الإثنين , مايو 13 2024
الرئيسية / أخبار / التصعيد يدفع ثمنه الفلسطينيون

التصعيد يدفع ثمنه الفلسطينيون

 

بقلم/ فيصل مكرم:

لا ترغب الولايات المتحدة الأمريكية ولا تريد تصعيدًا في منطقة الشرق الأوسط خاصة في هذا التوقيت الذي يقترب شيئًا فشيئًا من الاستحقاق الانتخابي بكل ما يحمله من حسابات ذات صلة باتجاهات الناخبين الأمريكيين ومزاجهم الانتخابي حيث يعارض الأغلبية من الأمريكيين تورط بلادهم في أي حروب خارجية أو صراعات إقليمية على غرار ما فعلته في فيتنام وأفغانستان والصومال والعراق والتي أثقلت كاهل دافع الضرائب الأمريكي وسقوط عشرات الآلاف من الجنود، ولم تسفر تلك التدخلات عن انتصارات حقيقية بقدر ما جرّت واشنطن إلى دائرة الاتهامات بارتكاب مخالفات للقانون الدولي ومواثيق حقوق الإنسان وارتكاب مغامرات غير محسوبة سلفًا، ويبدو أن واشنطن ربما نجحت في امتصاص تبعات وعواقب الردود العسكرية المتبادلة والمباشرة بين إيران وإسرائيل بعد الرد الإيراني بالطائرات المسيرة والصواريخ بعيدة المدى على إسرائيل التي كانت وجهت ضربة جوية لمقر القنصلية الإيرانية في دمشق وقتلت عددًا من القادة الإيرانيين بداخلها وليأتي لاحقًا الرد الإسرائيلي على الرد الإيراني الذي تعهد به نتنياهو، وفي المقابل قالت طهران بأن الضربات الإسرائيلية على مواقع في أصفهان لم تسفر عن نتائج تستدعي ردًا إيرانيًا، وبالتالي توجّب على واشنطن التدخل لمنع اندلاع حرب إقليمية نتيجة التصعيد بين تل أبيب وطهران وضبط الطموح الإسرائيلي باستعادة قوة الردع الذي كانت فقدت بريقه في السابع من أكتوبر الماضي ودفع بحكومة نتنياهو العنصرية إلى ارتكاب مجازر ومذابح جماعية بحق أطفال ونساء وسكان قطاع غزة الذي أصبح مدمرًا تمامًا نتيجة العدوان الانتقامي البربري للجيش الصهيوني، وفي المقابل تحاول واشنطن مع حلفاء إسرائيل الغربيين كبح طهران من محاولة الحصول على ما تطمح إليه في معادلة الردع الموازية لإسرائيل ومنافستها في النفوذ بهذه المنطقة خاصة وأن الولايات المتحدة وحلفاءها تصدوا لمسيّرات وصواريخ إيران قبل أن تتصدى منظومة القبة الحديدية لما تبقى منها في أجواء الأراضي المحتلة، كما أن معادلة حروب الظل تبقى خاضعة لمعايير مختلفة قد لا تصب في مصلحة أي طرف في منطقة تشتعل فيها الحرائق والصراعات، ولكن المؤسف حقًا أن تأتي التهديدات والردود العسكرية المتبادلة وحالة التصعيد بين إيران وإسرائيل على حساب القضية الفلسطينية ومعاناة نحو مليونين ونصف المليون من سكان غزة بحيث تشكل غطاءً لما ترتكبه حكومة الحرب من عدوان وجرائم بحق الفلسطينيين في قطاع غزة خاصة بعد هجوم المسيرات والصواريخ الإيرانية على إسرائيل الذي وجد فيه نتنياهو متنفسًا له من الضغوط الأمريكية والغربية لوقف الحرب وإنهاء الحصار وفتح المعابر لدخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع ووقف أي عملية عسكرية لاجتياح مدينة رفح والتفاوض على تبادل إطلاق الأسرى مع كتائب المقاومة الفلسطينية.

التصعيد الذي نجح نتنياهو في إحداثه مع إيران لتحقيق مكاسب سياسية على الصعيدين الداخلي والخارجي لا يزال بالنسبة له نجاحًا مرحليًا ومحدودًا لجهة استعادة قوة وهيبة الردع لإسرائيل وجر واشنطن والغرب إلى مواجهة مع طهران حيث لن يسمح الرئيس جو بايدن بحدوث حرب إقليمية تجره إسرائيل إلى أتونها في مثل هذا التوقيت والتي إن حدثت سوف يكون لها تبعات في غير صالح بايدن والديمقراطيين في الانتخابات المقبلة نهاية العام الجاري وتحقيق طموحات نتنياهو مع حلفائه المتطرفين في حكومة الحرب، وبالتالي تمكنت واشنطن عبر وسطاء من إقناع طهران بالتوقف عن تبادل الردود العسكرية مع تل أبيب وخفض التوتر والعودة إلى قواعد الاشتباك السابقة خاصة وأن واشنطن التي ساهمت في التصدي لمسيّرات إيران وصواريخها أبلغت نتنياهو بأنها لن تتدخل في حرب مباشرة بين الجانبين ولكنها ملزمة بالدفاع عن إسرائيل في كل الأحوال، ولعل الولايات المتحدة قدمت ترضية لنتنياهو باستخدامها حق الفيتو في مجلس الأمن الخميس الماضي لمنع تمرير مشروع قرار تقدمت به الجزائر بمنح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة والاعتراف بالدولة الفلسطينية وفقًا للقرارات الأممية والشرعية الدولية والحقائق التاريخية والجغرافية بهذا الشأن .

صحفي وكاتب يمني

@fmukaram

fmukaram@gmail.com

عن اليمن الحر

شاهد أيضاً

تحليل ..لماذا تجاهل تقرير الخارجية الأمريكية لحقوق الإنسان ما يحدث لأهل غزة من إبادة جماعية؟!

  أمين بوشعيب* يوم الاثنين 22 أبريل 2024، أصدرت وزارة الخارجية الأميركية، التقرير السنوي لحقوق …