الأحد , سبتمبر 8 2024
الرئيسية / اراء / خطاب نتنياهو ماالجديد؟!

خطاب نتنياهو ماالجديد؟!

نادية حرحش*
كانت متابعة خطاب نتانياهو مؤلمة ومسببة للغثيان بلا شك. ولكن لا يمكن الا القول انّ نتانياهو عاش لحظته التاريخية بلا منازع. فقد كان متألقاَ في ملعب يحب الاستعراض فيه. ولكن الأهم ليس ما قاله نتانياهو، وهو متوقع بين تزييف حقائق ومبالغة باستعراض بطولات وحشية. لربما كان مؤلماً رؤية الحقيقة العارية في ذلك الحدث، وهي حقيقة الموقف الأمريكي بأعلى هرمه، بصناع القرار فيه، بأصحاب التأثير الأهم في تلك البلاد. قد نظن ان للعدالة والحق مكاناً في بلاد تدعي انها الأكثر ديمقراطية في العالم. فأمريكا توزع صكوك العدل والمساواة على العالم. رأينا بالأمس ان للعدل والمساواة والحق والعدالة وجهاَ لا علاقة لنا نحن شعوب العالم المسحوق فيه. العالم الحقيقي هو “هم” وحقوقهم وديمقراطيتهم وعدالتهم وعدلهم ومساواتهم لشعوبهم ولمن يعتبرونه منهم. وإسرائيل جزء لا يتجزأ من هذه المنظومة المكونة لمعادلات الوجود الأمريكي. في المحصلة، إسرائيل تشكل مختبرا صغيرا للفكر الاستعماري الذي قامت به امريكا على مستوى قارة قبل بضعة قرون.
ربما حان الوقت ان ندرك جيداً أن أمريكا وإسرائيل هما وجهان للعملة ذاتها. ولهذا علينا نحن ان نتعامل مع هذه المعضلة وفقا لهذه الحقيقة. بالتأكيد لا أقول ان الجميع في نفس ميزان التقييم هذا، ولكن ما أقوله بالتأكيد، ان من يملك زمام أمور أمريكا هم من رأيناهم بالأمس في القاعة يصفقون لمجرم حرب بإعجاب وفخر ومساندة.
ما علينا التوقف امامه هو دورنا نحن المتلهثين امام الصناعات الامريكية والمساعدات الامريكية والفكر الأمريكي. أمريكا تملك اجندة إسرائيلية متماسكة عندما يتعلق الامر بنا. نحن لسنا موجودين في تلك الاجندة، وما هو مصلحة لإسرائيل مصلحة لأمريكا.
وسط محاولات عمل ما يمكن عمله في هذا الوضع الذي نجد أنفسنا فيه محاصرين وسط عجزنا الكبير. يبقى وعينا ويقيننا ان أمريكا بكل مكوناتها ليست وسيطاً. بل هي حليف لإسرائيل، وجزء اصيل من الحرب علينا. من ناحية، أفكر بالحاجة لمقاطعة الأموال الملطخة بدماء عشرات الاف ضحايا هذه الحرب الغاشمة. ومن ناحية أخرى، أفكر كيف يقاطع أهلنا في غزة تلك المساعدات التي تبقيهم علي قيد الحياة… حتى تطالهم غارة أمريكية إسرائيلية تودي بحياتهم.
ولكن، افكر هنا بكل الأشخاص والمؤسسات في داخل الوطن ممن يعتاشون على هذه الأموال الملطخة بالدم وتبيع الناس كذب التعايش وشعارات العدالة والمساواة. كيف يقبل انسان هذا على نفسه؟
ولا ينبغي التوقف عند عدم القبول بمثل هذا التمويل وهذه المساعدات والتي يرد معظمها من خلال المساعدات الرسمية الامريكية ، بل يجب إحكام المقاطعة على كل المؤسسات والشركات الامريكية والدولية التي تغذي عدوانية إسرائيل.
في هذه الازمة الإنسانية الكارثية التي ألمّت بنا، تكشّف الكثير من المستور لنوايا ومكامن الدول المختلفة. وعلى الرغم من الطاغوت الأمريكي الذي تتحرك اسرائيل بجبروته، الا ان هناك المبدئيين في هذا العالم الذين يميزون الخير عن الشر، الحق عن الباطل، القتل عن الرحمة، ولا يتصرفون وفق السطوة العرقية او الدينية. وانما على أساس الحقوق الجامعة التي تكفلها القوانين الإنسانية لكافة البشر. ولقد رأينا ونرى يوميا مشاهد وافعال شجاعة وجريئة من افراد ومؤسسات وحكومات.
لقد رأينا في هذه الكارثة ان هناك يهودا يحاربون من اجل الحق، ورأينا أمريكيين في الشوارع والجامعات يُضربون ويسجنون من اجل الظلم الواقع على فلسطين، ورأينا في أوروبا وبريطانيا ودولا مختلفة الأصوات المطالبة بوقف سفك الدم الفلسطيني والدمار الشامل الواقع علينا من قبل حكومة أمريكا وإسرائيل. رأينا موقف الأمين العام للأمم المتحدة، وموقف المحكمة الجنائية الدولة، ومحكمة العدل الدولية، نرى تباعا مواقف المفوضية الأممية فرانشيسكا البانيز، وموقف عضو الكونغرس الأمريكي بيرني ساندرز، وغيرهم. نرى كذلك وقوف دول وبرلمانات ومؤسسات وأطباء وصحفيين وفنانين ومؤثرين مع قضيتنا في وجه القتل والدمار الذي يطال شعبنا بلا رحمة.
وكذلك لا يمكن استثناء الإسرائيليين الذين يحاولون الوقوف ضد هذا العدوان على الرغم من قلتهم وضعف صوتهم. ولكنهم مثلنا بلا حول او قوة.
ربما حان الوقت لنتعامل مع الواقع بلا كذب على أنفسنا، ونبدأ من الاعتراف ان أمريكا لم تكن ابدا وسيطا ولا لاعبا خارجيا في الصراع مع إسرائيل. أمريكا كانت دوما جزءا من المصلحة الإسرائيلية وكأنها الولاية الامريكية الأهم. ربما لأن وجود إسرائيل يضمن لأمريكا الهيمنة على الشرق الأوسط.
*كاتبة فلسطينية

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

نتنياهو كذّاب وفاشي بامتياز!

د. جاسم يونس الحريري* في28 نوفمبر2011 وبسبب خطأ فني في تقنية الاتصالات كشف عن فحوى …