د. محمد المعموري*
يقال ان العالم يتغير وان سياسة النظام الدولي قد تجاهلت الكثير من قوانينه وانصاعت بعد حرب اوكرانيا الى سطوة الشرق لتلتهب في طوفان الاقصى في 7أكتوبر ٢٠٢٣ ، هكذا يقال ولكن الحقيقة اننا امام مشهد تتجاذب احداثه اقطاب ، تحددها المصالح وتتناغم معها رغبات واطماع من اكل عليه الدهر وطموح من لم يشرب عليه الدهر بعد …، فتتنافس الاقطاب مرة على زعامة العالم ومرة تتأخر قليلا لتفتت اركان النظام الدولي ذاك النظام الذي انهارت ركائزه ، لتقوده امريكا نحو الدمار ، فتدار دفته بين خديعتنا وتوهمنا بان الكيان يتصرف ليحرج امريكا في حرب ستتوسع وتتوسع لقلع جذورنا وتحقيق اهداف الكيان والاغرب في كل هذا الصراع هو حالنا نحن العرب ولا أعني حكاما بل شعوبا فأوهمنا انفسنا بهذا النظام الدولي ولا زلنا مقيدين بأصفاده منتظرين حل للقضية الفلسطينية، وبعد ماذا؟، بعد ان اصبحت غزة رماد وبعد ان كانت ولازالت تصبح فتمسي تحت اصوات الانفجارات التي تعلن يوميا زيادة في عدد من يرتقي الى السماء ، ولا زلنا نحن ننظر الى “المتردية والنطيحة “تاركين ما أكل السبع فنحلل على انفسنا انغماسنا بملذات الدنيا ونحتفل مع ابنائنا واقربائنا في كل مناسبة حتى انني وجدت نفسي أأكل من ما زكيَ من السبع بعد ان استمعت الى امام مسجد وهو يبشر المسلمين ان يوم عيد الاضحى قد حل بيننا فأوهمهم بان هذا اليوم هو يوم ضحك واكل وسعادة وكأننا دفنا تحت ثرى غزة اقوام غير ابنائنا ، فتعجبت من حالنا ولذا أيقنت ان العالم حقا يسير بخطى ترسمها له سياسات غير التي كنا نتعامل معها .
الكل بدأ يبحث عن مصلحته وديمومة حياته ومستقبل بلده ونهوض امته الا العرب … ، فاليوم روسيا تعقد اتفاقات خارج النظام الدولي القديم فنراها تذهب مسرعتا نحو الصين لتسجل وجودها وتبرم الاتفاقيات مع كوريا الشمالية لضمان مساندتها واسنادها ، اما الكيان المحتل فهو يسير وفق خطته لتعزيز قبضته على غزة ومن ثم نهش جثت العربي اينما وجدوا على الارض العربية
لذلك فان الكيان المحتل وامريكا يسيران باتجاهين متناسقين ولكنهما يوهمان الامة العربية “شعوبا ” بان ادارة العم “بايدن ” ضد توجهات الكيان المحتل في غزو لبنان وتمرر المساعدات المالية واحدث انواع الاسلحة لديمومة ابادة وتدمير وقتل ابنائنا نهارا جهارا دون ان يتحرك الضمير العربي لا في حربها في طوفان الاقصى ولا بتهديدها بحرب “كما يدعون ” شاملة خاطفة تقلع جذور ابناء لبنان ولكنهم خاسئون فان جبهة لبنان ستكون لحدهم بأذن الله .
ولا اعلم لما تتسابق بعض الفضائيات العربية وبعض المحللين العرب ليقدموا لنا مادة “دسمة ” في توقيت هذا العدوان وسيناريوهاته التي ستكون برضا بعض حكام العرب وسكوت اغلبهم وكما فعل بغزة “لا سامح الله ” ستدمر لبنان ويقتل ابنائها ويهجر من تحمله قدماه الى جهة الله اعلم بمكانها .
وهناك اسئلة كثيرة “تعري “ادعاءات بايدن وسعيه للسلام وتباكيه على اطفال غزة ولومه لكيانه المحتل وعدم موافقته على حربه الموعودة على لبنان ، فاين اقتراحات بايدن الايقاف حرب غزة واين ضمانات المجتمع الدولي “اذا كان حقا هو مجتمعا ” في ايقاف الابادة الجماعية ،
لغزة والتهيؤ لتدمير لبنان ولن ولم ولا نسمع اي صوت ليوقف هذا العدوان .
ولكن هناك حقيقة ستنجلي اذا ما قادت امريكا حربها في لبنان ، فستكون حقا نهاية هذا الكيان فإننا على ثقة ان لبنان لن تحرق ولن تهب ابنائها قرابين لأمريكا وهذا الكيان وكما فعل بها في فيتنام وافغانستان والعراق وكما حرمت عليها مياه الخليج حيث رصدت من اليمن برجال أكفاء شجعان فان قبر امريكا سيكون في اول خطواتها لغزو لبنان ، وهذا ليس توقع وانما حقيقة لأننا نعلم ان امريكا لم تخوض حربا ضد اي شعب الا انسحبت من ارضه وهي تجر خلفها خزي الهزيمة وفداحة الخسائر وجرائم يندى لها الجبين كجريمة ابو غريب في العراق او غيرها من الجرائم التي سجلت في سفر احتلالها للشعوب وقتلها للأوطان ، وعلينا ان نسال اين مجلس الامن واين الامم المتحدة واين المنظمات الانسانية من هذا التهديد ، تهديد علني لدولة مستقلة عضو في الامم المتحدة وهل هذا يذكرنا بغزو العراق للكويت واين حسم وقرارات مجلس الامن وتجيش الجيوش لإخراج العراق من الكويت في عاصفة الصحراء عام ١٩٩١ ، ام ان هذا الكيان قد تغطى بعباءة امريكا ولن يكون عريان وان كل شيء يفعله من قتل وابادة وغزو لن يدرج ضمن قائمة الاعتداء وانتهاك سيادة البلدان فأي ميزان هذا الذي تزن به الاقدار ؟ .
واذا كان الكيان المحتل يتهيآ لقتل لبنان فأننا نذكره بان غزة هي العمق الاكثر اتساعا لحركة التحرير التي ستنطلق من على حدود لبنان لتحجم هذا العدو الغاشم وان صحوة العرب ستوقدها شرارة الغدر والقتل والتهجير فلا أظن ان الشعب العربي سيبقى متفرجاً لإبادة لبنان ولا اعتقد ان قوة في الكون ستوقف المد العربي ولن تسكت الغيرة العربية الشعبية لهذا الغزو الذي صمتت عنه بعض انظمة العرب كما صمتت على ابادة ابناء غزة في معركة كانت غزة وحدها تنتصر وما دونها رماد.
والسؤال المهم ، ماذا ننتظر ألم تمنحنا غزة شرف القتال فتراجعنا ، واليوم لما لانعد انفسنا لأمرين اما النصر او الشهادة، فلماذا نتثاقل الى الارض فنترك هذين الامرين ، وكيف سنواجه غدا رب العباد …؟.
قوله تعالى:
( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ) الانفال (60).
والله المستعان
*كاتب وباحث عراقي