الأربعاء , ديسمبر 4 2024
الرئيسية / اراء / اليمن .. تاريخ من العنصرية والفوضى

اليمن .. تاريخ من العنصرية والفوضى

 

بقلم/ احمد الشاوش –
من المفارقات العجيبة في تاريخ اليمن السياسي وتحولاته المرعبة ، ان شاهد الحال يؤكد ان الصراع على السلطة حالة من الجنون ، وان استراتيجية تغييب العقلاء والحكماء والعلماء والثمقفين والنُقاد ليس وليد اللحظة وانما سيناريو متوارث منذ مئات السنين ، وان صناعة وتعبئة العقول بالثقافات العقيمة ومخلفات الجهل هو ديدن تجار السلطة في الجاهلية والاسلام .

والتاريخ السياسي في اليمن يحكي لنا قصص عجيبة للنزاعات على السلطة بين الملوك والائمة والقادة ورؤساء اليمن حتى اللحظة ، كالصراع بين سبأ وحمير وبني زياد وبني نجاح والصيلحيين وبني رسول والطاهريين والائمة والجمهوريين والملكيين.

امام ينطح امام ، ورئيس ينقلب على آخر .. امام يدعي الخلافة في صنعاء بعد ان يغدق الاموال على مشائخ حاشد وبكيل ، وآخر يستعين بالفرس والبعض يحرر اليمن من الاتراك وآخر يستميل طوق صنعاء بدراهم معدودة ومواطن قابل للمظاهرات والتخييم والقتال بتخزينة ونصف حبه دجاج وقائد يفر قبل الاطاحة به وفقاً لمقولة ياروح مابعدك روح ، بعد ان يعجن صنعاء وضواحيها ويسفك دماء الابرياء.

لذلك في اليمن فقط يصبح ، المتمرد رئيساً للجمهورية والمراوغ رئيساً للوزراءوالبرمن رئيساً للبرلمان والمتقاعد رئيساً للشورى والمثقف انتهازي والعالم دجال ووالوجاهات والنياشين مجرد لعبة اتاري لدى الدول الاقلية والدولية.

وفي اليمن يصبح العسكري بليدٌ للاذى فطنٌ ، كما قال الشاعر محمد محمود الزبيري ، والسجان طاغية والطاغية اله ، وضابط البحث جلاد ، ورئيس المخابرات ملك موت ، ووزير العدل محلل ، والنائب العام مخرج ، ووزير الاوقاف مؤجر ، ووزير الثقافة مهرج ووزير الاعلام ظاهرة صوتية ، ووزير الاقتصاد عاجز والتاجر سفاح ، والكل يتشدق بالوطنية والقومية والاسلام والاخلاق والدستور والقانون وهم براء من ذلك ، إلا من رحم الله.

في العالم أكتشفنا ان السعادة انعكاس لدولة القانون والرخاء والاستقرار ، لكننا اكتشفنا ان السعادة في اليمن مجرد مقلب او كاميرا خفية تم توثيقها لحظة خدارة قات عابرة ، وان الطبقية حقيقة وأن “الطبقة المتوسطة” سقطت بعد ان تجردنا من الضمير وغاب العدل وانعدمت المساواة وغابت الحرية وعبث الجميع بالقيم الفاضلة والديمقراطية وتآمر وتخندق الكثير ضد الدولة والبيت اليمني الآمن ، فنزل العقاب وتقطعت السبل وحل الرعب والجهل والمرض وتحولت الدولة الى ركام واطلال .

