بروفيسور. هادي شلوف*
عندما طلبت السلطة الفلسطينية انضمامها الي المحكمة الجنائية الدولية كان الاعتقاد السائد آنذاك لدي لوزير العدل الفلسطيني الذي التقيت به بمبني المحكمة حيث كنت آنذاك مكلف بقضية دارفور السودان من المحكمة نفسها ، و لقد كان الترحيب كبير من الكثير من المنظمات الحقوقية بان تكون فلسطين جزء من المحكمة بالرغم من انني كنت اشك في ان المدعي العام للمحكمة يمكنه ان يحرك اية شكوي من الشكاوي التي وضعها وزير العدل الفلسطيني امام المدعية العامة آنذاك السيدة بن سودا فاتو التي هي الأخرى التي أوضحت لي بمؤتمر بالبرلمان الألماني بالخصوص .
للأسف الكبير السيدة فاتوا بن سودا المدعية العامة انداك فتحت التحقيق و لم تستمر في اتخاد الإجراءات الحقيقية وفقا للقواعد المتبعة في الاتهام ، ولم تحيل القضايا امام الغرفة التمهيدية بحجة ان إسرائيل ليست طرف بالقضية و ان القضية لم تحال من مجلس الامن الدولي علي غرار قضية دارفور و قضية ليبيا اللتان احيلتا الي المحكمة بقرار من مجلس الامن الدولي .
الجانب الفلسطيني حاول في العديد من المرات المناورة باشراك الأردن او جيبوتي الا انهم لم يرحبوا بمحاولة الجانب الفلسطيني بحجة الخوف من الرد الإسرائيلي الأمريكي الي ان تم انهاء خدمات السيدة المدعية العامة فاتوا و تم انتخاب مدعي جديد للمحكمة السيد خان كريم الذي كان محاميا ببريطانيا و علي علاقة جيدة بي و اعرفه جيدا و التقيت به العديد من المرات و خصوصا في تأسيس نقابة المحاماة الدولية للمحكمة الجنائية الدولية ببرلين.
لقد كان موضوع تقرير القاضي جولد ستون بخصوص الجريم التي ارتكبت في جنيين و أيضا الجرائم التي ارتكبت في غزة للعديد من المرات مند عام 2018 وحثي 2023 و 2024 موضوع مهم للاتهام و لكن في الواقع لم يحظي كل ذلك في واقع الامر بدراسة كافية من قبل مكتب المدعي العام للمحكمة بل كان هناك تعمد بالإهمال من قبل المدعي العام السيدة فاتو و أيضا السيد كريم كان .السيد كريم كان لا يستطيع ان يحرك ساكن خشية غضب إسرائيل و أمريكا و بريطانيا و بالرغم من ان قواعد نظام روما الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية و قواعد الإجراءات الخاصة بالمحكمة تعطي له كل الصلاحية بحيث ان يقوم بإحالة الملفات الخاصة بفلسطين الي الدائرة التمهيدية و للعلم بان الدائرة التمهيدية هي سلطة اتهام أي قضاة تحقيق و ليس محكمة حكم و ليس هناك خوف علي مستقبل المدعي العام السيد كريم كان الا انه لا يرغب في المواجهة الإجرائية و فقا لقواعد القانون الاجرائي للمحكمة خوفا من الغضب الإسرائيلي الأمريكي.
اليوم و بكل تأكيد اتضح جليا لدي الفلسطينيين و كل انصار العدالة الجنائية الدولية ان المحكمة خرجت عن هدفها الأساسي وهو بان تكون محكمة جنائية دولية لمحاكمة كل من ينتهك حقوق الانسان وعدم الإفلات من العقاب لكل مجرمي الحروب و ومجرمي الإبادة الجماعية و مجرمي الجرائم ضد الإنسانية وجرائم العدوان.
عدم الإفلات من العقاب لم يعد موضوعا أساسيا للمحكمة الجنائية الدولية و لربما هو انعتاق للفلسطينيين الذين هم يعتقدون بان المحكمة الجنائية الدولية والقضاء الجنائي الدولي ملجأ لهم بل ان المحكمة قد تتجه لمحاكمة الفلسطينيين عن 7 أكتوبر 2023 .
اعتقد ان تطرف المحكمة في عدم اتخاد إجراءات قانونية وفقا لنظام لروما قد يكون انعتاق لفلسطيين.
*أستاذ القانون الجنائي الدولي
والمكلف سابقا من المحكمة الجنائية الدولية بقضية دارفور السودان
شاهد أيضاً
كشف المستور في كتاب الحرب المنشور!
محمد عزت الشريف* لم يكن طوفان الأقصى محضَ صَولةٍ جهادية على طريق تحرير الأقصى وكامل …