الإثنين , أبريل 21 2025
الرئيسية / اراء / طوفان الأقصى… ويقظة الوعي!

طوفان الأقصى… ويقظة الوعي!

 

خليل الهندي*
تمر الشعوب والأمم عبر تاريخها الطويل بفترات من المد والجزر، متخذة مراحل من التقدم الحضاري والعلمي وصولاً إلى أعلى المراحل الحضارية. وأحياناً انكماشاً نحو التراجع الحضاري والعلمي والثقافي… وهذا الوضع طبيعي مرت به كل الحضارات والشعوب عبر الأزمنة التاريخية .
في واقعنا العربي مررنا في زمن الاستعمار الأوروبي الحديث (استعمار ما بعد الثورة الصناعية الأوروبية ) وصولاً إلى مرحلة التفكك والتجزئة والاستقلال الوهمي بعد الحرب العالمية الثانية، وبقيت فلسطين تحت الاستعمار الصهيوني المدعوم من قوى الاستعمار العالمي وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية ولغاية الان .
أرادت قوى الاستعمار العالمي وعملاءها في المنطقة أن تفرض على الشعب الفلسطيني وعلى العرب جميعاً قناعة بأن هذا الاستعمار قدر محتوم لا مفر منه وأن ” إسرائيل ” وجدت لتبقى ولا يمكن بأي حال من الأحوال هزيمتها، لا سيما وأنها مدعومة من الامبريالية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية، ومن أراد البقاء سالماً ومحتفظاً بكرسيه ورأسه عليه أن يتودد إلى هذا الكيان ويعترف به ويتقبله ويطبع معه ويساهم بجرائمه . لا سيما وان هذا الكيان يمتلك ويصنع الاسلحه النوويه . وفي هذا الإطار سادة ثقافة في مجتمعنا العربي كرست الهزيمة بالعقل، بالوعي وبالتفكير العقلاني، على المستوى المجتمعي وفي سياسات دولنا العربية، وكان الإعلام الغربي والعربي يعزف على هذه الموجه .
ما حدث في السابع من أكتوبر 2023 كان نقطة تحول على الصعيد الفكري وعلى صعيد ثقافة الوعي، فكل الجهد الذي بذل إعلامياً وثقافياً وسياسياً على مدى عقود طويلة من الزمن انتهى فجأة، وانقلبت الموازين وتغير الإدراك بشكل كلي، وعاد الأمل ورجع الوعي إلى العقل، بعد أن كان مرهوناً في قوالب متحجرة.
ما حدث في السابع من أكتوبر أظهر ضعف هذا الكيان وقابليته للهزيمة والتفكك، وان تحرير فلسطين من بحرها إلى نهرها طرح واقعي يجب التمسك به وعدم التنازل عنه. وان الجيش الذي لا يقهر شبع قهراً واذلالاً وهزيمتاً على يد أبطال المقاومة الفلسطينية.
عندما يتحرر العقل يصبح تحرير الوطن مسألة وقت . عندها يتفكك هذا الكيان المؤقت وتعود فلسطين حره عربيه.
في السابع من أكتوبر تاريخ مجيد، استطاعت مجموعة من المقاومين الفلسطينيين هزيمة جيش الاحتلال الصهيوني وأظهرت هشاشة وضعف هذا الكيان، وضعف الجندي الصهيوني الذي يفتقر إلى إرادة القتال والتضحية.
هرع قادة دول الاستعمار القديم والحديث بجيوشهم وبوارجهم العسكرية وناقلات طائراتهم ووزراءهم بالدفاع والخارجية والخبراء العسكريين لنجدة هذا الكيان الهزيل الفاقد لارادة البقاء، وإسناده خوفاً عليه من الوقوع من أثر العاصفة. وأصبح الرئيس الأمريكي ووزير خارجيته ووزير دفاعه يحضرون جلسات اللجان العسكرية . وبهذا ظهر الوجه الحقيقي للاستعمار، وأن هذا الكيان ليس سوى معسكر متقدم في القلب العربي للاستعمار القديم والحديث.
بدأت حالة من الجنون وعدم السيطره من قبل قيادة العدو على مجريات الحرب، بدأ العدو يقصف مستعملاً الطائرات والذخائر الأمريكية لشعبنا المقاوم . سيما وقد وجد تشجيعاً ودعماً أعمى وغير مسبوق من قوى الاستعمار العالمي وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية لتسقط بذلك كل الشعارات و الأدبيات الغربية في الديمقراطيه والحريه وحقوق الانسان والقانون الدولي، وهذا السقوط ليس المرة الأولى، فقد سقط في حرب العراق وبالتحديد في سجن ابوغريب وكذلك في أفغانستان وقبلها في فيتنام واليابان ……. الخ.
في ظل تداعيات عملية طوفان الأقصى يمكننا طرح السؤال الآتي، هل وجود هذا الكيان ضروري وظيفياً للاستعمار الغربي؟
