرب العثمانيون لتواجه القبائل الليبية المستعمر الجديد بينما طعن الاتراك الليبيين في ظهورهم بتوقيع اتفاقية الصلح في العام التالي مع روما ثم انسحبوا بالكامل من اجل إيطاليا.
وبقدر تلك المجازر التاريخية البشعة للدولة العثمانية والتورط في غزو البلاد العربية وغيرها ، إلا ان هناك بصمات مشرفة ومشرقة ساهمت في بناء الحضارة الإنسانية رغم الأخطاء القاتلة والاعمال المتوحشة والتي نأمل في الوطن العربي أن تلعب القيادات الوطنية والنُخب السياسية والمثقفين والمواطنين الاتراك الشرفاء دوراً كبيراً في الضغط على النظام التركي المتفلت الذي أصبحت تحكمه جماعة لا تؤمن بالحرية والديمقراطية والهوية والولاء والقومية التركية وانما تخضع للتنظيم العالمي للإخوان المسلمين ، بدلاً من تحرير الإرادة وتحكيم العقل والمنطق والعودة بالعلاقات المثمرة مع الوطن العربي ، بعيداً عن لغة التهديد والإرهاب ودعم المليشيات وخدمة للأمن والاستقرار وللسلام والاجيال القادمة مالم فإن النظام التركي سيسقط من الداخل كما اسقط الاخرين وان الإمبراطورية التي سقطت في عز قوتها ستنهار اليوم وهي في اضعف حالاتها ، لان الحرب ضد الإرهاب على قدم وساق ، وامريكا وإسرائيل والاتحاد الأوروبي وأموال قطر لن تدوم ، لان العالم يتغير بسرعة الصوت والامبراطوريات تغيب والدول تتفكك والأقليات تثور ودماء الشعوب تنتصر والأيام بيننا ، فهل من رجل رشيد؟