والغريب ان الدولة اليمنية الحديثة وتجارها في صنعاء ومارب وعدن وحضرموت والحديدة وإب وشبوة وتعز، أصبحت عالة على المواطن اليمني ، تمتص دمه وماله ، كما يمتص بعوض الملاريا القاتل ضحاياه بصورة ممنهجة، لاسيما بعد ان قَطعت “دولة” الدكاكاين والفنادق والبدرومات الخدمات الضرورية عن المواطن وأصبحت بنوك الدولة وخزناتها خاوية ، بينما البدرومات والشوايل مكدسة بالاموال وتنفقها مراكز القوى في المشاريع التجارية والعقارات والمؤسسات وعلى الكوادر المبندقة ، تحت يافطة العدوان ، والشرعية وتحرير صنعاء ، بينما موظفي المؤسسة المدنية والعسكرية يبحثون عن لقمة العيش بعد ان تم التآمر والتواطؤ بين القوى المتحاربة والامم المتحدة وصندوق النقد الدولي بنقل البنك المركزي الى عدن وأيقاف او سرقة مرتبات الموظفين ، واكليشة اتفاق الحديدة ، لتتسع دائرة الفقر والفوضى والحقد والكراهية .

عنصرية اليمن :

في اليمن مع الاسف الشديد تُمارس العنصرية والكراهية والتفرقة مع سبق الاصرار والترصد ، فتسمع كلمات ساقطة وعفنة من مطابخ تجار الحروب والازمات ، على لسان بعض المواطنين والقادة والمثقفين والحزبيين واعشار العلماء ، تحت عنوان ، يمن اعلى ، ويمن أسفل ، وعزك الله هو إلا من تعز ، ولاتصدق لاصحاب صنعاء وهذا من تهامة ، وذاك من إب وهذا من الجحميلية وذينك من صعدة ، وخادم ، وزيدي وشافعي وسني وشيعي وداعشي وقاعدة وغيرها من الالفاظ المسمومة التي تصدع النسيج الاجتماعي في غياب القانون الرادع.

والغريب في الامر ان النُخب اليمنية والسواد الاعظم من اليمنيين يمقت العنصرية الامريكية ، البريطانية والروسية والفرنسية ،، بينما يُمارسها على مدار الساعة البعض منا واقلهم حياء من وراء الكواليس ، حتى الزواج من انسان أو انسانه في نظر الاعراف والتقاليد وثقافة التمييز ممنوع ويكا ان يكون محر.

ويتواصل مسلسل القبح والفجور والتفرقة والتجزئة بتسويق لعنات دحباش ، وأبو الريش ، وعدن للعدنيين ودولة حضرمية وحراك تهامي وامهري ونخبة شبوانية ، وقبيلي و بدوي ومزين وجزار ومقهوي وحجام وخباز ، حتى صار المجتمع قابل للانفجار.

البيت الهاشمي:

والغريب في الامر ، حتى البيت الهاشمي الواحد ، لم يسلم من العواصف والزوابع ولم يسلم من لعنة الاسرية والسلالية ، حتى صاروا أفخاذاً وبطوناً رغم ان الحسن والحسين ريحانتي رسول الله ” ص “، فذلك حسني وذلك حسيني ، وذلك قرشي وذاك فارسي ، فلابيت المتوكل راضين عن بين الشامي ولاالشامي راضي عن بيت المؤيد ولا الكبسي راضي عن بيت حميد الدين ولا ابوطالب راضي عن بيت شرف الدين ولاشرف الدين راضي عن الجميع ، وما قصة الكبسي الذي ذهب الى بيت الامام بالروضة في صنعاء وبلغ ولم يجاوبه الامام فدق الباب بقوة ، ورد عليه الامام من في الباب جني أو انسي ، قال ” كبسي” قال الامام ، أشد والعن إلا مثال للخلاف ، والواقع اليوم يقول ان بعض الهاشميين درسوا في امريكا وبريطانيا والمانيا ومصر والسعودية والاردن وتنوعت ثقافتهم ومعارفهم وصاروا رجال دولة ورؤوس اموال وأصبح الماضي مجرد حبر في نظرهم فيأملون في السلام والاستقرار.

