الجمعة , نوفمبر 22 2024
الرئيسية / اراء / صنعاء ومأساة سقوط “المرنع”

صنعاء ومأساة سقوط “المرنع”

احمد الشاوش*

سقط ” مرنع” قبة المهدي المجاور لسائلة صنعاء القديمة يوم الاحد فوق عمال الترميم ، المكلفين بعمليات الصيانة والترميم والمحافظة على تراث وتاريخ مدينة صنعاء ، الجميلة مما أدى الى وفاة وإصابة نحو ثمانية عمال شكلت صدمة ومأساة للعاملين وساكني المدينة العتيقة.

المرنع الذي سقط عبارة عن بناء منحدر الشكل‮ ‬يحتوي‮ ‬بداخله على بئر المياه‮ ‬وهو مكان طويل على شكل منحدر‮ ‬يتيح للانسان او الدواب أن‮ ‬يسحب الماء من البئر إلى الأعلى‮ ، وهو علامة وأثر تاريخي ومعلم من معالم صنعاء القديمة ..

يقول بعض عقلاء الحي ومختصون ان المرنع تم ترميمه منذ خمسة أعوام ، وانه كان يحتاج الى خبراء في فن العمارة الصنعانية وان المرنع كان بحاجة الى هدم بالكامل واعادة بنائه من جديد للحفاظ على الطابع المعماري وتقويته ، وأن السبب الرئيسي في سقوط المبنى كان يرجع الى انه لايوجد له مداميك واركان يستند عليها وسطحه مبني من الياجور والقضاض او مايسمى بال ” جمّلول”.

وقعت الواقعة وحلت المأساة ونزلت على اهل صنعاء كالصاعقة بفقدان البعض وإصابة البعض الاخر من سكان الحي ورغم ذلك لم تستفد المجالس المحلية وهيئة المدن التاريخية من الدروس والعبر وخبرات الاساطية المحترفين والعقلاء والحكماء والمتخصصين وخبراء البنا ، أهم شيء ارساء المناقصة وتجميع عمال وبنائين من هذا الحي او ذلك المكان دون الالتزام بالمعايير الفنية وشروط السلامة.

المختصون يؤكدون أن العمل من تحت او اسفل المرنع لايؤدي الى نفس النتيجة التي سقط فيها الضحايا والتي يتحمل مسؤوليتها المجلس المحلي والهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية التي يقال انها أقصت واستبعدت خبراء البناء الصنعاني الاصيل ، وان الرقابة رخوة والاشراف خارج التغطية.

والسؤال الذي نطرحه على الجهات المختصة.. على مسؤولية من تقع هذه المأساة والكارثة الانسانية ومن الذي سيدفع التعويض عن دماء وحياة من سقط شهيداً تحت الانقاض ومن سيتكفل بعلاج من تمت اصابتهم وانقاذهم بسبب غياب الرقابة ومعايير وشروط السلامة.

الملاحظة الثانية وهو أستخدام المقاول الذي ينفذ اعادة صيانة ورصف حارة الفليحي وحارة طلحة ، باستخدام ” الدريل الكهربائ ” لقلع الاحجار السوداء السابقة المراد تغييرها ، مما يؤدي الى اهتزاز وتأثر اساسات ومنازل حارة طلحة وغيرها والتسبب في احداث بعض الاشراخ في البيوت لاقدر الله ، وكان الاولى والافضل من باب الحفاظ على اساسات ومنازل سكان الحي هو قلعها بوسيلة اخرى غير الدريل الذي يقلب الدنيا رأساً على عقب وأكثر ازعاجاً للحفاظ على مباني الناس العتيقة والمتهالكة ، ورغم الاحتجاج والصياح والشكاوى كما يقول البعض لم يعرهم أياً من المسؤولين أي تجاوب.

صحيح ان اعادة صيانة وبناء وسقوف وتقوية وتقصيص بيوت ومرانع ومقاشم ومساجد وأسواق ومعالم صنعاء القديمة المتهالكة خطوة جيدة للحفاظ على تراث وعبق وأصالة زهرة المدائن ، وان هناك جهود كبيرة تبذلها اليونسكو والجهات المسؤولة تستحق الشكر ، الا ان الامل ومطالب أهل صنعاء تتمثل في ان يلتزم المقاول والمنفذ بالعمل وفقاً للطابع المعماري والجودة واجراءات وشروط السلامة وان تكون الصيانة والعمل صورة طبق الاصل تعكس أصالة وتجدد مدينة سام.

