د. محمد المعموري*
جاء رفض المقاومة الفلسطينية للوساطة المصرية القطرية حول وقف إطلاق النار في غزة أستند “وحسب قراءة الأحداث” لسببين الأول كونها مشروطة بتسليم جميع الأسرى والثاني لأنها لا تنتهي الحرب على غزة، وهنا يجب ألا لا نركن إلى العاطفة دون أن نحلل لماذا يوافق الكيان المحتل على هدنة عمياء كهذه، وما الغرض منها، بكل صراحة نقول إن نتنياهو ومن يدور في فلكهم قد أدركوا أن غزة عصية عليهم وان جيوشهم تتكبد أشد وأقسى الخسائر دون تحقيق هدفهم رغم استخدامهم لآلتهم الحربية بكامل عدتها وعددها ناهيك عن الدعم الأمريكي لهم، هذا من جهة ومن جهة أخرى الضغط الجماهيري داخل تل أبيب بعد ان ادركت الجماهير هناك فشل نتنياهو من تحقيق أهدافه، لذا، فإن هدنة كهذه ستحقق لهم هدفين الأول وهو المهم أن يتسلم الكيان المحتل جميع الرهائن وهذا يعني على الأقل تخفيف الضغط الجماهيري على حكومة الاحتلال، اما الامر الآخر فهو اخذ استراحة المقاتل واعادة ترتيب الاوراق وبناء خطة عسكرية وفق ما واجهه جيش الاحتلال من مواجهة شرسة من قبل المقاومة الفلسطينية في ميدان المعركة.
إن هدنة كهذه سوف لن تكون ذات جدوى لأننا نعلم أن المقاومة الفلسطينية باستمرارها بهذا النهج تمسك بمبادرة إنهاء واستمرار الحرب وكذلك أثبتت قدرتها على تأجيج الرأي العام في تل أبيب وفي أمريكا والغرب، وان هذه الهدنة ستعطي نفسا لنتنياهو وتبريرات قد تخلق له الأعذار عن إخفاقه في تحقيق أهدافه.
نحن نعلم كمْ يعاني الشعب الفلسطيني وخاصة في غزة من قلة المؤن إلى مواجهة أبشع أنواع القصف والقتل الجماعي، وان هذا الموقف يجعل عواطفنا تتدحرج نحو الهدنة دون أن نحسب حسابا ما بعدها فإن هدف الكيان المحتل هو القضاء على الشعب الفلسطيني في غزة وهذا الأمل يدفعه للموافقة على المبادرة المصرية القطرية ولكن بعد استلام أسراهم.
وبما أن هناك مفوضات وضغوط شعبية على حكومة الاحتلال وتبريرات وخيبة أمل في أمريكا والغرب فإن أهمم ما يجب أن يكون في هذه المرحلة هو إنهاء الحرب على غزة وإخلاء شمال غزة من جيش الاحتلال وانسحابهم إلى ما قبل 7/10/2023 هذا ما هو مطلوب من الكيان المحتل الموافقة عليه أما ما مطلوب من الجامعة العربية فعليها الدعوة لعقد اجتماع طارئ لزعماء الوطن العربي والإسلامي في قمة مشتركة لوضع صندوق لإعادة إعمار غزة وقبل هذا تجهيز أبناء غزة بمساكن مؤقتة “كرفانات” ليتم إيواؤهم بها لحين إتمام إعادة إعمار مدينتهم وإزالة آثار الدمار التي تعرضت لها اثناء حرب الكرامة ضد الكيان الغاشم.
الكيان المحتل لا يعترف بلغة السلام ولا يلزم باي اتفاق وان هدفه هو إنهاء الشعب الفلسطيني وكما قال رابين عام ١٩٩٢ “أتمنى أن أستيقظ يوما من النوم فأرى غزة وقد ابتلعها البحر)، وهذا الحلم سيبقى يراود كل من جاء بعد رابين وإلى أن تتحرر فلسطين، أن شعبا كشعب فلسطين اثبت للعالم أنه شعب لا يموت وان دمائه سخية في سبيله واي تضحية من قبلهم هي تجديد لهذا الشعب الذي سطر ويسطر أروع الملاحم ليكون حقيقة هو شعب التضحية والفداء وهو الشعب الذي يفضل الموت على أن يترك أرضه للغزاة.
نعم تقصير العرب والمسلمين اتجاه شعب غزة في حرب ٧ أكتوبر كانت جلية إلا أننا نأمل أن يكون اليوم الذي يليها يوم مناصرة واحتواء لهذا الشعب البطل وهو واجب علينا إتمامه على الأقل نمحو من ذاكرة التاريخ شيئا من الخذلان الذي التصق بنا أمام هذا الشعب العظيم.
كانت قيادة المقاومة في غزة محقة في رفضها للهدنة لأنها تدرك أن الهدنة هي سبيل للانقضاض غلى شعب غزة والمعروف الكيان المحتلة قد ضمن صمت بعض قادة العرب وتأييد ومساندة أمريكا والغرب لكل جرائمه التي يرتكبها وسيرتكبها ضد الشعب الفلسطيني.
ستحرر فلسطين بإذن الله وبهمة أبنائها من النهر إلى البحر عاجلا غير أجل بإذن الله وسيكون نهر الدم الفلسطيني خالدا إلى أن يرث الله الأرض وما عليها وسيبقى ٧ أكتوبر هو يوم النصر الفلسطيني على الكيان المحتل.
*كاتب وباحث عراقي