عندما تبنت بريطانيا فكرة إنشاء كيان ملاصق للاستعمار الغربي في قلب الوطن العربي، كانت هذه الفكرة واضحة الأهداف، أي منع الامه العربيه الموحده اصلاً على مدى قرون طويلة من البقاء على وحدتها، وإجهاض أي مشروع تنموي، وإبقاء العالم العربي في حالة صراع طويل مع عدو حقير . انتهت بريطانيا كقوة استعمارية بعد الحرب العالمية الثانية لتتلقف الولايات المتحدة الأمريكية هذا الكيان لخدمة مصالحها الاستعمارية في المنطقة فعلى سبيل المثال وليس الحصر، الإبقاء على تجزئة الوطن العربي، ووضع حد للتمدد الشيوعي في المنطقة خلال فترة الحرب الباردة، والحفاظ على إمدادات تدفق النفط وكذلك الحفاظ على الانظمه العميله . وهذا الكيان نجح نسبياً في بدايات إنشائه في تحقيق هذه الأهداف.
لكن هل خدم وحمى هذا الكيان مصالح الغرب الاستعماري في العقود الأربعة الأخيرة؟
الحقيقة ان هذا الكيان وبعد خمسة وسبعين عاماً على إنشاءه يبحث عن من يخدمه ويحميه، فمنذ حرب عاصفة الصحراء ذهبت الولايات المتحدة وحلفائها للدفاع عن مصالحهم مع تحيدهم للكيان الصهيوني من الاشتراك بالحرب، بالإضافة إلى أنه أصبح عبئاً اخلاقياً واقتصادياً وعسكرياً على الغرب الاستعماري . فقد كشفت ممارسات هذا الكيان عورات الغرب في الدفاع عن الأخلاق والحرية والعدالة وحقوق الإنسان والقانون الدولي ودور مؤسسات الأمم المتحدة . اذ اصبح رؤساء الدول الغربية ينافقون خدمةً لهذا الكيان، ويمارسون الازدواجية في المعايير، ويظهرون عدم اكتراثهم بحقوق الإنسان الفلسطيني والدم الفلسطيني، ولا يتحدثون إلا عن أمن الكيان وسلامة مستوطنيه . لقد أصبح فعلاً عبأً اخلاقياً على الغرب.
ورغم السياسات الغربية الرسمية المدافعة عن الكيان الصهيوني، إلا أن الشعوب الاوروبية والأمريكية خرجت في مظاهرات ضخمة رافضتاً الممارسات الصهيونية في قطاع غزة من قتل وتهجير وتطهير عرقي . ففي لندن خرجت مظاهرة بأكثر من مليون شخص، وكذلك في واشنطن.
النتيجة، فشل الكيان الصهيوني في تحقيق الأهداف التي وضعها مثل تهجير الفلسطينيين من غزة إلى سيناء المصرية، وفشل في القضاء على المقاومة في غزة، وفشل في منع قصف صواريخ المقاومة من دك ” تل ابيب ” وفشل ايضاً في تحرير رهائنه لدى المقاومة بالطرق العسكرية . وكذلك تهشمت صورة هذا الكيان أمام العالم ليظهر على حقيقته الإجرامية بعد عقود من تقمصه دور الضحية . والفشل الرئيسي ظهر في الحرب البرية والتي أظهرت ضعف الجندي الصهيوني وعدم انتمائه لهذه الأرض وعدم استعداده للتضحية .
الولايات المتحدة الأمريكية كانت تعلم بأن الصهاينة سوف يفشلون بالحرب البرية بدليل فشلهم فيها مع حزب الله في ٢٠٠٦، إلا أنها أصرت على قيادة الكيان بخوض هذه الحرب من أجل إفشال حكومة الكيان تمهيداً لإسقاط الائتلاف الحاكم والمتطرفين نظراً للخلاف الشخصي بين “بايدن” “والنتن ياهو”، وهذا الخلاف قديم يعود إلى فترة حكم أوباما ونائبه بايدن . فواشنطن تعتبر نفسها الأب الروحي للكيان الصهيوني إذ تمده بالمال والعتاد والحماية الدولية و الفيتو في مجلس الأمن، وبالمقابل تتوقع الطاعة من قبل الكيان . لكن نتنياهو متعجرف ويتعامل بفوقية مع الرؤساء الأمريكيين وهذا سبب الخلاف .
المتغير الرئيسي الذي حدث هو دخول اليمن الحرب بقيادة أنصار الله ومنع دخول سفن العدو من باب المندب، وهذا تغير رائع على ساحة الحرب . الف تحية احترام وتقدير للإخوة اليمنيين على هذا الموقف القومي والوطني والثوري.
كذلك حرب الاستنزاف التي يخوضها حزب الله في الجنوب اللبناني مع العدو الصهيوني، وإشغاله نسبة كبيرة من جيش العدو، وتهجير المستوطنين من شمال فلسطين المحتلة.
وظهرت وحدة الساحات من خلال المقاومة العراقية التي تقصف القواعد الأمريكية في العراق وسوريا، فألف تحية لهم ولمواقفهم الوطنية.
ظهرت مؤشرات النصر في فشل الكيان بتحقيق أهدافه، وكذلك في انسحاب قوات جولاني الصهيونيه من القطاع بعد خسارتها 30٪؜ من قواتها وعتادها في الحرب البرية.
الحرب ستتوقف مع استمرار ضربات المقاومة والخسائر المتلاحقة والمكلفة للعدو، وسوف تنتصر فلسطين . والحرب سجال . نعم لدينا شهداء وجرحى بالآلاف، لكن لا تحرير بدون ضحايا وشهداء . الجرح عميق والعدو بذيًء ومجرم ويفتقر لأبسط الأخلاقيات الإنسانية.
الرحمة للشهداء، والشفاء العاجل للجرحى، والنصر حتمي وقادم.
*كاتب فلسطيني

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

تأثير الضربات الأمريكية في تغذية الانقسام الداخلي!

د.علي أحمد الديلمي* لطالما لعب الهاشميون دورًا بارزًا في الحياة السياسية والاجتماعية في اليمن حيث …