حتى مؤسسة المياة عندما تم تغيير القصيب الحديدية المذحلة واستبدالها بالبلاستيك قبل فترة لم تتنبه الى مخاطر ذلك بعد اتمام المشروع وان صنعاء تحتاج عناية خاصة ووضع شروط السلامة في حالة تسرب المياه أو حدوث ماس كهربائي أو انفجار دبة غاز أو حدوث حريق مفاجئ للانقاذ بأقل الخسائر لو قدر الله وحدث تسرب للمياه.

ومايدعو للدهشة والاستغراب هو الحديث قبل فترة قليلة عن حدوث انفجار ماصورة او اثنتين قبل فترة في صنعاء القديمة خربت نحو ثلاثة بيوت تقريباً بسبب الاهمال واللامبالاة ، لا نقول المسؤول مؤسسة المياه فقط وانما حتى العشوائية في تمديد وتشابك خيوط واسلاك وخطوط شبكة الكهرباء ،

والسؤال الذي يطرحه الكثير من باب الحفاظ على صنعاء القديمة هو هل وضع الدفاع المدني خطة للتدخل السريع للدخول الى احياء وشوارع وزغاطيط صنعاء القديمة في حالة تسرب ماء او حدوث ماس كهربائي او انفجار دبة غاز أو حريق.. هل لدية سيارات صغيرة للدخول الى الاماكن الضيقة للانقاذ .. هل لدية غرف طوارئ في كل حي مجرد وصول بلاغ رسمي بحادث طارئ يتحرك بسرعة الطير لاطفاء الحرائق واسعاف المتضريين وبأقل الخسائر.. لا ادري؟.

والعجيب في الامر ،ان الامام يحي حميد الدين عندما كان يخرج يوم الجمعة دورة لاداء صلاة الجمعة بالجامع الكبير كان يمر من حارة الفليحي بالعربة والحرس والخيول وأحياناً من حارة طلحة ، وكان أهالي طلحة والفليحي يخرجوا الى الطريق و ” يحجروا “الامام يحي بعدم المرور بالعربة من حارتهم لانها تهدد منازلهم بالتشقق والدمار ، بحسب مانقله لي بعض الفقهاء والحكماء الكبار ، الا ان اهالي صنعاء اليوم لايستطيعون ان يوقوفوا أي عبث او خلل بعد ان أختلط الحابل بانابل وطغيان شعار “حق بن هادي” ..

بالفعل استجاب الامام يحي حميد الدين ، لطلب أهالي صنعاء وغير خط السير ، حتى لاتتأثر منازلهم من صوت ودك عجيل العربة وامتصاص غضبهم ، بينما اليوم لامقاول يسمع ولا مجلس محلي يستجيب ولا هيئة مدن تاريخية تتقصى الحقائق ولا مواطن يعقل .. ولولا الطاف الله لهبطت منازل صنعاء فوق بعضها ، جراء اطلاق الصواريخ والقنابل الارتجاجية في بداية الحرب ، وعمليات الهدم والبناء والصيانة والتجديد والحفريات والدفن الذي حولت مدينة صنعاء التاريخية الى أشبه بمريض يعاني من الموت السريري وخاضع لاكثر من عملية جراحية وكل يوم شطاط ورقاع وحفريات ..

أخيراً .. صنعاء القديمة جوهرة اليمن ، وزهرة المدائن العربية ، بيد فحااااام وهي في أمس الحاجة الى حكيم وخبير وبناء عبقري وناصح أمين ليعيد فيها الروح الى جسدها المتهالك ولملمة تراثها المتناثر واعادة سمعتها الطيبة وجمالها الفريد..
وقبل كل ذلك وقوف اهالي صنعاء ضد كل خلل وخطأ وتجاوز وتشويه للمدينة الجميلة من أي احتيال وفساد وتلاعب في تنفيذ اعمال الصيانة والبناء على مستوى السلطة والمتنفذين للانتصار لمدينتهم الجميلة التي تُعتبر قبلة اليمنيين والزائر العاشق.
* رئيس تحرير سام برس

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

كشف المستور في كتاب الحرب المنشور!

محمد عزت الشريف* لم يكن طوفان الأقصى محضَ صَولةٍ جهادية على طريق تحرير الأقصى وكامل …