حسن الوريث
ونحن نُحيي الذكرى التاسعة لصمودنا الوطنيّ في السادس والعشرين من مارس عامنا الحالي ٢٠٢٤ م، نستطيع أن نقرأ اختلاف المشهد اليمني عما كان عليه في ذات التاريخ من العام 2015م، إذ ما كان ضرباً من الخيال في الساعات الأولى من العدوان على اليمن أصبح حقيقة يقرّ بها العدوّ قبل الحليف والصديق.
تسعة أعوام من العدوان على اليمن لم تكن قادرة على تغيير الوضع السياسي والعسكري في صنعاء، بل أن المشهد لدى دول العدوان وأدواته المحلية يحكي لنا ضعف وتوهان فاقا الوصف، ولغة الأرقام بكل تفاصيلها تكشف أن وصف الخسارة والهزيمة التي يعيشها العدو ليست سوى غيض من فيض الحقيقة والواقع، لكن المراوغة المفضوحة التي تجيدها ما تُسمّى بدول “التحالف” ومن ورائهم داعميهم من حلف ” الصهيونية الأمريكية” خلال المرحلة الأخيرة ,سعت إلى التغطية على خسارتهم الكبيرة في اليمن.
هذا الواقع بكل تفاصيله وإن بدا واضحا اليوم ونحن على مشارف العام العاشر، إلا أنه لم يكن كذلك مع بداية العدوان ، وفي تفاصيل المشهد اليمني اليوم، هناك العديد من التجليات التي لن يكتمل فهمها وإدراكها دون العودة إلى المشهد في السابق.
ومما لاشك فيه أن الوعي والمسؤولية، اللذان تحلّت بهما السلطة القضائية وأجهزتها وهيئاتها ومنتسبوها جسد أحد عوامل الصمود والثبات خلال سنوات العدوان الأمريكي- السعودي- الإماراتي، من خلال الإنجازات المحققة على المستويين القضائي والإداري.
فبالرغم من الاستهداف المباشر والممنهج لتحالف العدوان للسلطة القضائية لتعطيل دورها في تحقيق العدالة لطالبيها إلا أن مجلس القضاء الأعلى وبقية أجهزة وهيئات السلطة القضائية بما تملكه من إمكانيات متاحة بشرية وفنية ومالية استمرت في انتظام العمل القضائي وتقديم خدمة العدالة دون انتظار التأجيل حتى توفير بعض احتياجات ومتطلبات العمل.
وتكلّلت الجهود القضائية في إنجاز العديد من المهام القضائية والإدارية، وإجراء إصلاحات تشريعية لكل ما يعيق إجراءات التقاضي، والتغلب على بعض القصور والثغرات الناتجة عن بعض الأخطاء المتراكمة من السابق، أو ما ألحقه العدوان من أضرار في البنية التحتية للقضاء، وإصراره على إعاقة تقديم خدمة العدالة للمواطن.
وبالتأكيد فقد تحمّل منتسبو السلطة القضائية (قضاة محاكم وأعضاء نيابات عامة وموظفون إداريون في مختلف الهيئات القضائية) مسؤولية أداء خدمة رسالة القضاء بكل تجرد وحياد ونزاهة.
وأثمرت جهود السلطة القضائية خلال تسع سنوات من الصمود، في تحقيق خطوات جبّارة في مسارين متوازيين الأول تمثل في تحريك الراكد من الملفات القضائية والبت في الجديد منها، فيما تمثل الثاني في ترتيب البيت القضائي من الداخل وتطوير أدائه المالي والإداري.
وتوّجت جهود السلطة القضائية بالعديد من الإنجازات، منها إنشاء قاعدة بيانات شاملة، مثّلت نقلة نوعية في العمل الإداري من خلال تأسيس قاعدة بيانات تستوعب كافة موظفي السلطة القضائية بمختلف أجهزتها وهيئاتها ومنتسبيها.
اليوم نتحدث هنا ليس عن صمود في مواجهة أعتى عدوان في العصر الحديث تعرضت له بلادنا الحبيبة اليمن ولكن نفتخر بإنجازات عظيمة أكدت شموخ الشعب اليمني بكافة فئاته وجسد تلاحم الشعب مع قيادته الحكيمة التي مثلت دافعاً قوياً لهذا الصمود وهذه الانجازات والنجاحات التي تعزز ثقة المواطن بالقضاء الذي واجه تحدّيات جمة في ظل استمرار العدوان والحصار ومحاولة دول العدوان الحثيثة لتعطيل مهام السلطة القضائية واستقلاليتها، إدراكاً منها بأهمية القضاء ودوره في البت بقضايا المواطنين، ليتفرغ الجميع لبناء الدولة اليمنية الحديثة، ومواجهة قوى العدوان، وإفشال مخططاتها.
وبالتأكيد أن مظاهر صمود السلطة القضائية متعددة ويكفي هنا الإشارة إلى أن القضاء كمؤسسة حاكمة صمدت وثبتت بإرادة رجالها المخلصين وجهودهم المتميزة والكبيرة في الميدان وأداء عملهم في إقامة العدل وضمان حقوق الناس والتصدي لجرائم العدوان بحق الشعب والوطن رغم المحاولات الحثيثة لدول العدوان لزعزعة مؤسسة القضاء وإعاقة إيصال خدمة العدالة للمجتمع والمواطنين وتمثل المؤسسة القضائية عنوانا للصمود والانتصار الوطني .