الجمعة , نوفمبر 22 2024
الرئيسية / اراء / أكاذيب بايدن!

أكاذيب بايدن!

اسيا العتروس*
لو كان بالإمكان اخضاع الرئيس الامريكي لجهاز كشف الكذب لامكن كشف ما يضمره من وراء تصريحاته الاخيرة بشأن العدوان الاسرائيلي الهمجي على غزة …اذ وبعد مائة و خمس وعشرون يوما من الابادة الجماعية و الدمار و الخراب بدعم و تمويل من الغرب وتحديدا امريكا و بعد اصرار الرئيس بايدن بدل المرة مرات على حق اسرائيل في الدفاع عن النفس بكل الطرق المتاحة وبعد انتقاله الى تل ابيب للإعلان “انه لو لم توجد اسرائيل لا وجدها” خرج امس معلنا ان الرد الاسرائيلي تجاوز كل الحدود وانه حاول اقناع الرئيس المصري السيسي بفتح معبر رفح لإدخال المساعدات … تصريحات بايدن التي تأتي على وقع حصيلة غير مسبوقة من جرائم الحرب في غزة لا يمكن باي حال من الاحوال ان تؤخذ مأخذ الجد لعدة اعتبارات.
وأكثر من سبب من شانه ان يجعل تصريحات الرئيس الامريكي جو بايدن بشان العدوان الاسرائيلي على غزة مجرد كلمات لا معنى لها ولا ترقى الى الموقف الذي يتعين على الدولة الاقوى في العالم و الحليف الاكبر لإسرائيل اتخاذه لإيقاف العدوان الذي يوشك ان يزيل غزة من الخارطة.
طبعا هذا الكلام ليس مرتبط بما طغى على الرئيس الامريكي في الفترة الاخيرة من فقدان للتركيز وغياب الذاكرة في اكثر من مناسبة امام الكاميرا , ولا ايضا بما ورد في تقرير المدّعي الخاص المكلّف التحقيق في طريقة تعامل الرئيس جو بايدن مع وثائق سريّة، بعدم ملاحقته بسبب التقدم في السن و ضعف ذاكرته و هي جميعها يمكن ان تتنزل في اطار الحرب الانتخابية الداخلية المسعورة المرتبطة بسباق البيت الابيض بين بايدن و خصمه الجمهوري ترامب وكلاهما وجب التأكيد على انهما وجهان لعملة واحدة عندما يتعلق الامر بتبني السردية الاسرائيلية ودعم جرائم الاحتلال والتفاني في تقديم المساعدات العسكرية للحكومات الاسرائيلية المتعاقبة مقابل الاستهانة بحق الشعب الفلسطيني في الكرامة و الحرية و النضال ضد الاحتلال و الاستخفاف بقيمة حياة الانسان الفلسطيني و الدم الفلسطيني ..
ولو اننا حاولنا رصد تصريحات ترامب و بايدن في هذا الشأن لامكن وضع موسوعة في الغرض و الاكيد انه في زمن التكنولوجيا الحديثة سيكون بالامكان استحضار هذه التصريحات قولا وما تلاها فعلا على ارض الواقع بما لا يدع مجالا للشك بأن الدور الامريكي في هذه الحرب يتجاوز مرحلة التواطؤ الى الشراكة في ارتكاب المجازر التي تحمل توقيع الة الحرب الامريكية من صواريخ و اسلحة محرمة دولية و قنابل فوسفورية …
ولاشك ان الحديث ايضا عن خلافات بين واشنطن و تل ابيب بسبب رفض حكومة ناتنياهو قبول التهدئة و ايقاف الحرب و مها كان حجم هذا الخلاف فانه ليس اكثر من تسويق اعلامي بأن الادارة الامريكية بدأت تراجع موقفها من الحرب لان الحقيقة ان الامر لا يتعلق بمراجعة هذا الموقف و لا ايضا بالضغط لإيقاف الحرب فصفقات السلاح لا تزال قادمة الى اسرائيل وما سبقها من تصريحات المسؤولين الامريكي لم يكن دعوة لإيقاف القصف بل دعوة لانتقاء الاهداف و محاولة تجنب المدنيين قدر الامكان وهي ايضا دعوة تتنزل في اطار الاستخفاف بالعقول لانه لا يمكن و الحال على ما هو عليه من خراب ودمار وفناء في غزة تجنيب المدنيين ويلات القصف.. وقد تابع العالم فصولا يومية من العدوان استهدفت البيوت و المدارس و لمساجد والكنائس والمستشفيات وسيارات الاسعاف وحولت جيلا بأكمله من الشباب و الاطفال جيل الاطراف المبتورة ..
الحديث ايضا عن عقد نتنياهو وبلينكن مؤتمرين صحفيين منفصلين خلال زيارته الاخيرة الى المنطقة لا يعني باي حال من الاحوال ان الخلافات بلغت نقطة اللاعودة وأن الادارة الامريكية انتبهت اخيرا الى خطورة المرحلة و الى ضرورة ايقاف الحرب والاعتراف بالحق الفلسطيني في البقاء.
تصريحات بايدن الاخيرة بان الرد الاسرائيلي تجاوز الحد و ان هناك الكثير من الابرياء يموتون لا يمكن اعتباره نقطة تحول حاسمة في الموقف الامريكي …و هي مراوغة سياسية فاشلة ولا يمكن ان تلغي ما سبق من المواقف الامريكية المفضوحة في دعمها الاعمى للاحتلال.
ندرك جيدا ان الوقت ينفد امام الرئيس الامريكي الذي يأمل في الفوز في الانتخابات القادمة و نسف طموحات غريمه ترامب الذي بدأ يتقدم في السباق التمهيدي للبيت الابيض …يدرك بايدن جيدا ان ما قدمه فريق دفاع جنوب افريقيا امام العدل الدولية لا يوجه اصابع الاتهام لاسرائيل وحدها ولكن ايضا لشركائها في جرائم الابادة الموثقة ويدرك ايضا ان الراي العام الامريكي والدولي استشعر مخاطر و تداعيات الاستمرار في نفي وانكار حق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن النفس واستشعر ايضا انعكاسات الانتصار للجلاد و تحميل الضحية مسؤولية ما يجري من ظلم امتد طوال عقود …
لا خيار أمام الرئيس بايدن ان كان معني بمصداقيته و مكانته في سجل التاريخ او يريد فعلا الرد على التقارير الطبية بالزهايمر السياسي سوى اسقاط الفيتو الذي يلوح به في مجلس الامن لمنع قرار ايقاف الحرب و ايقاف مد اسرائيل بكل انواع السلاح والتعجيل بالاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة و حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير.. وعدا ذلك فكل تصريحات بايدن و معه وزير خارجيته بلينكن مجرد مسكنات ومهدئات لتخدير العقول و تحويل الانظار عن حقيقة الاحتلال الاسرائيلي الصهيوني الذي ترتقي جرائمه الى جرائم النازيين… والاكيد ان الفلسطينيين لديهم من الفطنة ما يؤهلهم للتمييز بين كذب السياسيين او صدقهم… وحتى هذه المرحلة فان بايدن و جماعته لا يحتاجون حتى لاخضاعهم الى اجهزة كشف الكذب لقراءة ابعاد و اهداف هذه التصريحات.
*كاتبة تونسية

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

كشف المستور في كتاب الحرب المنشور!

محمد عزت الشريف* لم يكن طوفان الأقصى محضَ صَولةٍ جهادية على طريق تحرير الأقصى وكامل …