نور ملحم*
تتزايد حدة الصراع من عاماً إلى أخرى، مع زيادة عدد الضحايا بنسبة 15% في عام 2023، لتسجل ما لا يقل عن 167 ألف ضحية خلال عام، كما ارتفع عدد حوادث العنف بنسبة 28% في العام الماضي مقارنة بعام 2022، كما زادت حوادث العنف السياسي بنسبة 27% على مستوى العالم ، حيث تعرض ما يُقدر بنحو 1.7 مليار شخص لآثارها المدمرة من الجوع والعطش والنزوح والتهجير القسري والانتهاكات الحقوقية، وهذا يدل على أن الاحتياجات الإنسانية وتحقيق الاستقرار وإعادة الإعمار أصبحت ملحة بشكل متزايد في العديد من الأماكن حول العالم
خلال العام الماضي تصدر المشهد الإعلامي على صراعيين رئيسيين هما حرب الكيان الإسرائيلي على غزة والحرب الروسية – الإوكرانية ، رغم وجود صراعات كثيرة في أماكن أخرى تهدد العالم وسط سفك الدماء والتعذيب المستمر .
ربما حاول العديد من الناشطون السياسيون والصحفيون تسليط الضوء على علاقات باكستان المتدهورة مع الجيران والتحديات المتعددة الأوجه التي يفرضها نفوذ الصين المتزايد في المنطقة، وخاصة تأثيرها على الأقليات العرقية والدينية في جميع أنحاء باكستان والمناطق المجاورة إضاقة للنظرة الثاقبة حول الصعود التاريخي للشيوعية في الصين وتداعياته على الأقليات العرقية والدينية داخل البلاد، مما أدى إلى تهجير وتهميش مجتمعات متنوعة .
فقد بات الأويغور والكازاخ وغيرهم من الأقليات المسلمة يواجهون جرائم ضد الإنسانية، وغير ذلك من الانتهاكات الجسمية لحقوق الإنسان التي تهدد بمحو هوياتهم الدينية والثقافية لذلك يجب الالتزام بزيادة إيصال أصوات المجتمعات المهمشة في المنطقة مع استمرار تصاعد التوترات .
لذلك يجب على المجتمع الدولي أن يرفع صوته ويوحِّد جهوده من أجل إنهاء هذا الوضع المقيت إلى غير رجعة وينبغي على الأمم المتحدة إنشاء وإيفاد آلية للتحقيق المستقل على وجه الاستعجال بهدف محاسبة كل المشتبه في مسؤوليتهم عن جرائم يعاقب عليها القانون الدولي.
بحكم أن معظم هذه الصراعات تغذيها مجموعة واسعة من الجهات الفاعلة، بما في ذلك القوات الحكومية والميليشيات المدعومة من الحكومة والجماعات المسلحة غير الحكومية والمنظمات الإجرامية وجماعات المرتزقة التي ارتكبت أعمال عنف ضد جهات مسلحة أخرى، وكذلك ضد المدنيين، مع الإفلات من العقاب في كثير من الأحيان.
وتشكل السياسات العدائية المتزايدة التي تنتهجها الدول الاستبدادية أحد الأسباب الرئيسية لإنهاء جهود حل الصراعات وصنع السلام، وكثيرًا ما تدعم هذه القوى الأنظمة وتتجاهل المبادئ الأساسية للقانون الإنساني الدولي، حتى الديمقراطيات في العالم تبدو عاجزة عن منع اندلاع الحروب في جميع أنحاء العالم، لذلك من غير المستغرب أن تؤدي الأنظمة الاستبدادية إلى إثارة الصراعات كما رأينا في حرب روسيا ، وكذلك تهديدات الصين تجاه تايوان
كما إن تعرض الأقليات للتهميش من خلال السماح بعمليات الهجرة الداخلية للأغلبية العرقية إلى مناطق تركز الأقليات أو منح عقود للشركات المتعددة الجنسيات في مناطق الأقليات، أشعل ثورة المقاومة للدفاع عن حقوقهم الاقتصادية. وقد لعبت الشركات الصينية، دوراً في هذا الصدد،حيث تسببت مشروعات مثل الممر الاقتصادي الصيني–الباكستاني، والممر الاقتصادي بين الصين وميانمار في تأجيج المقاومة في باكستان وميانمار.
ومن المتوقع أن ترتفع احتمالات التصعيد في ميانمار في ظل احتدام الصراع بين المجلس العسكري والمنظمات العرقية المسلحة الداعمة للديمقراطية، خاصة في أعقاب فشل الوساطة الصينية في الحد من التوترات بين الأطراف المتنازعة، كما تشهد باكستان احتمالاً مرتقباً لتسارع وتيرة التصعيدات من جانب حركة طالبان الباكستانية، خاصة في ظل إنهاء وقف إطلاق النار بين القوات المسلحة الباكستانية وتنظيم ولاية “خراسان” التابع لتنظيم داعش ،ويفاقم من خطر التصعيد في باكستان تراجع الاقتصاد الباكستاني وحالة عدم الاستقرار السياسي التي تشهدها البلاد والتي قد تكون موضع توظيف الجماعات المسلحة فيحدث المزيد من التصعيدات.
وكان قد دعا العديد من الناشطين الدول التي تمارس الضغط الكبير على الأقليات بالوفاء الكامل بالتزاماتهم في مجال حقوق الإنسان وأن يكونوا قدوة إيجابية من خلال عكس اتجاه تآكل حقوق الإنسان والاستجابة للمخاوف المتكررة التي أثيرت من قبل مختلف آليات الأمم المتحدة.
*كاتبة سورية
شاهد أيضاً
كشف المستور في كتاب الحرب المنشور!
محمد عزت الشريف* لم يكن طوفان الأقصى محضَ صَولةٍ جهادية على طريق تحرير الأقصى وكامل …