وفي اليمن السعيد ، تتم التعيينات بحسب القرابة والنسب والولاء والقبيلة ، وتوزع الرتب العسكرية مجاناً وبأمكان شيخ ان يحصل على 100 رتبة عسكرية مجاناً وقرارات وكيل ومديرعام وتوظيف بعض المقربين ، وفي نفس الوقت يصعد الكثير من العسكريين بالمؤهلات العالية والخبرات والنظام والقانون ، والبعض بالرشوة والمحسوبية ، وآخرين بجلسات الانسن .. وكانت فترت الثمانينات هي أفضل سنوات الادارة والانضباط والتوظيف ، وان حصلت بعض التجاوزات فهي لاتذكر بينما اليوم من اعلى السلطة وحتى أخمص قدميها في صنعاء لون وااااااحد لايمكن ان يُدير دولة ، بينما زنابيل الشرعية تحمل نفس المرض ، عبر اغراق الدولة بالوزراء والقادة ودبلوماسية النسب والمصاهرة والقبيلة والمصالح بشكل أقل ولكن تحت يافطة الجمهورية التي لم تغادر فنادق وبارات وشقق الخليج والقاهرة وعمان وبيروت.

والعجيب في الامر ، ان لنا وزراء مجرد ديكورات وببغاوات ناطقة تُحرك عن بُعد يأكلون كما تاكل الانعام ولكنهم لايقدمون للمواطن اي خدمة ، فالكيلوا الكهرباء الذي كان بمبلغ 10 ريال تحول الى 170 ريال ، ووزير التجارة أصبح لا أرى لا اسمع لا اتكلم ، والتجار وقدة جهنم والسلطة تزاوجت مع رؤوس الاموال ومجلس النواب لايستطيع اقالة مشرف مقاس 4*6 مابالك بوزير فاسد .. ووزير النفط تحول الى بنك سري لجميع العملات ، ومؤسسة الغاز أصبحت ألغاز بالسوق السوداء، ووزير التربية في جهة والتعليم في جهة اخرى وكتب مدرسية مفقودة والنتائج على قفى من يشيل.

وكما قيل في المثل ، كذب المنجمون ولوصدقوا ، وماشطحة وتصريحات وزير الصحة طه المتوكل في التوصل لعلاج كورونا ، إلا واحدة “هله” ، والاغرب من ذلك الجسر الجوي المتواصل لطائرات الامم المتحدة الى مطار صنعاء نرى جعجعة دون ان نرى عجيناً.

ومن نوائب الدهر ان العربجي صار مسؤولاً ، والمنافق مستشار والاصلاحي والمؤتمري والاشتراكي والناصري صار حوثياً والجزء الاخر في أحضان الرجعية والبعض يشتغل خطين ، بينما صار قاطع الطريق مخبر وناهب الاراضي شيخ وسارق التلفونات مُحقق والصايع رجل دين والشيطان مفتي ، وتاجر الاسمدة المسمومة ومروج المخدرات دولة، وفلان طلع عقيد بسرعة الطير واركان حرب غفير ، والشرفاء والوطنيين خليك في البيت ، والاكاديمي مشلول والمعلم مضربة ، والوزير مسلح والبيطري أوبهة والمشعوث طبيب ،والطبيب سمكري والمرتزق وطني والوطني متهم والمسؤول عميل والعميل وزير ، والمهندس قهوجي ، والمزمر فنان حتى صرنا نردد عمياء تكحل مجنونة!!؟.

أخيراً .. لابديل إلا بالتسامح والتعايش والجلوس على طاولة الحوار اليمني من اجل السلام واستعادة الدولة اليمنية التي تحفظ دماء وأموال واعراض كل يمني مالم فدول التحالف وامريكا ستستنزف الجميعوتحول الجميع الى مجرد عصابات وقطع طرق ورؤساء اقسام شرطة .. فهل من رجل رشيد؟

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

لعنة البترودولار!

د.طارق ليساوي* أن الدرس الأهم الذي ينبغي ان نستخلصه من ليبيا و سوريا و العراق …